سورة البقرة [٢: ٧٩]
﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾:
نزلت هذه الآية؛ كما قال ابن عبّاس ﵄: في الّذين حرفوا التّوراة، وغيَّروا صفة النّبيِّ ﷺ؛ فالله ﷾ يتوعدهم بالويل.
﴿فَوَيْلٌ﴾: الفاء للتأكيد. والويل: هو العذاب، والهلاك، وقد تستعمل كلمة الويل؛ للحسرة، والغفلة، والفضيحة.
﴿يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ﴾: أي: يحرفونه؛ بالتغيير، والتبديل، والإضافة والحذف، وتغيير المعنى، فيكتبونه من جديد.
﴿بِأَيْدِيهِمْ﴾: الباء: جاءت للتوكيد؛ لأنّ من المعلوم أنّ الكتابة؛ تتم باليد.
﴿ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾: ﴿ثُمَّ﴾: لتباين الصفات، بين كونه من عند الله، أو مكتوبًا بأيديهم، أو أنّ ما يقولونه؛ هو من عند الله؛ أعظم، وأشد، من الكتابة بأيديهم.
﴿لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾: اللام في ليشتروا؛ للتوكيد.
أي: هم يحرفونه؛ ليأخذوا ثمنًا، على تحريفهم، ومهما أخذوا مالًا؛ كثمن لتحريفهم، ومهما بلغ هذا الثمن العظيم، فهو قليل مقابل ما خسروا في آخرتهم من الجنة والنعيم.
ارجع إلى الآية (٧٧) من سورة آل عمران للبيان.
﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾: تكرار كلمة الويل، ثلاث مرات للتوبيخ، والتقريع، على جريمة التحريف.
﴿لَهُمْ﴾: اللام؛ لام الاختصاص؛ لهم خاصة.
﴿مِمَّا﴾: مركبة من + ما، من البعضية، وما اسم موصول، بمعنى الذي.
وتكرار كلمة الكتابة؛ تدل على التّوكيد، وعلى وقوع الكتابة، والتحريف، بأيديهم.
﴿وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾: من مال ورشوة، وسحت، وحرام، ولم يقل: وويل لهم مما يكتسبون؛ لأنّ الكسب يستعمل في الأمر الحلال، واكتسب على وزن افتعل. في الأمر الحرام، فلماذا استعمل يكسبون بدلًا من يكتسبون؟ لأنّ كسبهم للمال الحرام أصبح أمرًا عاديًا لا حرج فيه، واعتادوا عليه، فأصبح أخذه سهلًا، كما يأخذوا المال الحلال.
فبدلًا من كلمة يكتسبون استعمل يكسبون.
ارجع إلى الآية (٢٨٦) من سورة البقرة لمزيد من البيان.
1 / 86