قوله تعالى: { إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم } ثم بين تعالى حديث القرآن فقال سبحانه: { وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح } يعني جبريل سمي روحا لأنه روحاني، وقيل: سمي روحا لأن الأرواح تحيى به لما ينزل من البركات { الأمين } لأنه أمين الله على وحيه { على قلبك } يا محمد، وهو توسيع لأنه تعالى سمعه جبريل فحفظه، وينزل على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقرأ عليه فيحفظه ويعيه بقلبه كأنه نزله على قلبك، وقيل: معناه أن الحفظ فعل الله تعالى في قلبه وهو المعلم بكيفية القراءة { لتكون من المنذرين } من المخوفين عباد الله { بلسان عربي مبين } يعني القرآن بلغة العرب لأنه لو نزله باللسان الأعجمي لقالوا: ما نصنع بما لا نفهم، فيتعذر الانذار به، وإنما أنزله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك { وإنه } يعني القرآن { لفي زبر الأولين } ذكره مثبت في سائر الكتب السماوية، وقيل: الدعاء إلى التوحيد والعدل والاعتراف وأخبار الأمم الذي نزل به القرآن، وقيل: ذكر القرآن والبشارة به وبمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مذكور في الكتب، وهذا القول عن أكثر المفسرين، قال جار الله: { وعلماء بني إسرائيل } عبد الله بن سلام وغيره، قال تعالى: { وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين } { ولو نزلناه على بعض الأعجمين } أي لو نزلنا القرآن على أعجم لا يفصح ولا يحسن العربية وإن كان منسوبا إلى العرب، وقيل: لو نزلناه على رجل ليس بعربي { فقرأه عليهم } أي على العرب { ما كانوا به مؤمنين } يعني لما آمنوا به أنفة من أتباع غير العرب { كذلك سلكناه في قلوب المجرمين } أدخلناه ومكناه، والمعنى أنا أنزلنا هذا القرآن على رجل عربي بلسان عربي مبين، فسمعوا به وفهموه وعرفوا فصاحته وأنه معجزة لا يعارض بكلام مثله { لا يؤمنون به } يعني أنهم لا يزالون على التكذيب به وجحوده حتى يعاينوا الوعيد، ويجوز أن يكون حالا، أي سلكناه فيها غير مؤمنين به { حتى يروا العذاب الأليم } الوجيع، فيأتيهم بغتة يعني العذاب { وهم لا يشعرون } أي لا يعلمون { فيقولوا هل نحن منظرون } أي مؤخرون { أفبعذابنا يستعجلون } نزلت الآية في المشركين قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى متى تعدنا العذاب؟ فنزلت: { أفبعذابنا يستعجلون } نزلت الآية في المشركين قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى متى تعدنا العذاب؟ فنزلت: { أفبعذابنا يستعجلون } وهذا تهديد لهم { أفرأيت إن متعناهم سنين } هذا جواب لقولهم هل نحن منظرون؟ يعني لو متعناهم بطول المهلة وكثرة النعمة سنين كثيرة { ثم جاءهم } ما وعدوا به من العذاب { ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون } من العذاب أي ما كفى عنهم شيئا من العذاب { وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون } يعني نسبق الإنذار بالرسل وإقامة الحجة { ذكرى } أي تذكرة لهم وموعظة { وما كنا ظالمين } لأنهم استحقوا ذلك.
[26.210-220]
{ وما تنزلت به الشياطين } يعني ما أنزل القرآن بعض الشياطين على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: بعض الكفار قالوا: أن محمدا تابعه من الشياطين تأتيه بالأخبار من السماء وتلقيه على لسانه، فأنزل وما تنزلت به الشياطين { وما ينبغي لهم } أي لا يجوز كونه منهم { وما يستطيعون } أي ليس في قدرتهم ذلك لأنه غير مقدور للبشر { إنهم عن السمع لمعزولون } ، قيل: عن استراق السمع عن السماء ممنوعون وبالشهب مرجومون، يعني عن استماع كلام أهل السماء لمعزولون { فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين } الخطاب له والمراد غيره، وعن أبي هريرة: لما نزل قوله:
وأنذر عشيرتك الأقربين
[الشعراء: 214] جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال:
" يا معاشر قريش، يا بني عبد مناف "
، وروي أنه صعد الصفا فنادى:
" الأقرب الأقرب فخذا فخذا "
، وقال:
" يا بني عبد المطلب، يا بني هاشم، يا بني عبد مناف، يا عباس عم النبي، يا صفية عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إني لا أملك لكم من الله شيئا "
ناپیژندل شوی مخ