خاتمة السورة
عليك أيها الطالب القاصد لاستكشاف سرائر المرتبة الجامعة المحمدية التي اتحد عندها قوسا الوجوب والإمكان، واتصل دوننها الغيب والشهادة أن تتأمل في القرآن المنزل عليه من عند ربه على مقتضى نشأته وكمال استعداده وعزة شأنه، وتتدبر حق التدبر في مرموزاته بقدر وسعك وطاقتك، وإن كان الاطلاع على غوره من المستحيلات سيما بالنسبة إلى ذوي الاستعدادات الضعيفة حتى يشهد لك ذوقك ووجدانك برسالته وبنوبته وهدايته إلى توحيد ربه وإرشاده إلى سبيل الحق، ولا يتيسر لك هذا إلا بعد تصفية ظاهرك عن الشواغل الحسية والعلائق الدنياوية مطلقا، وباطنك عن التقليدات والتخمينات الموروثة لدرن الجهالات ورين الخيالات الموقعة لأنواع الشبهات والترردات.
وبالجملة: لا يحصل لك هذا إلا بعد تحققك في مرتبة الموت الأرادي وخروجك عن مقتضى هويتك مطلقا.
جعلنا الله ممن أيده الحق لسلوك طريق توحيده، ووفقه إلى سواء سبيله بمنه وجوده.
[14 - سورة ابراهيم]
[14.1-4]
{ الر } أيها الإنسان الكامل الأحق الأليق للوامع لوائح رموزات رقائق الربوبيية بأن تنزل على قلبك بطريق الوحي والإلهام، فتذيعه بين الأنام على سبيل الإرشاد والتكميل هذا { كتاب } جامع لجميع لوامع رقائق الربوبية ودقائق لوائح الألوهية ، مناسب مطابق لمرتبتك الجامعة { أنزلناه إليك } تأييدا لك في أمرك { لتخرج الناس } الناسين المقام الأصلي والمنزل الحقيقي { من الظلمات } الإمكانية الطبيعية الهيولانية { إلى النور } البحت الخالص عن شوب المادة والمدة، وليس إخراجك إياهم إلا { بإذن ربهم } الذي رباهم في أصل استعداداتهم وفطرتهم بأنواع اللطف والكرم، ووفقهم على قبول ما جئت به من عند ربهم ليوصلهم { إلى صراط العزيز } الغالب في أمره على مقتضى قدرته وإرادته على الوجه الأقوم الأعدل { الحميد } [إبراهيم: 1] في فعله؛ لخلوه عن كلا طرفي الإفراط والتفريط.
وكيف لا يكون صراطه مستقيما وأفعاله معتدلا مقتصدا؛ إذ هو { الله } المستجمع لجميع الكمالات { الذي له } تكوين { ما في السموت } من الكواكب السيارات والثوابت على النمط البديع والتركيب العجيب { وما في الأرض } من العناصر والمركبات على أقوم الأزمجة وأعدله { وويل } أي: طرد وتبعيد عن مرتبة التوحيد { للكافرين } الساترين شمس الحق الظاهر بالعدالة التامة والاستحقاق بغيوم الأظلال الباطلة والعكوس العاطلة { من عذاب شديد } [إبراهيم: 2] هو مسخهم وتبديلهم عن كما مظهرية الحق وخلافته إلى مرتبة الحيواناا العجم، بل إلى مربتة الجمادات التي هي أنزل المراتب
أولئك كالأنعام بل هم أضل
[الأعراف: 179].
ناپیژندل شوی مخ