تفسیر صدر المتألهین
تفسير صدر المتألهين
ژانرونه
وهذان المنزلان هما النتيجة الأخيرة من نتائج عالم الملكوت، سيما عالم المحسوس، فإنه القشر الأقصى من اللباب الأصفى، ومن لم يجاوز هذه الدرجة، فكأنه لم يشاهد من مراتب الجوز إلا قشرته، ومن عجائب الإنسان إلا بشرته. ومقام كل أحد ومحله ومنزله ومعاده في العلو والسفل، بقدر إدراكه، وهو معنى قول أمير المؤمنين (عليه السلام): " الناس أبناء ما يحسنون " أي يعلمون وبه يعملون.
فالإنسان بين أن يكون بهيمة أو جنيا أو ملكا؛ وللملائكة درجات، فالسير في عالم الملكوت - وفيه منبع الحياة الأبدية - مثاله المشي على الماء، ثم يترقى منه الى المشي في الهواء، ولذلك لما قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إن عيس (عليه السلام) كان يمشي على الماء، قال: لو ازداد يقينا لمشى في الهواء.
وأما التردد على المحسوسات، فهو كالمشي على الأرض؛ وبينها وبين الماء - أي عالم الملكوت - عالم يجري مجرى السفينة، والمعبر من عالم الملك الى عالم الملكوت الأعلى، وفيها تتولد درجات الجن والشياطين.
فمتى تجاوز الإنسان عالم البهائم، ينتهي الى عالم الجن والشياطين، ومنه يسافر الى عالم الملائكة، وقد ينزل فيه ويسعى، وشرح ذلك يطول.
وهذه العوالم كلها منازل للهدى، ولكن الهدى المنسوب الى الله يوجد في العالم الأخير، وهو عالم الأرواح، وهو قوله:
قل إن الهدى هدى الله
[آل عمران:73].
[2.5]
ولهذا قد وصف تعالى اولئك الموقنين بالآخرة على طريقة المدح بقوله عز وجل: { أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون } معنى هذا الاستعلاء، بيان لتمكنهم من الهدى واستقرارهم عليه تشبيها بحال من اعتلى الشيء وركبه، واستعارة لعلى الموضوعة للثاني للأول، ونظيره: فلان على الحق وفلان على الباطل.
وربما وقع التصريح به كما في قولهم: ركب على متن الجهل وجعل الغواية مركبا والجهل مطية. وامتطى الباطل.
ناپیژندل شوی مخ