Tafsir al-Baydawi
تفسير البيضاوى
پوهندوی
محمد عبد الرحمن المرعشلي
خپرندوی
دار إحياء التراث العربي
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٨ هـ
د خپرونکي ځای
بيروت
يرغب لأنه في معنى النفي. وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ حجة وبيان لذلك، فإن من كان صفوة العباد في الدنيا مشهودًا له بالاستقامة والصلاح يوم القيامة، كان حقيقًا بالاتباع له لا يرغب عنه إلا سفيه، أو متسفه أذل نفسه بالجهل والإعراض عن النظر.
[سورة البقرة (٢): آية ١٣١]
إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٣١)
إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ظرف ل اصْطَفَيْناهُ، أو تعليل له، أو منصوب باضمار اذكر. كأنه قيل: اذكر ذلك الوقت لتعلم أنه المصطفى الصالح المستحق للإمامة والتقدم، وأنه نال ما نال بالمبادرة إلى الإذعان وإخلاص السر حين، دعاه ربه وأخطر بباله دلائله المؤدية إلى المعرفة الداعية إلى الإسلام.
روي أنها نزلت لما دعا عبد الله بن سلام ابني أخيه: سلمة ومهاجرًا إلى الإسلام، فأسلم سلمة وأبي مهاجر.
[سورة البقرة (٢): آية ١٣٢]
وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢)
وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ التوصية هي التقدم إلى الغير بفعل فيه صلاح وقربة، وأصلها الوصل يقال:
وصاه إذا وصله، وفصاه: إذا فصله، كأن الموصي يصل فعله بفعل الموصى، والضمير في بها للملة، أو لقوله أسلمت على تأويل الكلمة، أو الجملة وقرأ نافع وابن عامر وَوَصَّى والأول أبلغ وَيَعْقُوبُ عطف على إِبْرَاهِيمَ، أي ووصى هو أيضًا بها بنيه. وقرئ بالنصب على أنه ممن وصاه إبراهيم يَا بَنِيَّ. على إضمار القول عند البصريين، متعلق بوصى عند الكوفيين لأنه نوع منه ونظيره:
رَجُلاَنِ مِنْ ضَبَّةَ أخْبَرَانا ... أَنَّا رأَيْنَا رَجُلًا عريَانا
بالكسر، وبنو إبراهيم كانوا أربعة: إسماعيل وإسحاق ومدين ومدان. وقيل: ثمانية. وقيل: أربعة عشر:
وبنو يعقوب إثنا عشر: روبيل وشمعون ولاوي ويهوذا ويشسوخور وزبولون ونفتوني ودون وكوذا وأوشير وبنيامين ويوسف إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ دين الإسلام الذي هو صفوة الأديان لقوله تعالى: فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ظاهره النهي عن الموت على خلاف حال الإِسلام، والمقصود هو النهي عن أن يكونوا على خلاف تلك الحال إذا ماتوا، والأمر بالثبات على الإسلام كقولك: لا تصلِّ إلا وأنت خاشع، وتغيير العبارة للدلالة على أن موتهم لا على الإسلام موت لا خير فيه، وأن من حقه أن لا يحل بهم، ونظيره في الأمر مت وأنت شهيد.
وروي أن اليهود قالوا لرسول الله ﷺ: ألست تعلم أن يعقوب أوصى بنيه باليهودية يوم مات فنزلت.
[سورة البقرة (٢): آية ١٣٣]
أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهًا واحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣)
أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ أَمْ منقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار، أي ما كنتم حاضرين إذ حضر يعقوب الموت وقال لبنيه ما قال فلم تدعون اليهودية عليه، أو متصلة بمحذوف تقديره أكنتم غائبين أم كنتم شاهدين. وقيل: الخطاب للمؤمنين والمعنى ما شاهدتم ذلك وإنما علمتموه بالوحي وقرئ «حَضِرَ» بالكسر.
إِذْ قالَ لِبَنِيهِ بدل من إِذْ حَضَرَ. مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي أي: أي شيء تعبدونه، أراد به تقريرهم على التوحيد والإسلام، وأخذ ميثاقهم على الثبات عليهما، وما يسأل به عن كل شيء ما لم يعرف، فإذا عرف خص العقلاء بمن إذا سئل عن تعيينه، وإن سئل عن وصفه قيل: ما زيد أفقيه أم طبيب؟. قالُوا نَعْبُدُ
1 / 107