تفسیر الاعقم

اقعم d. 850 AH
166

تفسیر الاعقم

تفسير الأعقم

ژانرونه

{ وكذلك بعثناهم } أي أيقظناهم من رقدتهم { ليتساءلوا بينهم } يعني يسأل بعضهم بعضا، ويتعرفون حالهم، وما صنع الله بهم { قال قائل منهم كم لبثتم } في نومكم { قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم } ، قيل: أخبروا بذلك عن غالب ظنهم ولذلك وقع السؤال لأن النائم لا يعلم مقدار لبثه، وقيل: إنهم دخلوا غدوة وناموا واستيقظوا في آخر النهار رأوا الشمس فقالوا: { أو بعض يوم } ، وقيل: دخلوا الكهف بعد زوال الشمس وانتبهوا في آخر النهار { ربكم أعلم بما لبثتم } إنكارا عليهم من بعضهم وأن الله أعلم بمدة لبثهم، وقيل: رئيسهم لما سمع الاختلاف بينهم قال ذلك، وقيل: نظروا إلى أظفارهم وشعورهم فعلموا أن لبثهم أكثر من يوم فقالوا: { ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم } يعني أرسلوا احدكم، وقيل: يمليخا صاحب نفقاتهم، والورق الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة { هذه إلى المدينة } هي التي أخرجوا منها، قيل: تسمى إقسوس { فلينظر أيها أزكى طعاما } أي لينظر هذا الذي بعثوه الى أطعمتهم { أيها أزكى } أجل وأطيب وأكثر وأرخص، وقيل: أحل ذبيحة لأن عامتهم كانوا مجوسا وفيهم قوم مؤمنون يخفون إيمانهم عن ابن عباس وسعيد بن جبير { وليتلطف } في أمر المبايعة حتى لا يعين أو في أمر التخفي حتى لا يعرف { ولا يشعرن بكم أحدا } أي لا يعلمن بكم أحدا كيلا يفتنهم، وأخبروا عن أهل البلد عن غالب ظنهم { إنهم إن يظهروا عليكم } يعلموا مكانكم أهل المدينة وأصحاب الملك { يرجموكم بالحجارة } يعني يقتلوكم ويؤذوكم { أو يعيدوكم } يردوكم { في ملتهم } في دينهم { ولن تفلحوا إذا أبدا } إن عدتم في ملتهم { وكذلك أعثرنا عليهم } أي أطلعنا عليهم أهل البلد حتى رأوهم وعلموا حالهم { ليعلموا أن وعد الله حق } أي ليستدلوا بحالهم على صحة البعث وإن وعد الله بإحياء الخلق بعد الموت حق فيعلمون ذلك، ومتى قيل: لم أضاف العثور عليهم اليه؟ قالوا: لأن أهل البلد إنما عثروا عليهم بألطافه فيستدلوا بذلك على صحة البعث { وإن الساعة لا ريب فيها } أي القيامة لا شك فيها { إذ يتنازعون بينهم } ، قيل: لما ظهروا عليهم أماتهم الله تعالى فاختلفوا قال المسلمون: نتخذ عليهم مسجدا فهم على ديننا، وقال المشركون: هم على ديننا وهذا تنازعهم ، وقيل: يتنازعوا المسلمون والكفار في البعث، وقيل: تنازعوا في قدر لبثهم ومكثهم، وقيل: في عددهم، وقيل: قال بعضهم: ماتوا في الكهف، وقال بعضهم: عادوا نياما { فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم } أحياء أم نيام، وقيل: لما رأوهم عادوا نياما، وقيل: بل ماتوا، وقيل: لا يموتون إلى يوم القيامة، وقيل: هذا من كلام المتنازعين في أمرهم، أو من كلام الله عز وجل رد لقول المخلصين، أو من الذين تنازعوا فيهم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { قال الذين غلبوا على أمرهم } ، قيل: الملك المسلم وأصحابه، وقيل: رؤساء البلد { لنتخذن عليهم مسجدا } أي متعبدا أو موضعا للسجود والعبادة اتخذوا على باب الكهف مسجدا يصلي فيه المسلمون.

