، وقيل:
" أن امرأة من مكة يقال لها سارة أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد بدر بسنتين، وكساها، وكان يجهز لفتح مكة وكان حاطب كتب إلى أهل مكة ودفعه إليها وأعطاها عشرة دنانير أن رسول الله يريدكم فخذوا حذركم، وخرجت المرأة ونزل جبريل أخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فبعث خلفها عليا وعمر وعمارا ومقداد فقال: " خذوا الكتاب وخلوا سبيلها فإن لم تدفعه اليكم فاضربوا عنقها " ، فخرجوا وأدركوها بالمكان الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالوا: أين الكتاب؟ فحلفت ولم يجدوا في متاعها شيئا، فهموا بالرجوع فقال علي بن أبي طالب: " والله ما كدتنا " وسل سيفه وقال: " أخرجي الكتاب وإلا ضربت عنقك " فأخرجت من ذؤابتها كتابا فخلوا سبيلها، ورجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فدعا حاطبا وقال: ما حملك على ما صنعت، وقال: والله ما كفرت أردت أن اتخذ عندهم يدا لأن أهلي بين أظهرهم، فتركه "
، معنى عدوي لمخالفته لأمري وهذه الموالاة المنهي عنها وهي الموالاة في الدين والتناصر { تلقون إليهم بالمودة } أي تفضون إليهم بمودتكم سرا { وقد كفروا بما جاءكم من الحق } يعني القرآن { يخرجون الرسول } من مكة { وإياكم أن تؤمنوا بالله } أي لأجل ايمانكم بالله { إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي } يعني إن كان عرضكم في خروجكم وجهادكم وهجرتكم الإيمان وطلب رضى الله فلا تتخذوه { تسرون إليهم بالمودة } أي تخفون مودتهم { وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم } أي سركم وعلانيتكم { ومن يفعله منكم } يعني من يفعل هذه الأسرار فقد أخطا طريق الحق والصواب { إن يثقفوكم } أي يظهروا عليكم { يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء } قيل: أيديهم بالقتل وألسنتهم بالشتم، يعني لا يتركوا في إلحاق السوء بكم باليد واللسان { وودوا لو تكفرون } أي يحبون أن ترجعوا عن دينكم.
[60.3-7]
{ لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم } يعني إن واليتم أعداء الله لأجل الرحم أو لأجل الأولاد فذلك لن ينفعكم { يوم القيامة يفصل بينكم } قيل: يفرق بينكم فيدخل المطيعين الجنة والعاصين في النار، وقيل: يفصل بينكم من فصل القضاء، ثم بين قصة ابراهيم مع أبيه فقال سبحانه: { قد كانت لكم أسوة حسنة } أي قدوة حسنة { في إبراهيم والذين معه } واتبعوه إذ قالوا لقومهم: { انا برءآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله } يعني الأوثان لا تعبدوها ولا تواصلوها { كفرنا بكم } أي جحدنا دينكم وأنكرنا معبودكم { وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده } أي ظهرت العداوة بيننا إلا أن تؤمنوا فتسقط العداوة { إلا قول ابراهيم لأبيه لأستغفرن لك } قيل: معنى الاستثناء قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم في كل أموره إلا في قول ابراهيم { لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء } فنهوا أن يقتدوا به في هذه خاصة، وقيل: نهوا أن يستغفروا لآبائهم للمشركين، وبين قصة إبراهيم وقيل: كان آزر أبو إبراهيم ويريد أنه مسلم فاستغفر له فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، وقيل: قوله: { لأستغفرن لك } هو قوله: { الا عن موعدة وعدها إياه } يعني وعد إبراهيم أباه أن يستغفر له { وما أملك لك من الله من شيء } أي لا أقدر على رفع العذاب { ربنا عليك توكلنا } في أمور ديننا ودنيانا، والتوكل تفويض الأمر إليه { وإليك أنبنا } أي رجعنا إليك بالطاعة والعبادة { وإليك المصير } أي إلى حكمك المرجع { ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا } بإظهارهم علينا ليروا أنهم على دين، وقيل: ألطف بنا حتى نصبر على آذائهم { واغفر لنا } ما سلف من ذنوبنا { إنك أنت العزيز الحكيم } الذي لا تفعل إلا بحكمة { لقد كان لكم } أيها المسلمون { فيهم } أي في إبراهيم والأنبياء والمؤمنين على ما تقدم { أسوة } قدوة { حسنة } من حيث يوجب الثواب، وقيل: لأنها موعظة في نهاية الصلاح، ومتى قيل: لم كرر ذلك؟ قلنا: في الأول أمر بالاقتداء به في البراءة من الكفار وفي الثاني أمر بالاقتداء به في التوكل عليه فلم يكن تكرارا، وقيل: تأكيدا لقطع المعتاد من موالاة الأقارب، وقيل: أمرا بعد أمر في وقتين { لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } أي يرجو ثوابه ورحمته { ومن يتول } أي يعرض عن طاعة الله { فإن الله هو الغني الحميد } لا يحتاج إلى شيء الحميد المنعم على من يطيعه ويعصيه، وقيل: المحمود في أفعاله { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة } لما نزلت الآية المتقدمة عادى المؤمنون أقاربهم وأظهروا العداوة فأنزل الله { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم } من الكفار كفار مكة بأن يسلموا فيصيروا أولياء وأخوانا لكم، وعسى من الله وأحب، يعني يحصل بينكم المودة أيها المؤمنون وبين الذين عاديتم منهم مودة بالاسلام، وكان ذلك حين أسلم كثير منهم، وقيل: صار بينه وبينهم وصلة فتزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأم حبيبة وصاروا موالي بأن تلطف حتى تظهر المودة { والله غفور رحيم }.
[60.8-9]
{ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين } الآية، قيل: نزلت في قوم من خزاعة عاهدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألا يقاتلوا ولا يعينوا عليه عدوا، وقيل: نزلت في أسماء بنت أبي بكر، وقد قدمت عليها أمها وسيلة بنت عبد العزى وهي مشركة بهدايا فلم تقبلها ولم تأذن لها بالدخول فنزلت، وأمرها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تدخلها وتقبل منها وتكرمها وتحسن إليها، وقيل: هي عامة في كل من كان بهذه الصفة، وعن قتادة: نزلت نسختها آية القتال { أن تبروهم } أي تحسنوا إليهم في الأموال والعشرة { وتقسطوا إليهم } أي تعدلوا فيهم { إن الله يحب المقسطين } { إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين } أي ينهاكم عن موالاتهم { وأخرجوكم من دياركم } أي آذوا المسلمين وبلغوا في ذلك الغاية حتى أخرجوهم { وظاهروا على إخراجكم } أي عاونوا وهم العوام عاونوا الرؤساء على الباطل { أن تولوهم } أي توالوهم ولا تقطعوا العلائق { فأولئك هم الظالمون } هم الكافرون، وقيل: الظالمون لأنفسهم.
[60.10-13]
{ يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات } سماهن مؤمنات لصدقهن بالنبيين ونطقهن بكلمة الشهادة { مهاجرات فامتحنوهن } فابتلوهن بالحلف والنظر في الإمارات ليغلب على ظنكم صدق إيمانهن، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول للممتحنة:
" بالله الذي لا إله إلا هو ما خرجت من بغض زوج، بالله ما خرجت رغبة في أرض إلى أرض، بالله ما خرجت التماس دنيا، بالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله "
ناپیژندل شوی مخ