تفسیر صدر المتألهین
تفسير صدر المتألهين
ژانرونه
ولو أن إنسانا أراد أن يعلم ان أي الأشياء هو أفضل ما به يتقرب العبد الى الله تعالى، وأيها اكسير السعادة الأخروية التي يجعل حديد قلب الإنسان ذهبا خالصا وإبريزا صافيا يليق أن تتختم به يد الملك ويختم به خزائنه الشريفة، فليتأمل وليذعن ان ذلك يجب أن يكون من الأمور التي أنزلها الله على قلب بشر، ويجب أن يكون ذلك الشيء من قبيل ما يوجد في كتب الأنبياء سلام الله عليهم وخزائن أسرارهم، والذي أفاض على قلوبهم من العلوم والمعارف.
ولا بد أن يكون النبي الذي أوحى الله إليه بهذا الأمر الذي هو أشرف ما يستكمل به جوهر الإنسان، هو أشرف الأنبياء وأفضلهم وخاتمهم عليه وآله أفضل التحيات وأنور التحميدات.
ولا بد أن يكون المكان والزمان الذي وقع الايحاء والتكليم والهداية له (صلى الله عليه وآله) بهذا أعلى الأمكنة، وأسعد الأزمنة، فلا بد أن يكون ذلك الإنعام عليه عند عروجه إليه تعالى ليلة المعراج، والذي نزل ليلة المعراج على النبي (صلى الله عليه وآله) من السور والآيات، كان هذه السورة وخواتيم سورة البقرة.
فهذا مما دل على أن أفضل السور سورة الفاتحة، وأفضل الآيات خواتيم سورة البقرة، ولهذا لا بد وأن يكون كلا منهما مشتملا على غاية الكمال الإنساني.
وسبب ذلك، أن سعادة الدارين، إنما تتم بدعوة الخلق من قبله تعالى بواسطة متوسط مؤيد شريف مطاع أمين كما قال تعالى:
ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين
[التكوير:20- 21]. ولكل مؤيد مطاع في الروحانيات مطاع في الجسمانيات، بل المطاع في الروحانيات ثمرة المطاع في الجسمانيات، فإن الدنيا بحذافيرها مظاهر وفروع لما في الروحانيات، لأن نسبة عالم الغيب إلى عالم الشهادة نسبة الأصل إلى الفرع، ونسبة النور الى الظل، فكل شاهد فله في الغائب أصل، وإلا لكان كسراب زايل وخيال باطل، وكل غائب فله في الشاهد مثال، وإلا لكان الشاهد كشجرة بلا ثمرة، ودليل بلا مدلول، فالمطاع ها هنا صورة المطاع هناك، والمطاع في عالم الأرواح هو المصدر، والمطاع في عالم الأجسام هو المظهر، وبينهما ملاقاة واتصال، وبهما تتم سعادة الدارين، لأنهما يدعوان الى الله بالرسالة.
وحاصل الدعوة والرسالة أمور سبعة تشتمل عليها خواتيم سورة البقرة، منها أربعة متعلقة بأسرار المبدء وهي: معرفة الربوبية وعلم المفارقات من الحكمة الإلهية، أعني معرفة الله وملائكته وكتبه ورسله:
آمن الرسول بمآ أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله
[البقرة:285].
ناپیژندل شوی مخ