تفسیر المراغي
تفسير المراغي
خپرندوی
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٣٦٥ هـ - ١٩٤٦ م
ژانرونه
[سورة البقرة (٢): الآيات ٨٧ الى ٨٨]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (٨٧) وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ (٨٨)
تفسير المفردات
قفاه به: إذا أتبعه إياه، وعيسى بالسريانية: يسوع ومعناه السيد أو المبارك، ومريم بالعبرية: الخادم لأن أمها نذرتها لخدمة بيت المقدس، والبينات: الحجج الواضحة التي أوتيها ﵇ من المعجزات، وأيدناه: أي قويناه، وروح القدس: أي الروح المقدس المطهر، وهو جبريل ﵇ الذي ينزل على الأنبياء ويقدّس نفوسهم ويزكّيها، ويطلق عليه الروح الأمين كما قال: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) والغلف: واحدها أغلف وهو الذي لا يفقه ما يقال له.
المعنى الجملي
جرت سنة الله في البشر أنه إذا طال عليهم الأمد بعد أن تأتيهم الرسل تقسو منهم القلوب، ويذهب أثر الموعظة من الصدور، ويفسقون عن أمر ربهم، ويحرفون ما جاءهم من الشرائع بضروب من التأويل، وينسون ما أنذروا به من قبل، يرشد إلى هذا قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ، وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) .
من أجل هذا كان سبحانه يرسل الرسل بعضهم إثر بعض حتى لا يطول الإنذار فتقسو القلوب، وقد كان الشعب الإسرائيلى أكثر الشعوب حظا في عدد الرسل الذين أرسلوا إليهم، فليس لهم من العذر ما يسوّغ نسيان الشرائع أو تحريفها وتأويلها،
1 / 164