قوله: { لا أقسم } قسم جوابه محذوف وتقديره أقسم بيوم القيامة أنه كائن، وقيل: جوابه ليجمعنها، وقيل: لا صلة والمراد أقسم، وقيل: لا تأكيد كقوله: { لا } والله ما كان كذا، كأنه قيل: { أقسم بيوم القيامة } ما الأمر على ما يظنون، وقيل: لا رد لكلام المشركين، ثم ابتدأ القسم فقال: أقسم { ولا أقسم بالنفس اللوامة } قيل: هي النفس المؤمنة يلوم نفسه بالدنيا ويحاسبها ويقول: ماذا فعلت؟ ولم قصرت؟ وقيل: البرة والفاجرة، فالبرة على التقصير، والفاجرة على الفجور { أيحسب الإنسان } أيظن الإنسان يعني المنكر للبعث { أن لن نجمع عظامه } بعد تفرقها { بلى قادرين } قيل: تقديره بلى ونحن قادرون على جمعها وبعثها، وقيل: تقديره بلى نقدر على تسوية { بنانه } وهو أطراف الأصابع، وقيل: بلى من قدر على تأليف البنان مع صغرها وكثرة المفاصل قدر على إعادتها { بل يريد الإنسان ليفجر أمامه } قيل: معناه يمضي أمامه قداما في معاصي الله راكبا رأسه وهواه ولا يتوب، وقيل: يقدم الذنب ويؤخر التوبة حتى يأتيه الموت على أشر أحواله { يسأل أيان يوم القيامة } متى يكون تقدير يوم القيامة { فإذا برق البصر } قيل: شخص ناظره فلا يطرف من هول ما يرى، وقيل: حار ودهش { وخسف القمر } ظلم وذهب ضوؤه، وقيل: غاب { وجمع الشمس والقمر } قيل: جمع بينهما أسودين مكورين، وقيل: جمع بينهما في ذهاب الضياء، وقيل: في طلوعهما من المغرب.
[75.10-23]
{ يقول الإنسان } من نظر من أهل النار { أين المفر } المهرب، وقيل: يجوز أن يسأل بعض المؤمنين والملائكة أين المهرب فيجيبون: { كلا لا وزر } ، وقيل: هو من كلامه تعالى قيل: لا ملجأ، وقيل: لا حصن ولا جبل { الى ربك } الى حكمه { يومئذ المستقر } أي مستقر الأمر، وقيل: قرار الخلق إما الجنة أو النار { ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } بما قدم قبل موته من عمل صالح أو سيئة وما أخر من حسنة أو سيئة يعمل بها بعد موته، وقيل: جميع أفعاله { بل الإنسان على نفسه بصيرة } أي من نفسه شاهد يشهد عليه من عمله وهو جوارحه أقام جوارحه مقام نفسه، وقيل: يشهد عليه الشاهدون { ولو ألقى معاذيره } ولو اعتذر، وقيل: لو أقام الاعتذار عند الناس قيل: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يكثر تحريك لسانه بالقرآن مخافة النسيان فنزل: { لا تحرك به لسانك } ، وقيل: كان إذا نزل القرآن عجل بتحريك لسانه { إن علينا جمعه } في صدرك حتى تحفظه { وقرآنه } عليك { فإذا قرأناه } قيل: قرأه الملك عليك بأمرنا { فاتبع قرآنه } أي اتبع قرآنه بقرآنك { ثم إن علينا بيانه } قيل: تذكر أحكامه وحلاله وحرامه، وقيل: تبين ذلك معناه إذا حظفته { كلا } ردع وزجر عن حب الدنيا واتباع الهوى { بل تحبون العاجلة } يعني تختارون الدنيا على العقبى { وجوه يومئذ ناضرة } الوجه عضو معروف وأصله من المواجهة، قيل: معناه ذات وجوه، وقيل: أراد أرباب الطاعات يومئذ أي يوم القيامة ناضرة، قيل: بهجة حسنة، وقيل: مسرورة، وقيل: ناعمة، وقيل: مضيئة { إلى ربها ناظرة } فيه وجهان: أحدهما أن المراد نظر العين، وثانيها أن المراد الانتظار، فمن حمله على الانتظار قيل: تنتظر الثواب من ربها، روي ذلك عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) والحسن، وقيل: إلى بمعنى النعمة أي نعم ربها منتظرة، أي قطعوا أطماعهم عن كل شيء سوى الله، قال الشاعر:
وجوه ناظرات يوم بدر
إلى الرحمان يأتي بالخلاص
فأما من قال يحمل على نظر العين قيل: إلى ثواب ربها ناظرة أي منتظرة إلى ما أعطاها الله في الجنة من النعم حالا بعد حال، وروي ذلك عن جماعة من المفسرين فذكر نفسه وأراد ثوابه، قال القاضي: والأول أولى.
[75.24-40]
{ ووجوه يومئذ باسرة } كالحة، وقيل: مسودة { تظن } تعلم لأنهم يعلمونه ضرورة { أن يفعل بها فاقرة } داهية { كلا } قيل: حقا، وقيل: ليس الأمر كما تظنون ولكن ستعلمون { إذا بلغت التراقي } وهو عظم العنق المكتنفة بالحلق { وقيل من راق } يعني قال من حضره هل من راق أي من طبيب يرقيه، وقيل: قالت الملائكة من الراقي بروحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب { وظن أنه الفراق } فراق الدنيا والأهل والمال { والتفت الساق بالساق } قيل: شدة أمر الدنيا بأمر الآخرة، وقيل: التفتا الساقين بالكفين، وقيل: يلتف عليه غم فراق الدنيا والأهل والمال والولد وغم القدوم على الله { إلى ربك يومئذ المساق } يعني إلى حكمه { فلا صدق ولا صلى } أي لم يصدق بكتاب الله ولا صلى لله { ولكن كذب وتولى } عن طاعة الله { ثم ذهب إلى أهله يتمطى } يتبختر، وقيل: الآية نزلت في أبي جهل،
" وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج من المسجد فاستقبله أبو جهل فقال له (صلى الله عليه وآله وسلم): " { أولى لك فأولى } " ، فقال: تهددني؟ لا تستطيع أنت وربك أن تفعل بي شيئا وإني لاعن من في هذا الوادي "
، قيل: المراد إعراضه عن الحق { ثم أولى لك فأولى } قيل: هو وعيد، وقيل: معناه الذم { أيحسب الإنسان } قيل: أراد الجنس، وقيل: أبا جهل { أن يترك سدى } مهملا لا يؤمر ولا ينهى { ألم يك نطفة من مني يمنى } تخرج من ذكره { ثم كان علقة فخلق فسوى } وصوره وأعطى نعمه الباطنة والظاهرة في بطن أمه، وقيل: سواه إنسانا على ما يشاء { فجعل منه } أي خلق منه قيل: من الإنسان { الذكر والأنثى } ، وقيل: من المني، ولا بد من عرض وذلك هو التعريض للثواب { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } للبعث والجزاء، وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا قرأها قال سبحانك بلى.
ناپیژندل شوی مخ