101

Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'

تفسير القرآن الثري الجامع

ژانرونه

سورة البقرة [٢: ٩٠]
﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾:
﴿بِئْسَمَا﴾: بئس من أفعال الذم. ما: نكرة؛ أي: بئس الشيء، الذي اشتروا به أنفسهم، وبئس الذي اشتروا به أنفسهم؛ أي: باعوا أنفسهم، واشتروا الكفر، بعد أن رفض اليهود الإيمان برسول الله ﷺ، وطردهم الله من رحمته. يُقبح الله ﷿ سلوكهم؛ إذ باعوا أنفسهم رخيصة، باعوها بالكفر، فلم يؤمنوا بالقرآن ونبيه ﷺ.
﴿بَغْيًا﴾: والبغي: هو أخذ حق الغير بقوة، وقهر، وتعسف يعني: التعدي والظلم المؤدي إلى الفساد، والحسد: هو تمني زوال النعمة عن المحسود؛ فهذا ظلم للمحسود وبغيًا عليه، والمحسود هو رسول الله ﷺ، أن تنزل عليه الرسالة من بينهم؛ إذ كانوا يظنون أنهم أحق بها؛ لأنهم ورثوا كل الرسالات السابقة. وقد فوجئوا بأنه ليس منهم؛ فملأ الحسد قلوبهم، وأعلنوا مقاومتهم وعصيانهم.
﴿أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾: أي: الوحي، وبالتالي النبوة، والكتاب، فاختيار الرسل فضل من الله سبحانه.
﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾؛ أمثال: محمّد ﷺ، أو الأنبياء، والرسل من قبله، حسب ما تقتضيه حكمته سبحانه.
﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ﴾.
﴿فَبَاءُوا﴾: الفاء؛ للتوكيد. باؤوا: استحقوا، ورجعوا. ﴿بِغَضَبٍ﴾: الباء: للإلصاق، بمعنى: لزمهم الغضب، ولحق بهم، وهو أشد اللعن، ولم يفارقهم.
واستعمال الغضب، في صفات الله؛ مجاز، وحقيقته إيجاب العقاب على المغضوب عليه.
﴿بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾: والتنكير؛ للتعظيم.
فالغضب الأول: هو لأنهم لم ينفِّذوا ما جاء في التّوراة، ولأنهم حرَّفوها. وقيل: لعبادتهم العجل. وقيل: بسبب كفرهم بعيسى والإنجيل.
والغضب الثّاني: بسبب كفرهم بمحمد ﷺ، والقرآن، رغم أنه مذكور عندهم في التّوراة، ومطلوب منهم أن يؤمنوا به.
﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾: وللكافرين؛ اللام لام الاختصاص، والاستحقاق. (الكافرين)؛ الّذين أصبح الكفر صفة ثابتة عندهم، واستمروا عليه.
﴿عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾: شديد الألم؛ مرفوق بالإهانة، والذل؛ لكونه أمام النّاس، أو أمام أتباعهم.

1 / 97