Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar
تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر
پوهندوی
د عبد الله بن عبد المحسن التركي
خپرندوی
دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
ژانرونه
إِيَّاهُمْ، بِمَا أَمِنَ عَلَيْهِمْ مَعَهُ عَظِيمَ الْبَلَاءِ فِي الدِّينِ، مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَجَمَعَهُمْ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ، وَحَرْفٍ وَاحِدٍ، وَحَرَقَ مَا عَدَا الْمُصْحَفِ الَّذِي جَمَعَهُمْ عَلَيْهِ، وَعَزَمَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مُصْحَفٌ مُخَالِفٌ الْمُصْحَفَ الَّذِي جَمَعَهُمْ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِقَهُ، فَاسْتَوْثَقَتْ لَهُ الْأُمَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِالطَّاعَةِ، وَرَأَتْ أَنَّ فِيمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ الرُّشْدَ وَالْهِدَايَةَ، فَتَرَكَتِ الْقِرَاءَةَ بِالْأَحْرُفِ السِّتَّةِ، الَّتِي عَزَمَ عَلَيْهَا أَمَامُهَا الْعَادِلُ فِي تَرْكِهَا، طَاعَةً مِنْهَا لَهُ، وَنَظَرًا مِنْهَا لِأَنْفُسِهَا، وَلِمَنْ بَعْدَهَا مِنْ سَائِرِ أَهْلِ مِلَّتِهَا، حَتَّى دَرَسَتْ مِنَ الْأُمَّةِ مَعْرِفَتُهَا، وَتَعَفَّتْ آثَارُهَا، فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ الْيَوْمَ إِلَى الْقِرَاءَةِ بِهَا لِدُثُورِهَا، وَعَفْوِ آثَارِهَا، وَتَتَابُعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَفْضِ الْقِرَاءَةِ بِهَا، مِنْ غَيْرِ جُحُودٍ مِنْهَا صِحَّتَهَا وَصِحَّةَ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَكِنْ نَظَرًا مِنْهَا لِأَنْفُسِهَا وَلِسَائِرِ أَهْلِ دِينِهَا، فَلَا قِرَاءَةَ الْيَوْمَ لِلْمُسْلِمِينَ أَلَا بِالْحَرْفِ الْوَاحِدِ، الَّذِي اخْتَارَهُ لَهُمْ أَمَامُهُمُ الشَّفِيقُ النَّاصِحُ، دُونَ مَا عَدَاهُ مِنَ الْأَحْرُفِ السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ. فَإِنْ قَالَ بَعْضُ مَنْ ضَعُفَتْ مَعْرِفَتُهُ: وَكَيْفَ جَازَ لَهُمْ تَرْكُ قِرَاءَةٍ أَقْرَأَهُمُوهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَأَمَرَهُمْ بِقِرَاءَتِهَا؟ قِيلَ: إِنَّ أَمْرَهُ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ أَمْرَ إِيجَابٍ وَفَرْضٍ، وَإِنَّمَا كَانَ أَمْرَ إِبَاحَةٍ وَرُخْصَةٍ، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضًا عَلَيْهِمْ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْ تِلْكِ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ، عِنْدَ مَنْ يَقُومُ بِنَقْلِهِ الْحُجَّةَ، وَيَقْطَعُ خَبَرَهُ الْعُذْرُ،
1 / 59