ثم قال سبحانه تسجيلا عليهم بالكفر والضلال: { إن شر الدواب عند الله } الحكيم المظهر المتقن في إظهارها { الذين كفروا } بالله وآياته ورسله، وأصروا عليه بلا تمايل منهم إلى الإيمان؛ لرسوخهم فيه { فهم } من خبث طينتهم { لا يؤمنون } [الأنفال: 55] أي: لا يرجى منهم الإيمان أصلا.
عبر سبحانه عنهم بلفظ الدواب؛ لانخلاعهم عن مقتضى الإنسانية الذي هو الإيمان والمعرفة مطلقا فلحقوا بالبهائم، بل أسوأ حالا منها، لذلك قال سبحانهك
إن شر الدواب
[الأنفال: 22، 55].
وإنما صاروا من شر الدواب؛ لأنهم { الذين عاهدت منهم } يا أكمل الرسل وأخذت مواثيقهم مرارا { ثم ينقضون عهدهم في كل مرة } وما هي إلا من شدادتهم وخباثة طينتهم، وعدم فطنتهم لحكمة المعاهدة والمواثيق { وهم } من تركب جهلهم { لا يتقون } [الأنفال: 56] ولا يتركون الغدر والنفاق، ولا يوفون بالعهد والميثاق.
[8.57-59]
{ فإما تثقفنهم } وتظفرون عليهم { في الحرب فشرد بهم } وفرق جمعهم، وشتت شملهم بحيث ينقطع منهم { من } يأتي { خلفهم } من مظاهرهم ومعاوينهم { لعلهم } بتشتيتك وتفريقك إياهم { يذكرون } [الأنفال: 57] يتعظون وينتبهون من أمرك وتأييدك فيؤمنوا بك وبما جئت به.
{ وإما تخافن من قوم } عاهدت معهم، وأخذت الميثاق عنهم { خيانة } ونقضا من إمارات لاحت منهم وظهر عليهم { فانبذ } واطرح { إليهم } أولا عهدهم { على سوآء } بلا عذر وخداع، وأظهر العداوة، وارفع المعاهدة على رءوس الملأ، ثم اخرج عليهم بالقتال؛ لئلا يؤدي إلى الخيانة والغدر { إن الله } المتصف بالعدل القويم { لا يحب الخائنين } [الأنفال: 58] المخادعين الغادرين، سيما من المؤمنين الموحدين.
{ ولا يحسبن } يا أكمل الرسل { الذين كفروا } بالله وبك { سبقوا } مضوا وانقرضوا على { إنهم لا يعجزون } [الأنفال: 59] المؤمنين، ولا يضطرونهم إلى القتال فعليكم جمع العدة والتهيئة.
[8.60-63]
ناپیژندل شوی مخ