{ و } أيضا أباح لكم ربكم أيها المؤمنون { من الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل ءآلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين } يعني: لم يحرم أيضا شيئا منهما ولا ما في بطنهما ذكرا كان أو أنثى { أم } تدعون أيها المدعون أنكم { كنتم شهدآء } حضراء { إذ وصكم الله } أي: حين وصاكم الله { بهذا } التحريم؛ لأنه ما أخبر به نبي وما جاء به كتاب، فبقي أن تدعوا الحضور عنده سبحانه وأنتم أيها المفترون من المردودين المطرودين عن ساحة عز حضوره سبحانه، وما من الأمر تسويلات نفوسكم وتلبيسات شياطين أوهامكم وخيالاتكم تفترونه على الله ظلما وزورا { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس } عن طريق الحق { بغير علم } نص ونقل وارد نازل من عند الله بل من تلقاء نفسه تلبيسا وتخليطا لضعفاء العوام { إن الله } المطلع بمخايل المفسدين { لا يهدي } إلى طريق صراط توحيده { القوم الظلمين } [الأنعام: 144] المفترين عليه بأمثال هذه المفتريات الزائغة.
[6.145-146]
{ قل } يا أكمل الرسل على مقتضى ما أوحينا إليك: { لا أجد في مآ أوحي إلي } أي: في القرآن الجامع لأحكام الكتب السابقة المستحضر لها { محرما } طعاما حرمه الله { على طاعم يطعمه } بل أجد كل ما يطعم حلالا؛ إذ الأصل في الأشياء الحل { إلا أن يكون ميتة } مات حتف أنفسه بلا زكاة { أو دما مسفوحا } سائلا جاريا مفروزا عن اللحم { أو لحم خنزير فإنه رجس } نجس في نفسه لا يقبل الزكاة أصلا { أو } ما يذبح من المحللات { فسقا } خروجا عن مقتضى الشرع بأن { أهل لغير الله به } حين ذبحه من أسماء الأصنام وغيرها، وما سوى هذه المستثنيات المذكورة فهو مباح { فمن اضطر } أيضا إلى تناول تلك المستثنيات حال كونه { غير باغ } خارج على أهل الإسلام ظلما { ولا عاد } مجاوز عن سد الجوعة { فإن ربك غفور } لمن تناولها ضرورة { رحيم } [الأنعام: 145] لا يؤاخذه عليها بل إن لم يتناول في محل الاضطرار، وهلك كان عاصيا البتة؛ لأنه تخريب لبيت الله وإبطال لصنعه بعدما رخص.
{ و } إن سألوك يا أكمل الرسل عن محرمات الأمم الماضية قل لهم نيابة عنا: { على الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر } وحافر يمكن أن يخرج معها { ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهمآ إلا ما حملت } من الشحوم { ظهورهما } وهي الثروب وشحوم الكلى { أو } حملتها { الحوايآ } أي: الأمعاء { أو ما اختلط } من الشحوم { بعظم } كالألية { ذلك } أي: تحريم هذه الأشياء، وإن كان الأصل في الأشياء الحل والإباحة مطلقة بسبب أنا { جزينهم ببغيهم } بها وظلمهمه وخروجهم عن حدودنا بلا ورود نص منا { وإنا لصدقون } [الأنعام: 146] في جميع ما أوحينا إليك من الأقوال والأخبار والمواعيد والوعيدات.
[6.147-149]
{ فإن كذبوك } وعاندوك فيما تلونا عليك { فقل } لهم إمحاضا للنصح على مقتضى مرتبة النبوة: { ربكم ذو رحمة واسعة } يمهلكم على ما أنتم عليه ويوسع عليكم على مقتضى رحمته وجماله { و } الحال أنه { لا يرد بأسه } وبطشه على مقتضى غيرته وحميته وجلاله { عن القوم المجرمين } [الأنعام: 147] الذين أجرموا على الله بالخروج عن مقتضى أحكامه النازلة على ألسنة رسله.
{ سيقول الذين أشركوا } على سبيل التكذيب والإنكار فيما جئت به: و { لو شآء الله } ما أنت ترويه عنه وتدعيه بالنسبة إلينا { مآ أشركنا } مع أنه القادر على جميع ما أراد { ولا } أشرك { آباؤنا } أيضا { ولا حرمنا من شيء } مما أجزت تحريمه عنه بالنسبة إلينا بل ما هي إلا مفتريات تخترعه من عندك { كذلك } مثل تكذيبهم لك بأمثال هذه الهذيانات الباطلة { كذب الذين } مضوا { من قبلهم } أنبياءهم { حتى ذاقوا بأسنا } الذي أنزلنا عليهم واستأصلناهم بتكذيبهم، وإن أردت إلزامهم وتبكيتهم { قل } لهم مستفهما: { هل } حصل { عندكم من علم } نقل صريح وحجة واضحة موردة من عند الله { فتخرجوه لنآ } وتظهروه حتى نتبعه، ونقبله؟ فإن لم يخرجوا فقل لهم: { إن تتبعون } أي: ما تتبعون { إلا الظن } الذي لا يغني من الحق شيئا { وإن أنتم إلا تخرصون } [الأنعام: 148] تكذبون على الله افتراء ومراء، فأعرض عنهم ودع مجادلتهم ومخاطبتهم.
{ قل } يا أكمل الرسل بدما ألزموا وأفحموا: { فلله الحجة } البينة الواضحة { البالغة } حد الكمال { فلو شآء } هدايتكم { لهداكم أجمعين } [الأنعام: 149] أي: لأوضح حجته عليكم ووفقكم إلى قبوله، ولكن لم تتعلق مشيئته على هدايتكم لذلك أصررتم واستكبرتم، وإذا لم ينتبهوا بعد إلقاء حجة الله عليهم بل أصروا على تقليد أحبارهم.
[6.150-151]
{ قل } لهم يا أكمل الرسل: { هلم شهدآءكم } أي: أحضروا أحباركم { الذين يشهدون أن الله حرم } في كتابه { هذا } أي: ما ادعيتم تحريمها.
ناپیژندل شوی مخ