إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا . { قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا } قال الله : { فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم } قال : لم يقبلوا ذلك وكفروا إلا قليلا منهم .
وإنما سألوا من الملك الذي بعثته الله فقال لهم : { إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا . قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه } إلى آخر الآية . قالوا ما آية ملكه التي يعرف بها أنه الملك ، قال : { إن ءاية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم } . والسكينة هي الوقار في تفسير الحسن . والتابوت من خشب . قال بعضهم : بلغنا أن طوله كان ذراعين وشبرا في ذراعين وشبر . قال كان موسى يضع فيه التوراة ومتاعه ومتاع هارون ، وهم يعرفونه . وكان الله رفعه حين قبض موسى بسخطه على اليهود ، وبما أحدث القوم بعده . فقال آية ملكه أن يأتيكم التابوت من السماء ، وأنتم تنظرون إليه ، فتحمله الملائكة عيانا من غير أن يكونوا رأوا الملائكة .
وقال الحسن وغيره في قوله : { فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني } : كان أحدهم يغترف الغرفة بيده فتجزيه ، يعنيان المؤمنين الذين استثنى في قوله : { فشربوا منه إلا قليلا منهم } وقال بعضهم : أما الكفار فجعلوا يشربون ، ولا يروون . وأما المؤمنون فجعل الرجل منهم يغترف غرفة فترويه وتجزيه .
قال بعض المفسرين : وهي تقرأ على وجهين : بفتح العين ورفعها : غرفة وغرفة . فمن قرأها غرفة فهو يعني الغرفة التي اغترف [ مرة واحدة ] كما تقول : إلا من فعل الفعلة . ومن قرأها غرفة ، فهو يعني الغرفة بعينها [ ملء اليد ] . وبعضهم يقرأها بمقرإ ثالث : إلا من اغترف غرفة ، يقول : إلا من فعل فعلة ، اغترف اغترافا .
{ قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين } فقيل للحسن : أليس القوم جيمعا كانوا مؤمنين ، الذين جاوزوا؟ قال : بلى! ولكن تفاضلوا بما سخت أنفسهم من الجهاد في سبيله .
وقال بعضهم : ذكر لنا أن نبي الله قال لأصحابه يوم بدر : أنتم اليوم بعدة أصحاب طالوت يوم لقى . وكان أصحاب رسول الله A ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا .
مخ ۱۲۲