{ أ } أنكرتم وكذبتم أمري وأهدائي { و عجبتم } من انهماككم في الغي والضلال من { أن جآءكم } لإصلاح حالكم { ذكر } عظمة وتذكير { من ربكم على رجل منكم لينذركم } عما يضلكم ويغويكم تفضلا وامتنانا عليكم؟ { و } لا تستبعدوا من الله أمثال هذا ولا تنكروها، بل { اذكروا } نعمه عليكم { إذ جعلكم خلفآء من بعد قوم نوح } وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم { وزادكم } بسببها { في الخلق بصطة } تفوقا واستعلاء { فاذكروا } أيها المترفهون بنعم الله { ءالآء الله } الفائضة عليكم واشكروا لها { لعلكم تفلحون } [الأعراف: 69] تفوزون من عنده بشرف الرضا والتسليم.
ثم لما بالغ في نصحهم وإرشادهم وبذل جهده في أداء الرسالة والتبليغ { قالوا } في جوابه من غاية قسوتهم ونهاية حميتهم مستفهما مقرعا: { أجئتنا } أيها الكذاب السفيه { لنعبد الله } الذي ادعيت أنت أنه { وحده } لا شريك له ولا إله سواه { ونذر ما كان يعبد آباؤنا } من الآلهة، فاذهب أنت وإلهك إذ لا نؤمن بك وبه أصلا، وإن شئت { فأتنا بما تعدنآ } من العذاب والنكال { إن كنت من الصادقين } [الأعراف : 70] في دعواك.
[7.71-72]
ثم لما أيس هو من هدايتهم وصلاحهم { قال قد وقع } وجب وحق { عليكم من ربكم رجس } عذاب شديد تضطرون به { وغضب } نازل من عنده بحيث يستأصلكم بالمرة { أتجدلونني } أيها المغضوبون بغضب الله { في أسمآء } أشياء { سميتموهآ أنتم وآبآؤكم } من تلقاء أنفسكم آلهة تعبدونها كعبادة الله مع أنه { ما نزل الله بها من سلطان } حجة وبرهان تستدلون بها على عبادة هؤلاء التماثيل العاطلة والمفتريات الباطلة وبعدما ظهر الحق فلم تقبلوا أيها المسرفون { فانتظروا } نزول العذاب { إني معكم من المنتظرين } [الأعراف: 71].
روي أنهم كانوا يعبدون الأصنام: فلما بعث إليهم هود كذبوه وأصروا على ما هم عليه عتوا وعنادا التماثيل العاطلة، فأمسك الله القطر عنهم ثلاث سنين حتى جهدهم، وكان من عادتهم إذا نزل عليهم البلاء توجهوا نحو البيت الحرام، وتقربوا عندها وطبوا من الله الفرج: فجهزوا إليها قيل بن عنز، ومرثد بن سعد في سبعين من أعيانهم، وكان إذ ذاك بمكة العمالقة أولاد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وسيدهم معاوية بن بكر، فلما قدموا عليه وهو بظاهر مكة أنزلهم وأكرمهم، فلبثوا عنده شهرا، ثم قصدوا البيت ليدعوا.
قال مرثد: والله لا يسقون بدعائكم، ولكنكم إن أطعتم نبيكم وتبتم إلى الله لأسقيتم، فقالوا لمعاوية: احبس منا مرثدا لا يقدمن معنا مكة، فإنه قد اتبع دين هود، وترك ديننا، فحبسه ثم دخلوا مكة.
فقال قيل: الله اسق ما كنت تسقيهم، فأنشأ الله سحابات ثلاث: بيضاء وحمراء وسوداء، ثم نادى مناد من جانب السماء: اختر يا قيل لنفسك ولقومك منها، قال: اخترت السوداء؛ لأنها أكثرهن ماء، فخرجت على عاد من وادي المغيث، فاستبشروا بها واستعجلوا لنزولها، وقالوا: هذا عارض ممطرنا، بل ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم، فجاءتهم ريح عقيم فأهلكتهم.
{ فأنجيناه } أي: هودا { والذين } آمنوا { معه برحمة } نازلة { منا } لإيمانهم وانقيادهم { وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا } بأن استأصلناهم { و } هم { ما كانوا مؤمنين } [الأعراف: 72] بنبينا وكتابنا، ولا من شأنهم التصديق.
[7.73-74]
{ و } أرسلنا أيضا { إلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جآءتكم بينة } معجزة ظاهرة الدلالة على صدقي في دعواي نازلة { من ربكم هذه ناقة الله } أظهرها { لكم آية } دالة على صدقي في قولي { فذروها تأكل في أرض الله } حيث شاءت { و } عليكم أن { لا تمسوها بسوء } وإن آذيتموها بسوء { فيأخذكم عذاب أليم } [الأعراف: 73] مؤلم مفظع مستأصل، فعليكم أن تحفظوها حتى لا ينزل عليكم العذاب.
ناپیژندل شوی مخ