[18.22-24]

{ سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم } روي أن السيد والعاقب وأصحابهما من أهل نجران كانوا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجرى ذكر أهل الكهف فقال السيد وكان يعقوبيا: كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، وقال العاقب وكان نسطوريا: كانوا خمسة وسادسهم كلبهم، وقال المسلمون: كانوا سبعة وثامنهم كلبهم فحقق الله قول المسلمين، وإنما عرفوا ذلك بأخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على لسان جبريل (عليه السلام): " هم سبعة أسماؤهم: يمليخا ومسكلسا ومشليثا هؤلاء يمين الملك، وكان عن يساره: مرنوش ودرنوش وشادنوش، وكان يستشير هؤلاء الستة في أمره، والسابع الراعي هربوا من ملكهم دقيانوس " والخطاب في قوله: { سيقولون ثلاثة } لمن خاض في قصتهم في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أهل الكتاب والمؤمنين { قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل } من الناس، وعن ابن عباس أنه قال: أما من القليل الذين يعرفونهم سبعة وثامنهم كلبهم، وقيل: ذلك القليل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قوله تعالى: { فلا تمار فيهم } أي لا تجادل في شأنهم وعددهم، يعني لا تجادل في شأن أصحاب الكهف { إلا مراء ظاهرا } يعني إلا جدالا ظاهرا وهو أن تقص عليهم ما أوحى الله اليك فحسب { ولا تستفت } ولا تسأل { منهم أحدا } في قصتهم قيل: خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونهي لأمته، قيل: خطاب لأمته كأنه كان عارفا والعانت يرجع إلى غيره، فالمراد المؤمنون حتى لا يرجعوا إلى أهل الكتاب، ومتى قيل: لم نهى عن الاستفتاء منهم؟ قلنا: إن كان الى النبي فلأنه عارفا ولا يقتضي الشك في ثبوته وإن كان الخطاب لأمته فإنه لا يحتاج اليه في الدين ولأن الرجوع اليهم إظهار تعظيم لهم { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا } { إلا أن يشاء الله } ، قيل: هذا شرع متبدا للجميع حتى يصلوا كلامهم بالاستثناء لئلا يلزمهم كذب وحنث وهذا هو الوجه، وقيل: هو خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأمته وهو الوجه وقيل: سألوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المسائل الثلاث قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح فوعد أن يجيبهم ولم يستثني فانقطع الوحي عنه أياما تأديبا له عن جماعة من المفسرين، وأنكر ذلك جماعة { واذكر ربك إذا نسيت } الاستثناء وقل: إن شاء الله { وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا } ، قيل: إذا نسيت أمرا فلم تذكره، ف { قل عسى أن يهدين ربي } وهو الانقطاع اليه.

[18.25-28]

{ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا } { قل الله أعلم بما لبثوا } ، قيل: بين مقدار لبثهم ثم قال: ان جاءك أهل الكتاب فقل الله أعلم بما لبثوا فوجب الرجوع إلى غيره، وقيل: الله أعلم بما لبثوا إلى الوقت الذي نزل القرآن فيه، وقيل: الله أعلم بما لبثوا إلى أن ماتوا { له غيب السماوات والأرض } يعني أنه عالم الغيب { أبصر به وأسمع } ، قيل: معناه ما أسمعه للمسموعات وأبصره للمبصرات فلا يخفى عليه شيء من ذلك { أبصر به وأسمع } يعني لا يستعين به وقيل: { لا يشرك في حكمه أحدا } منهم، يعني أحدا في خلقه والانعام عليهم، وقيل: أراد الأوثان لم يشركهم في الإلهية { ولن تجد من دونه ملتحدا } ، قيل: ملجأ { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم } الآية نزلت في سلمان وأبي ذر وصهيب وعمر وغيرهم من فقراء المسلمين وذلك أن قوما من فقراء الكفر قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أجلسنا في صدر الملجلس، واطرد عنا هؤلاء وأرواح جباتهم وكانت جباتهم من صوف جلسنا اليك فإنا ان نسلم تسلم الناس من بعدنا، والله ما يمنعنا إلا هؤلاء فنزلت، وقيل: نزلت في أهل الصفة فلما نزلت الآية قال (صلى الله عليه وآله وسلم):

" الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم "

{ بالغداة والعشي } دائبين على الدعاء في كل وقت، وقيل: أراد صلاة الفجر والعصر { يريدون وجهه } أي عظمته ورضاه { ولا تعد عيناك عنهم } أي أقبل اليهم ولا تنحاز عيناك عن هؤلاء المؤمنين ولا تبصر هؤلاء المشركين { تريد زينة الحياة الدنيا } ، قيل: مجالسة الأشراف، وقيل: هو نهي للتعرض بهذه الحالة لا حكم بأنه أراد زينة الحياة وذلك إكرام من الله تعالى للمؤمنين بأن أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يختارهم { ولا تطع من أغفلنا قلبه } صادفنا قلبه غافلا، وقيل: نسبناه إلى الغفلة وحكمنا عليه بذلك، وقد أبطل الله توهم المحبرة بقوله: { واتبع هواه } ، قيل: هو أمية بن خلف المخزومي، وقيل: عام في جميع الكفار نهاه عن اتباع مرادهم، واتبع هواه أي لم يتبع الحق { وكان أمره فرطا } ، قيل: مخالفا للحق، وقيل: مسرفا.

[18.29-36]

{ وقل } يا محمد لهؤلاء الكفرة هذا الذي تلوته عليكم هو { الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } تهديد ليس بإباحة وتخير أي أظهر الحق فمن تبعه نجا ومن خالفه هلك، والمعنى جاء الحق وانزاحت العلل فلم إلا اختاروا لأنفسكم ما شئتم أما طريق النجاة أو طريق الهلاك { إنا أعتدنا } هيأنا { للظالمين } ، قيل: العاصين { نارا أحاط بهم سرادقها } ، قيل: حائط من نار يطبق بهم، وقيل: سرادقها دخانها ولهبها، وقيل: أراد النار تحيط بهم من جوانبهم، قوله تعالى: { وإن يستغيثوا } من شدة العطش وحر النار { يغاثوا بماء كالمهل } ، قيل: كلما أذيب، وقيل: أراد الرصاص والنحاس والصفر، وقيل: هو القيح والدم، وقيل: ما اسود وجهنم سوداء وأهلها سود { يشوي الوجوه } إذا قرب من الوجوه شوت لحومهم وسقطت جلودهم { بئس الشراب } ذلك المذكور { وساءت مرتفقا } متكأ، وقيل: منزلا، وقيل: مقرا، وقيل: مجلسا ولما تقدم الوعيد عقبه بذكر الوعد على عادته فقال تعالى: { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعني ما أوجب عليهم من الطاعات، { إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا } على إحسانه وتوفيقه أجره من غير بخس، ثم بين ذلك الأجر فقال سبحانه: { أولئك لهم جنات } أي بساتين { عدن } ، قيل: جنات الخلد عن أبي علي لأن العدن هو الإقامة، وقيل: العدن اسم من أسماء الجنة، وقيل العدن أحد الجنان الأربع { تجري من تحتهم الأنهار } أي من تحت أبنيتها { يحلون فيها } أي يزينون { فيها من أساور من ذهب } على كل واحد ثلاثة أساور واحد من فضة وواحد من ذهب وواحد من لؤلؤ وياقوت { ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق } قيل: السندس ما رق من الديباج، والاستبرق ما غلظ { متكئين فيها على الأرائك } ، قيل: على السرر في الحجال، وقيل: على الفرش في الحجال { نعم الثواب } نعم الجزاء { وحسنت مرتفقا } ، قيل: مجلسا ومكانا، وقيل: مجالسة النبيين والصديقين كقوله:

وحسن أولئك رفيقا

ناپیژندل شوی مخ