494

{ وزنوا } وقت وزنكم لغيركم من عباد الله { بالقسطاس } والميزان { المستقيم } [الشعراء: 182] العدل السوي بحيث لا يميل إلى جانب أصلا.

{ و } عليكم أيضا أن { لا تبخسوا } ولا تنقصوا { الناس أشيآءهم } ولا تكسروا سلعهم { و } بالجملة: { لا تعثوا في الأرض } أي: لا تمشوا عليها بالظلم { مفسدين } [الشعراء: 183] بأنواع الفساد.

{ و } كيف تفسدون فيها، وتظلمون من عليها { اتقوا } القادر المقتدر { الذي خلقكم } وأظهركم من كتم العدم { و } كذا خق { الجبلة الأولين } [الشعراء: 184] وذوي الخلقة من المتقدمين من أسلافكم وغيرهم أيضا.

وبعدما سمعوا منه ما سمعوا من الحكم والتذكيرات { قالوا } متهكمين مستهزئين: { إنمآ أنت } يا شعيب { من المسحرين } [الشعراء: 185] الذين ضاعت عقولهم بالسحر والافتتان.

{ و } كيف تكون أنت من المرسلين { مآ أنت إلا بشر مثلنا } ومن أين يتيسر لبشر أن يكون مرسلا من رب العالمين { وإن نظنك } في دعواك الرسالة { لمن الكاذبين } [الشعراء: 186] المفترين؟!.

{ فأسقط علينا كسفا } قطعا { من السمآء } من بعض إقطاعها تهلكنا بها { إن كنت من الصادقين } [الشعراء: 187] في أمرك هذا ورسالتك.

وبعدما آيس شعيب عليه السلام عن إيمانهم { قال } لهم مشتكيا إلى الله: { ربي أعلم } بعلمه الحضوري { بما تعملون } [الشعراء: 188] من أنواع الفسادات، وبمقدار ما تستحقون عليها من الجزاء والعذاب.

وبالجملة { فكذبوه } تكذيبا شديدا، وأنكروا عليه إنكارا بليغا، ولم يقبلوا قوله واستحقوا العذاب { فأخذهم عذاب يوم الظلة } على الوجه الذي اقترحوا منه، شدد الله عليهم بالحر؛ حيث اضطروا إلى الاستظلال، وذلك يوم غلت المياة في الأنهار، وظلتهم السحابة بغتة فازدحموا تحتها مستظلين، فأمطر الله عليهم نارا فاحترقوا بالمرة { إنه كان عذاب يوم عظيم } [الشعراء: 189] لعظم جرمهم وعذابهم فيه.

{ إن في ذلك } الأخذ والإنزال والإظلال { لآية } دالة على كمال قهرنا إياهم وزجرنا وانتقامنا عنهم { وما كان أكثرهم مؤمنين } [الشعراء: 190] بقهرنا وغضبنا متقضيات أوصافنا الجلالية.

{ وإن ربك } يا أكمل الرسل { لهو العزيز } الغالب على عموم المرادات والمقدورات من الثواب والعقاب، والإنعام والانتقام { الرحيم } [الشعراء: 191] على من فقهم إلى مقتضى ما رضي عنهم، ويسر لهم الامتثال بما أمرهم ونهاهم.

ناپیژندل شوی مخ