151

د عقل سلیم لارښوونه

تفسير أبي السعود

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تفسیر
البقرة (١٢٢ - ١٢١) النافية بين المعطوفَيْن لتأكيد النفي لما مرَّ منْ أنَّ تصلُّبُ اليهودِ في أمثال هذه العظائم أشدُّ من النصارى والإشعارِ بأن رضى كلَ منهما مباينٌ لرضى الأخرى أي لن ترضى عنك اليهودُ ولو خلَّيتَهم وشأنَهم حتى تتبعَ ملّتهم ولا النصارى ولو تركتم ودينَهم حتى تتبع مِلَّتَهم فأُوجِزَ النظمُ ثقةً بظهور المراد وفيهِ من المبالغةِ في إقناطه ﷺ من إسلامهم ما لا غايةَ وراءَه فإنهم حيث لم يرضَوْا عنه ﵇ ولو خلاّهم يفعلون ما يفعلون بل أملّوا منه ﷺ مالا يكاد يدخُل تحت الإمكان من اتِّباعِه ﵇ لمِلّتهم فكيف يُتوهم اتباعُهم لملته ﵇ وهذه حالتُهم في أنفسهم ومقالتُهم فيما بينهم وأما أنهم أظهروها للنبي ﷺ وشافهوه بذلك وقالوا لن نرضى عنك وإن بالغْتَ في طلب رضانا حتى تتبعَ مِلَّتنا كما قيل فلا يساعدُهُ النظمُ الكريمُ بل فيه ما يدل على خلافه فإنَّ قولَه ﷿ ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الهدى﴾ صريحٌ في أنَّ ما وقع هذا جوابًا عنه ليس عينَ تلك العبارةِ بل ما يستلزم مضمونَها أو يلزمه من الدعوة إلى اليهودية والنصرانية وادعاء أن الاهتداءَ فيهما كقوله ﷿ حكايةً عنهم ﴿كُونُواْ هُودًا أَوْ نصارى تَهْتَدُواْ﴾ أي قل ردًا عليهم إِنَّ هُدَى الله الذي هو الإسلامُ هو الهدى بالحق والذي يحِقُّ ويصح أن يُسمَّى هُدىً وهو الهدى كلُّه ليس وراءه هُدىً وما تدْعون إليه ليس بهُدىً بل هو هوىً كما يعرب عنه قوله تعالى ﴿وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءهُم﴾ أي آراءَهم الزائغةَ الصادرةَ عنهم بقضية شهواتِ أنفسِهم وهي التي عُبّر عنها فيما قبلُ بملتهم إذ هي التي ينتمون إليها وأما ما شرعه الله تعالى لهم من الشريعة على لسان الأنبياءِ عليهم الصلاة والسلام وهو المعنى الحقيقيُّ للملة فقد غيّروها تغييرًا ﴿بَعْدَ الذي جَاءكَ مِنَ العلم﴾ أي الوحي أو الدين المعلومِ صحتُه ﴿مَا لَكَ مِنَ الله﴾ مِن جهته العزيزة ﴿مِن وَلِىّ﴾ يلي أمرَك عمومًا ﴿وَلاَ نَصِيرٍ﴾ يدفعُ عنك عقابَه وحيث لم يستلزم نفيُ الوليِّ نفيَ النصيرِ وُسِّط لا بين المعطوفين لتأكيد النفي وهذا باب التهييج والإلهابِ وإلا فأنى يُتوهم إمكانُ اتباعِه ﵇ لمِلّتهم وهو جوابٌ للقسم الذي وطّأه اللامُ واكتُفي به عن جواب الشرط
﴿الذين آتيناهم الكتاب﴾ هُم مُؤمنو أهلِ الكتابِ كعبدِ اللَّه بن سلام وأضرابِه ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾ بمراعاة لفظِه عن التحريف وبالتدبّر في معانيه والعمل بما فيه وهو حال مقدرةٌ والخبرُ ما بعدَهُ أو خبرٌ وما بعده مقرِّرٌ له ﴿أولئك﴾ إشارةٌ إلى الموصوفينَ بإيتاء الكتاب وتلاوتِه كما هو حقُّه وما فيه من معنى البعد للإيذانِ ببُعدِ منزلتِهم في الفضل ﴿يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ أي بكتابهم دون المحرِّفين فإنهم بمعزل من الإيمان به فإنه لا يجامِعُ الكفرَ ببعضٍ منه ﴿وَمن يَكْفُرْ بِهِ﴾ بالتحريف والكفرِ بما يصدِّقه ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون﴾ حيثُ اشترَوُا الكفرَ بالإيمانِ
﴿يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التى أنعمت عَلَيْكُمْ﴾ ومن جملتها التوراةُ وذكر النعمة إنما

1 / 153