97

تفسير

تفسير الهواري

ژانرونه

213

قوله : { كان الناس أمة واحدة } أي : على الإسلام . كانوا على شريعة واحدة من الحق كلهم .

ذكر لنا أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون ، يعني عشرة آباء ، كلهم يعمل بطاعة الله على الهدى وعلى شريعة الحق . ثم اختلفوا بعد ذلك ، فبعث الله نوحا؛ وكان أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض .

وقال بعضهم : ما قسم الله للعبد من رزق فلا يستطيع أحد صرفه .

وقال الكلبي : كانوا أمة واحدة في زمان نوح الذين ركبوا معه في السفينة وأبناؤهم فاختلفوا بعد .

قوله : { فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم } أي : حسدا بينهم؛ فكان في الناس مسلمون فيما بين نوح إلى صالح . ثم اختلفوا ، فولد إبراهيم في جاهلية؛ فكان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ويوسف وموسى وهم النبيون الذين بشروا وأنذورا . قال : { وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه } قال بعض المفسرين : بلغنا أن أول كتاب أنزل فيه الحلال والحرام التوراة كتاب موسى . قال : { وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم } أي : حسدا بينهم .

قوله : { فهدى الله الذين ءامنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه } [ أي بأمره ] . ذكروا أن رسول الله A قال : نحن الآخرون ونحن السابقون؛ وذلك أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم . ثم هذا يومهم الذي عرض عليهم ، يعني يوم الجمعة ، فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له . فاليوم لنا ، وغدا لليهود ، وبعد غد للنصارى .

قوله : { والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } أي : إلى الجنة ، والطريق : الإيمان .

قوله : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم } أي سنن الذين مضوا من قبلكم . { مستهم البأساء والضراء } البأساء : البؤس ، وهو الحاجة ، والضراء : المرض والجراح . وقال بعضهم : الضراء : الشدة والبلاء . { وزلزلوا } أي أصابتهم الشدة { حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله } . قال الله : { ألا إن نصر الله قريب } .

ذكروا عن الحسن أنه قال : لما نزلت هذه الآية جعل أصحاب النبي عليه السلام يقولون : ما أصابنا هذا بعد . فلما كان يوم الأحزاب وأصابهم ما أصابهم من الجهد أنزل الله : { يا أيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا } [ الأحزاب : 9-11 ] . وقال : { ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما } [ الأحزاب : 22 ] .

وقال بعضهم عن الحسن في قوله : { وزلزلوا } أي : وحركوا بالخوف . { حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله } . وذلك أن الله وعدهم النصر والظفر ، فاستبطأوا ذلك لما وصل إليهم من الشدة . فأخبر الله النبي عليه السلام والمؤمنين بأن من مضى من قبلهم من الأنبياء والمؤمنين كان إذا بلغ البلاء بهم هذا عجلت لهم نصري . فإذا ابتليتم أنتم بذلك فأبشروا ، فإن نصري قريب .

مخ ۹۷