Tafsir al-Qur'an al-Karim wa I'rabuhu wa Bayanuhu - al-Durra
تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه - الدرة
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
ژانرونه
يناقض الهداية، حيث قالوا: ﴿صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضّالِّينَ﴾ فكما سألوه أن يهديهم؛ سألوه أن لا يضلّهم، وكذلك يدعون، فيقولون: ﴿رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا..﴾. إلخ رقم [٨] من سورة (آل عمران)، انتهى.
﴿غَيْرِ:﴾ اسم شديد الإبهام، ك «مثل» لا يتعرف بالإضافة لمعرفة، وغيرها، وهو ملازم للإضافة، ويجوز أن يقطع عنها إن فهم المعنى، أو تقدمت عليها كلمة ليس، يقال: قبضت عشرة ليس غير، وهو مبني على الضم، أو على الفتح، خلاف، وإن أردت الزيادة؛ فانظر مبحثها في كتابنا: «فتح القريب المجيب».
﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضّالِّينَ:﴾ اختلفت في المغضوب عليهم، والضّالين من هم؟ وجاء ذلك مفسرا عن النبي ﷺ في حديث عبيد بن حاتم الطائي، وقصّة إسلامه حيث قال: هم اليهود، وعن قوله تعالى: ﴿وَلا الضّالِّينَ﴾ قال: هم النصارى، أخرجه أبو داود، والتّرمذيّ، وأحمد، ويشهد لهذا التّفسير أيضا قوله تعالى في اليهود: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ﴾ الآية رقم [٦١] من سورة (البقرة)، وقوله تعالى في سورة المائدة رقم [٦٠]:
﴿مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ﴾. وقال جل ذكره في النصارى: ﴿قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ﴾ هذا وفي الآية الكريمة تحذير للمؤمن من مسالك أهل الباطل؛ لئلا يحشر مع سالكيه يوم القيامة، ومن تشبّه بقوم فهو منهم.
هذا والأصل في ﴿الضّالِّينَ:﴾ (الضّاللين) حذفت حركة اللام الأولى، ثمّ سكنت، ثم أدغمت اللام في اللام، فاجتمع ساكنان: مدّة الضاد بالألف، واللام المدغمة، وقرأ أيوب السختياني: («ولا الضألين») بهمزة غير ممدودة كأنه فر من التقاء الساكنين، وهي لغة، حكاها أبو زيد، قال: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ قوله تعالى في سورة (الرحمن): (﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ﴾) فظننته قد لحن حتى سمعت من العرب دأبة وشأبة، قال أبو الفتح: وعلى هذه اللغة قول كثير عزّة: [الطويل]
... إذا ما العوالي بالعبيط احمأرّت
انتهى قرطبي. هذا وقد راجعت قصيدة كثير عزة التائية في شرحي شواهد المغني للسيوطي والبغدادي، فلم أجد هذه الشطرة فيها، ومن أبياتها الشواهد رقم [٧٢٨ و٧٧٣ و٨٥٢] من كتابنا فتح القريب المجيب.
تنبيه: يسن للقارئ أن يقول بعد الفراغ من الفاتحة في الصلاة وخارجها بعد سكتة على نون (﴿وَلا الضّالِّينَ﴾): آمين؛ ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن، وقد أطال القرطبي رحمه الله تعالى الكلام في فضله وفضائله، آخذا من أحاديث الرسول ﷺ وأقوال السلف الصالح، والصحيح:
1 / 26