Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar

Al-Tabari d. 310 AH
86

Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar

تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر

پوهندوی

د عبد الله بن عبد المحسن التركي

خپرندوی

دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

ژانرونه

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ أَسْمَاءِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: صَحَّ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ، يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ، هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي» فَهَذِهِ أَسْمَاءُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُمِّيَتْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، لِأَنَّهَا يُفْتَتَحُ بِكِتَابَتِهَا الْمَصَاحِفُ، وَيُقْرَأُ بِهَا فِي الصَّلَوَاتِ، فَهِيَ فَوَاتِحُ لِمَا يَتْلُوهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ، لِتَقَدُّمِهَا عَلَى سَائِرِ سُوَرِ الْقُرْآنِ غَيْرِهَا، وَتَأَخُّرِ مَا سِوَاهَا خَلْفَهَا، فِي الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ. وَذَلِكَ مِنْ مَعْنَاهَا شَبِيهٌ بِمَعْنَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا لِكَوْنِهَا كَذَلِكَ أُمُّ الْقُرْآنِ لِتَسْمِيَةِ الْعَرَبِ كُلَّ جَامِعٍ أَمْرًا أَوْ مُقَدَّمًا لِأَمْرٍ، إِذَا كَانَتْ لَهُ تَوَابِعُ تَتْبَعُهُ، هُوَ لَهَا إِمَامٌ جَامِعٌ أُمًّا، فَتَقُولُ لِلْجِلْدَةِ الَّتِي تَجْمَعُ الدِّمَاغَ أُمَّ الرَّأْسِ، وَتُسَمِّي لِوَاءَ الْجَيْشِ وَرَايَتَهُمُ الَّتِي يَجْتَمِعُونَ تَحْتَهَا لِلْجَيْشِ أُمًّا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ رَايَةً مَعْقُودَةً، عَلَى قَنَاةٍ يَجْتَمِعُ تَحْتَهَا هُوَ وَصَحْبُهُ: [البحر الطويل] ⦗١٠٦⦘ وَأَسْمَرَ قَوَّامٍ إِذَا نَامَ صُحْبَتِي ... خَفِيفَ الثِّيَابِ لَا تُوَارِي لَهُ أَزْرَا عَلَى رَأْسِهِ أُمٌّ لَنَا نَقْتَدِي بِهَا ... جِمَاعُ أُمُورٍ لَا نُعَاصِي لَهَا أَمْرَا إِذَا نَزَلَتْ قِيلَ انْزِلُوا وَإِذَا غَدَتْ ... غَدَتْ ذَاتَ بِرْزِيقٍ نَنَالُ بِهَا فَخْرَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ: عَلَى رَأْسِهِ أُمٌّ لَنَا أَيْ عَلَى رَأْسِ الرُّمْحِ رَايَةٌ يَجْتَمِعُونَ لَهَا فِي النُّزُولِ وَالرَّحِيلِ وَعِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَكَّةَ سُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرَى، لِتَقَدُّمِهَا أَمَامَ جَمِيعِهَا، وَجَمْعِهَا مَا سِوَاهَا، وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَرْضَ دُحِيَتْ مِنْهَا، فَصَارَتْ لِجَمِيعِهَا أُمًّا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ الْهِلَالِيِّ: [البحر الطويل] إِذَا كَانَتِ الْخَمْسُونَ أُمُّكَ لَمْ يَكُنْ ... لِدَائِكَ إِلَّا أَنْ تَمُوتَ طَبِيبُ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ جَامِعَةٌ مَا دُونَهَا مِنَ الْعَدَدِ، فَسَمَّاهَا أُمًّا لِلَّذِي قَدْ بَلَغَهَا. وَأَمَّا تَأْوِيلُ اسْمِهَا أَنَّهَا السَّبْعُ فَإِنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ، لَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْآيِ الَّتِي صَارَتْ بِهَا سَبْعَ آيَاتٍ. ⦗١٠٧⦘ فَقَالَ أَعْظَمُ أَهْلِ الْكُوفَةِ: صَارَتْ سَبْعَ آيَاتٍ، بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالتَّابِعِينَ. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ سَبْعُ آيَاتٍ، وَلَيْسَ مِنْهُنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَلَكِنِ السَّابِعَةُ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ؛ وَذَلِكَ قَوْلُ أَعْظَمِ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمُتَفَقِّهِيهِمْ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَابَ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ، فِي كِتَابِنَا اللَّطِيفُ فِي أَحْكَامِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ بِوَجِيزٍ مِنَ الْقَوْلِ، وَسَنَسْتَقْصِي بَيَانَ ذَلِكَ بِحِكَايَةِ أَقْوَالِ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَالْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي كِتَابِنَا الْأَكْبَرِ فِي أَحْكَامِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ. وَأَمَّا وَصْفُ النَّبِيِّ ﷺ آيَاتِهَا السَّبْعَ بِأَنَّهُنَّ مَثَانٍ، فَلِأَنَّهَا تُثَنَّى قِرَاءَتُهَا فِي كُلِّ صَلَاةِ تَطَوُّعٍ وَمَكْتُوبَةٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَتَأَوَّلُ ذَلِكَ

1 / 105