276

تفسیر الاعقم

تفسير الأعقم

ژانرونه

[47 - سورة محمد]

[47.1-3]

قيل: نزل قوله: { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } في المطعمين ببدر وكانوا عشرة، وقيل: هو عام في جميع الكفار، وقيل: الذين كفروا أهل مكة والذين آمنوا الأنصار { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } أعرضوا، وقيل: صدوا غيرهم عن دينه المؤدي إلى رضاه { والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد } من القرآن والشرائع فلم يخالفوه في شيء { وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم } يعني كما أبطل أعمال الكفار كفر معاصي المؤمنين { وأصلح بالهم } ، قيل: حالهم، وقيل: شأنهم، أي أصلح حالهم في الدارين { ذلك بأن الذين كفروا } أي فعلنا لكل واحد من الفريقين لأجل فعلهم جزاء لهم، والكافرون { اتبعوا الباطل } قيل الشيطان، وقيل: هو كل باطل من قول وعمل { والذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم } وهو القرآن { كذلك يضرب الله للناس أمثالهم } أي يريد بضرب الأمثال بيانا ووضوحا، يعني أهل الحرب المصرين على الحرب لأن أهل الذمة لا يجوز قتالهم وقتلهم، وكذلك من جاء مسترشدا وتائبا لا يجوز قتله.

[47.4-14]

فإذا حاربتم الكفار { فضرب الرقاب } الأعناق وإنما عبر بذلك عن القتل لأنه لا يبقى حياة بعد ضرب الرقبة، وقيل: أمر بقتلهم من غير أسر ولا فداء { حتى إذا أثخنتموهم } أي قهرتموهم وعزرتموهم، وقيل: أكثرتم الجراح والقتل وقتلتم بعضهم وجرحتم البعض حتى ضعفوا { فشدوا الوثاق } يعني شدو وثاق الأسارى، فأمر تعالى بالقتل والأسر لكيلا يقوى الكفر، وقيل: أراد كيلا يهربوا { فإما منا بعد وإما فداء } أي إما منا منكم عليهم بالإطلاق بعد الأسر من عوض وأما فداءا يعوض، وقيل: المن بالإطلاق وبالإسلام لأن أسير العرب إذا أمن يطلق وأسير العجم إذا سلم يستعبد { حتى تضع الحرب أوزارها } أثقالها قيل: أراد أن تضع أهل الحرب سلاحها حتى تزول الحرب وهم المحاربون، أوزارها آثامها بأن يتوبوا من كفرهم ويؤمنوا بالله، أي أثخنوا المشركين بالقتل والأسر حتى يظهر الحق والإسلام على الأديان، وقيل: حتى ينقطع الحرب عند نزول عيسى فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة وهي آخر أيام التكليف، وقيل: حتى يعبد الله ولا يشرك به شيئا، وقيل: حتى لا يكون دين إلا الإسلام { ذلك } ، قيل: الأمر بالجهاد، وقيل: ما ذكرناه من أحكام الكفر { ولو يشاء الله لانتصر منهم } لأهلكهم { ولكن ليبلو بعضكم ببعض } لو كان الغرض زوال الكفر فقط لأهلكهم لكن الغرض استحقاق الثواب وذلك لا يحصل إلا بالبعيد { والذين قتلوا في سبيل الله } أي في الجهاد في دين الله، وقيل: قتلوا يوم أحد، وقاتلوا معناه جاهدوا، وقرئ بهما جميعا { فلن يضل أعمالهم } بل هي مقبولة يجازون عليها ثوابا { سيهديهم } الجنة وثوابها { ويصلح بالهم } أي حالهم في الدارين { ويدخلهم الجنة عرفها لهم } ، قيل: طيبها لهم، وقيل: بينها لهم وأعلمهم بوصفها، وقيل: عرفها لهم يوم القيامة حتى أنهم يعرفون منازلهم في الدنيا { يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم } أي تنصروا دين الله ونبيه ينصركم { ويثبت أقدامكم } بالطاعة بتقوية قلوبكم، وقيل: ينصركم بالآخرة ويثبت أقدامكم عند الحساب وعلى الصراط، وقيل: ينصركم في الدنيا والآخرة ويثبت أقدامكم في الدارين { والذين كفروا فتعسا لهم } في الآخرة، وقيل: في الدارين، ومعنى تعسا بعدا، والتعس الانحطاط للعثار، وفي حديث عائشة: تعس مسطح، أي أتعسه الله، ومعناه انكب وعثر، وقيل: بعدا لهم { وأضل أعمالهم } قيل: انحط ثوابها { ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله } من القرآن { فأحبط أعمالهم } { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم } أي أهلكهم ودمر منازلهم، { وللكافرين أمثالها } أي ولهؤلاء الكافرين أمثال ما تقدم من العناد للعدى { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا } يتولى نصرهم وحفظهم { وإن الكافرين لا مولى لهم } أي لا ناصر يدفع العذاب عنهم { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار } أي من تحت أبنيتها وأشجارها { والذين كفروا يتمتعون } في هذه الدنيا وملاذها { ويأكلون كما تأكل الأنعام } وهم غافلون عن الآخرة { والنار مثوى لهم } أي منزل وموضع إقامة { وكأين من قرية } أي كم من قرية { هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك } أعظم من قوة أهل قريتك، وقوله: { التي أخرجتك } ألجأتك إلى الخروج لأنه خرج بنفسه { أفمن كان على بينة من ربه } يعني من كان على دينه وما يعتقده من التوحيد والعدل والشرائع، قيل: محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنون، { كمن زين له سوء عمله } ، قيل: زينه لنفسه، وقيل: زينه للشيطان، وقيل: زينه بعضهم لبعض { وسوء عمله } ما يدينون به من الكفر والمعاصي { واتبعوا أهواءهم } في ذلك معناه لا يستوي من يتبع الدليل ومن يتبع الهوى والآية عامة.

