Tafsir al-Quran al-Azim - Al-Sakhawi
تفسير القرآن العظيم - السخاوي
ایډیټر
د موسى علي موسى مسعود، د أشرف محمد بن عبد الله القصاص
خپرندوی
دار النشر للجامعات
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
ژانرونه
والمريض أن يصوموا رمضان، وقال: الواجب في حقه وحق المسافر عدة من أيام أخر (^١).
كان في ابتداء الإسلام إن شاء القادر أن يصوم فعل، وإن شاء أن يفطر ويكفر جاز.
ومنه: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ﴾، ثم قال: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ ثم نسخ بقوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ فتحتم الصيام.
قوله: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ يريد الاطلاع وقربه - سبحانه - ليس معلقا على شرط، بل الجواب محذوف، والمراد: وإذا سألك عبادي عني فقل: إني قريب.
وكان في ابتداء وجوب الصوم يجوز الأكل إلى العشاء ما لم ينم، فإن نام قبل العشاء حرم عليه الأكل إلى المغرب من الليلة القابلة، وكذلك الجماع، وإن بعض الصحابة جامع امرأته بعد العشاء وشكا ذلك إلى النبي ﷺ فنزل تحليل الأكل والجماع إلى طلوع الفجر (^٢). وعنى بالخيط الأبيض: الفجر، وبالخيط الأسود: الليل. ﴿وَتُدْلُوا﴾ يجوز أن يكون مجزوما، عطفا على قوله: ﴿وَلا تَأْكُلُوا﴾ أو منصوبا بالواو.
(^١) ذكر ابن عبد البر في الاستذكار (٣/ ٢٩٨ - ٣٠٠) عن أنس بن مالك أنه قال: «سافرنا مع رسول الله ﷺ في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم». وأن عمرو الأسلمي قال لرسول الله ﷺ: «يا رسول الله إني رجل أصوم أفأصوم في السفر؟ فقال له رسول الله ﷺ: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر» وأن عبد الله بن عمر كان لا يصوم في السفر، وعن هشام بن عروة عن أبيه: «أنه كان يسافر في رمضان ونسافر معه فيصوم عروة ونفطر نحن فلا يأمرنا بالصيام». ثم قال أبو عمر بن عبد البر: قوله: وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله ﷺ يقولون: إنه من كلام ابن شهاب، وفيه دليل أن في حديث رسول الله ﷺ ناسخا ومنسوخا، واحتج من ذهب إلى أن الفطر أفضل في السفر لأن آخر فعل رسول الله ﷺ الفطر في السفر، ورواه معمر عن الزهري وقال فيه: قال الزهري فكان الفطر آخر الأمرين، وفي هذا الحديث إباحة السفر في رمضان. وفي ذلك رد لقول من قال: من دخل عليه رمضان لم يجز له أن يسافر فيه إلا أن يصوم؛ لأنه قد لزمه صومه في الحضر ولو دخل عليه رمضان في سفره كان له أن يفطر في سفره ذلك، قال: وفي هذا الحديث أيضا رد لقول من زعم أن الصيام في السفر لا يجزئ؛ لأن الفطر عزيمة من الله - تعالى - روي معنى ذلك عن عمر وابن عمر وأبي هريرة وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس على اختلاف عنه وعن الحسن البصري مثله، وبه قال قوم من أهل الظاهر، وأحاديث هذا الباب تدفع هذا القول وتقضي بجواز الصوم للمسافر إن شاء وأنه مخير إن شاء صام وإن شاء أفطر؛ لأن رسول الله ﷺ صام في السفر وأفطر، وعلى التخيير في الصوم أو الفطر للمسافر جمهور العلماء وجماعة فقهاء الأمصار.
وقال ابن قدامة في المغني (٣/ ٩٠): والأفضل عند إمامنا (يعني: الإمام أحمد بن حنبل) ﵀ الفطر في السفر وهو مذهب ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب والشعبى والأوزاعى وإسحاق، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: الصوم أفضل لمن قوي عليه ويروى ذلك عن أنس وعثمان بن أبي العاص.
(^٢) رواه الطبري في تفسيره (٢/ ١٦٦)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (١/ ٤٧٧).
1 / 100