Tafsir al-Tabari - Jami' al-Bayan
تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث
د ایډیشن شمېره
بدون تاريخ نشر
ژانرونه
له ذلك المخرجُ منه نجاةٌ. وكذلك إذا نُجِّي منه، فقد نُصِر على من بَغَاه فيه سُوءًا، وفُرِق بينه وبين باغيه السُّوءَ.
فجميع ما روينا -عمن روينا عنه- في معنى "الفرقان"، قولٌ صحيح المعاني، لاتفاق معاني ألفاظهم في ذلك.
وأصل "الفُرْقان" عندنا: الفرقُ بين الشيئين والفصل بينهما. وقد يكون ذلك بقضاءٍ، واستنقاذٍ، وإظهار حُجَّة، ونَصْرٍ (١) وغير ذلك من المعاني المفرِّقة بين المحقّ والمبطِل. فقد تبين بذلك أنّ القرآن سُمّي "فرقانًا"، لفصله -بحججه وأدلَّته وحدود فرائضه وسائر معاني حُكمه- بين المحق والمبطل. وفرقانُه بينهما: بنصره المحقّ، وتخذيله المبطل، حُكمًا وقضاءً.
وأما تأويل اسمه الذي هو "كتابٌ": فهو مصدر من قولك "كتبت كتابًا" كما تقولُ: قمت قيامًا، وحسبت الشيء حسابًا. والكتابُ: هو خطُّ الكاتب حروفَ المعجم مجموعةً ومفترقة. وسُمي "كتابًا"، وإنما هو مكتوب، كما قال الشاعر في البيت الذي استشهدنا به:
وفيها كِتابٌ مثلَ ما لَصِقَ الغِراءُ
يعني به مكتوبًا.
وأما تأويل اسمه الذي هو "ذِكْرٌ"، فإنه محتمل معنيين: أحدهما: أنه ذكرٌ من الله جل ذكره، ذكَّر به عباده، فعرَّفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائرَ ما أودعه من حُكمه. والآخر: أنه ذكرٌ وشرف وفخرٌ لمن آمن به وصدَّق بما فيه، كما قال جل ثناؤه: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [سورة الزخرف: ٤٤]، يعني به أنه شرفٌ له ولقومه.
(١) في المطبوعة: "وتصرف" مكان "ونصر"، وهو خطأ محض.
1 / 99