وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم):
" القدرية مجوس هذه الأمة "
{ في ضلال } في ذهاب عن الحق وعن وجه النجاة، وقيل: في هلاك، { وسعر } نار مسعرة { يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر } أي عذاب النار، والسقر جهنم، وقيل: باب من أبوابها { إنا كل شيء خلقناه بقدر } يعني كل شيء خلقناه على قدر معلوم، فاللسان على مقدار يصلح الكلام، واليد للبطش، والرجل للمشي، والعين للبصر، والاذن للسمع، والمعدة للطعام، وقيل: خلق النار بمقدار استحقاق أهلها، ومتى قيل: هلا حملتم ذلك على أفعال العباد وأنه خلق فيهم الخير والشر، قلنا: ليس في الظاهر ذلك لأن أفعالهم ليست بخلق الله تعالى لأن فيها الكفر والظلم { وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر } قيل: أراد قيام الساعة، يعني إذا أردنا قيامها أعدنا السماوات والأرض وجميع المخلوقات في قدر لمح البصر بسرعة { ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر } { وكل شيء فعلوه في الزبر } { وكل صغير وكبير مستطر } وعيد لهم، ولقد أهلكنا أشياعكم من كان على دينكم معتبر لكم، وقيل: الأمم السالفة فهل من مدكر؟ { وكل شيء فعلوه } الأتباع { في الزبر } في الكتب التي كتبها الحفظة، وقيل: في اللوح { وكل صغير وكبير } من أفعالهم { مستطر } مكتوب { إن المتقين } الذين اتقوا المعاصي { في جنات ونهر } أنهار جارية { في مقعد صدق } قيل: في مجلس حق لا لغو فيه وهو الجنة ووصف المكان بالصدق لأنه يدوم وغيره يزول { عند مليك مقتدر } قيل: في علم الله صائر إلى ذلك الموضع، وقيل: المكان الذي هيأه لأوليائه والمليك الملك، والمقتدر هو القادر تبارك وتعالى.
[55 - سورة الرحمن]
[55.1-13]
قيل: نزلت هذه السورة حين قالوا وما الرحمان؟ فجوابه الذي: { علم القرآن } و { خلق الإنسان } ، وقيل: هو جواب لأهل مكة حين قالوا إنما يعلمه بشر فبين الذي يعلمه القرآن هو { الرحمان } وهو اسم من أسماء الله تعالى لا يسمى به غيره، لأن معناه الذي وسعت رحمته كل شيء، فأما راحم ورحيم فيجوز في صفات العباد وقوله: { علم القرآن } أي من رحمته أن علمكم القرآن بأن أنزله على رسوله فتأخذوا سنة { خلق الإنسان } قيل: الإنس، وقيل: آدم، { علمه البيان } قيل: أراد اللغات وكان آدم يتكلم بسبع مائة ألف لغة أفضلها العربية، وقيل: بين له الحلال والحرام والخير والشر { الشمس والقمر بحسبان } قيل: بحسبان ومنازل يجريان فيها ولا يعدوانها، وقيل: بحساب الأوقات والأعمار والآجال، لولا الليل والنهار والشمس والقمر لم يدر أحد كيف يحسب شيئا، وقيل: كيف يجريان بقدر عن الضحاك { والنجم } النبات الذي ينجم من الأرض لا ساق له كالبقول { والشجر } الذي له ساق وسجودهما انقيادهما لله فيما خلقا له، وأنهما لا يمنعان تشبيها بالساجد من المكلفين وانقياده، وعن مجاهد: النجم نجوم السماء { والسماء رفعها } خلقها مرفوعة { ووضع الميزان } العدل، وقيل: الذي يوزن به ليتوصل به إلى الإنصاف، وقيل: القرآن الذي هو أصل الدين { ألا تطغوا في الميزان } أي لا تجاوزوا فيه الحد { وأقيموا الوزن بالقسط } أي بالعدل { ولا تخسروا الميزان } لا تنقصوا ما تزنون { والأرض وضعها } أي خلقها مسكنا ومنصرفا، وقيل: بسطها { للأنام } ، وقيل: للجن والانس، وقيل: لكل ذي روح { فيها فاكهة } ما يتفكهون به من النعم التي لا تحصى { والنخل ذات الأكمام } قيل: الأكمام ليف النخل التي يكم فيه، وقيل: الطلع { والحب ذو العصف } ، قيل: التبن، وقيل: هو ورق الزرع { والريحان } الذي يشم، وقيل: الريحان الثمرة قوت الانس والعصف قوت البهائم { فبأي آلاء ربكما تكذبان } الخطاب للإنس والجن وكرر لطول الغفلة وتأكيد للحجة وتذكر للنعم، ومن عادة العرب التكرير فيما استعظموه.
[55.14-32]
{ خلق الإنسان } آدم { من صلصال } من طين يابس يسمع له صلصلة، وقيل: الحمأ مختلط أحمر المنتن { كالفخار } كالآجر { وخلق الجان } أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس، وقيل: هو إبليس { من مارج من نار } مختلط أحمر وأبيض وأسود، وقيل: مختلط أحمر وأصفر { فبأي آلاء ربكما تكذبان } { رب المشرقين ورب المغربين } قيل: مشرق الشتاء ومشرق الصيف { مرج البحرين يلتقيان } أرسل البحر المالح والبحر العذب متجاورين متلاقين لا فصل بين الماءين في العين، { بينهما برزخ لا يبغيان } حاجز من قدرة الله سبحانه لا يبغي أحدهما على الآخر فيختلطان { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } اللؤلؤ: الدر، والمرجان: الخرز الأحمر، وقيل: اللؤلؤ كبار الدر، والمرجان صغاره، وقيل: هو بحر فارس والروم، وقيل: هو بحر السماء والأرض يلتقيان في كل عام، وروي في الثعلبي: مرج البحرين علي وفاطمة، بينهما برزخ محمد، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين (عليهم السلام) { وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام } السفن كالأعلام كالجبال العظام { كل من عليها فان } أي كل من على الأرض { ويبقى وجه ربك } يعني يبقى ربك وذكر الوجه تأكيدا { ذو الجلال والإكرام } { يسأله من في السماوات والأرض } يعني يسأل الملائكة والجن والإنس وغيرهم حوائجهم { كل يوم هو في شأن } يوم يحيي ويميت ويأمر وينهي، وكذلك صحة أو سقم وشاب وشيب ونجاة وهلاك، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد سئل عن هذه الآية وما ذلك الشأن فقال:
" يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع قوما، ويضع آخرين "
{ سنفرغ لكم } قيل: هذا تهديد، وفي قراءة أبي سنفرغ إليكم على معنى سنقصد اليكم وهو مستعار من قول الرجل لمن يتهدد سأفرغ لك، والثقلان الجن والانس، وعنه:
ناپیژندل شوی مخ