109

تفسیر صدر المتألهین

تفسير صدر المتألهين

ژانرونه

فلما رأى تفريطهم في حقه وواجب شكره ، وتقصيرهم في عبادته والانزجار عند زجره، واجتناب نهيه، وامتثال أمره، وأنه تعالى يتجاوز بالغفران، ولا يؤاخذهم عاجلا بالعصيان، ولا يسلبهم نعمه بالكفران، قال: الرحيم.

ولما رأى ما بين العباد من التباغي والتظالم، والتكالم والتلاكم، وأن ليس بعضهم من شر بعضهم بسالم، علم أن وراءهم يوما ينتصف فيه للمظلوم من الظالم فقال: { مالك يوم الدين }.

وإذا عرف هذه الجملة، فقد علم أن له خالقا رازقا رحيما، يحيي ويميت، ويبدئ ويعيد وهو الحي الذي لا يموت، والإله الذي لا يستحق العبادة سواه والمستعان الذي لا يستعين بغيره من عرفه ووالاه، وعلم أن الموصوف بهذه الأوصاف كالمدرك بالعيان والمشهود بالبرهان، تحول عن لفظ الغيبة الى لفظ الخطاب فقال: اياك نعبد.

ولما رأى اعتراض الأهواء والشبهات، وتعاور الآراء المختلفات، ولم يجد معينا غير الله، سأله الإعانة على الطاعات بجمع الأسباب لها والوصلات فقال: اياك نستعين. ولما عرف هذه الجملة، وتبين أنه بلغ في معرفة الحق المدى، واستقام على منهج الهدى، ولا يأمن العثرة لارتفاع العصمة، سأل الله تعالى التوفيق للدوام عليه، والثبات والعصمة من الزلات فقال: { اهدنا الصراط المستقيم }. وهذا لفظ جامع كما علمت، مشتمل على مجامع أسباب التوفيق والتسديد، ولطائف نعم الله في حق من يختاره للنهاية ويريد، وأوجب الله طاعتهم بعد طاعته من الأئمة الهادين والأولياء المرضيين.

وإذا علم ذلك، علم أن لله عبادا خصهم بنعمته، واصطفاهم على بريته وجعلهم حججا على عباده، ومنارا في بلاده، فسأله أن يلحقه بهم ويسلم به سبيلهم فقال: صراط الذين انعمت عليهم.

وسأله أيضا أن يعصمه عن مثل أحوال الذين زلت أقدامهم فضلوا، وعدلت أفهامهم فأضلوا، ممن عاند الحق وعمي عن طريق الرشد وخالف سبيل القصد، فغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا أليما وخزيا مقيما.

إذ قد شك في واضح الدليل فضل عن سواء السبيل، فقال: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين }.

منهج آخر

في نظم فاتحة الكتاب

وهو إن للإنسان أياما ثلاثة:

ناپیژندل شوی مخ