Tafsir Al-Muntasir Al-Kattani
تفسير المنتصر الكتاني
ژانرونه
تفسير قوله تعالى: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم)
قال تعالى يخاطب رسوله ﷺ: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ [الكهف:٦].
فما ستقصه على قومك مما سألوك عنه ووجههم إليه يهود المدينة سيكذبونك فيه، ولن يصدقوك، فقد سألوك وأجبت، فما آمنوا ولا صدقوا، فلم يسألوك رغبة في العلم، ولا سعيًا في معرفة الحقيقة، وما ذلك إلا التحدي، وما هو إلا التعجيز، وما هو إلا العناد، فأرح نفسك، ولا تهلكها ولا تتعبها.
يقول تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ﴾ [الكهف:٦] أي: مهلك نفسك، وقاض عليها، ومميتها؛ حرصًا على قومك وهدايتهم، وأسفًا على قومك حيث لم يؤمنوا بالحق مع الأدلة القاطعة التي تأتيهم بها مساء وصباحا، وليلًا ونهارا، فما تلك مهمتك، ولم تطالب بذلك، وإنما عليك البلاغ، وليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء.
فنبينا ﵊ هو كما وصفه ربه: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ [التوبة:١٢٨].
فكان عزيزًا عليه وصعبًا عنت قومه، وعناد قومه، وإصرارهم على الكفر، بل عنت جميع الناس، فقد كان حريصًا على هدايتهم، فالله يقول له: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ [الكهف:٦].
فلعلك مهلك نفسك أسفًا وحزنًا عليهم وموجعها ومؤلمها؛ لأنهم لم يؤمنوا ولم يصدقوا، وليس عليك هداهم، فمن سبق في علم الله ضلاله وكفره فسيبقى كذلك، ولن تفيده موعظة، ولن تفيده دعوة، ولن تفيده معجزة.
1 / 7