[47.15-19]

{ مثل الجنة } قيل: شبه الجنة، وقيل: صفة الجنة { التي وعد المتقون } أي........ لمن اتقى معاصيه، ثم بين تعالى صفة الجنة فقال سبحانه: { فيها أنهار } ، قيل: أراد بالأنهار المعروفة، وقيل: أراد بالأنهار هذه الأشياء { من ماء غير آسن } أي غير متغير { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } لأنه لم يخرج من ضرع { وأنهار من خمر لذة للشاربين } ، قيل: يبقى طيبها في الحلق أربعين سنة ولا يخامر العقل ولا يصدع ويلتذون بها لطيب طعمها { وأنهار من عسل مصفى } أي خالصا من كل شائب صمغ أو غيره { ولهم فيها من كل الثمرات } أي من أنواعها { ومغفرة من ربهم } لذنوبهم { كمن هو خالد في النار } ، قيل: فيه حذف، أي من كان في هذه الجنة كمن هو خالد في النار { وسقوا ماء حميما } حار { فقطع أمعاءهم } ، قيل: إذا قربوه من وجوههم شوى وجوههم وإذا شربوه قطع أمعاءهم { ومنهم من يستمع إليك } عبد الله بن أبي وأصحابه { حتى إذا خرجوا من عندك } يعني المنافقين { قالوا للذين أوتوا العلم } مثل عبد الله بن مسعود كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا خطب الناس يعيب المنافقين فإذا خرجوا قالوا لابن مسعود: { ماذا قال آنفا } ، وعن ابن عباس: أنا منهم وقد سألت فيمن سئل آنفا وهم المنافقون كانوا يحضرون مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسمعون كلامه ولا يعونه فإذا خرجوا قالوا لأولي العلم من أصحابه: ماذا قال الساعة؟ على جهة الاستهزاء، والذين أوتوا العلم الذين استمعوا القرآن وقبلوه وعملوا به { ماذا قال آنفا } يعني أي شيء كان يقول الرسول الساعة، وقيل: قالوا ذلك تبعيدا من الصواب وتحقيرا لقوله ولم يقل شيئا فيه فائدة: { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم } أي وسمهم بسمة الكفار، وقيل: خلا بينهم وبين اختيارهم { واتبعوا أهواءهم } أي اتبعوا الهوى دون الدليل { والذين اهتدوا } يعني المؤمنين اهتدوا بما سمعوا { زادهم هدى } ، وقيل: زادهم الله، وقيل: زادهم قراءة القرآن، وقيل: استهزاء المنافقين زاد هؤلاء المؤمنين قيل: أدلة شرح بها صدورهم، وقيل: زادهم ألطافا، وقيل: زادهم استماع القرآن هدى { وآتاهم تقواهم } ، قيل: آتاهم ثواب تقواهم { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة } فجأة من غير أن يشعرون بها { فقد جاء أشراطها } ، قيل: علاماتها، مبعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء منها، وانشقاق القمر والدخان، وعن الكلبي: كثرة المال والتجارة، وشهادة الزور، وقطع الأرحام، وقلة الكرام، وكثرة اللئام، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

" بادروا بالأعمال الصالحة قبل طلوع الشمس من مغربها "

، والدجال، والدخان، والدابة { فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } يعني من أين لهم الذكرى والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة، والذكرى ما أمر الله به عباده أن يتذكروا به { فاعلم أنه لا إله إلا الله } الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: فاعلم أيها السامع { واستغفر لذنبك } ، وقيل: الخطاب لغيره، وقيل: ليبشر به أمته، وقيل: المراد به الانقطاع إلى الله تعالى { والله يعلم متقلبكم ومثواكم } ، قيل: متقلبكم في الأصلاب إلى الأرحام ومثواكم مقامكم في الأرض، وقيل: متقلبكم منصرفكم في الدنيا ومثواكم مصيركم إلى الجنة أو إلى النار عن ابن عباس: وقيل: متقلبكم منصرفكم في النهار ومثواكم مضجعكم بالليل، يعني لا يخفى عليه شيء من أحوالكم.

[47.20-25]

ناپیژندل شوی مخ