64

تفسير البغوي

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

پوهندوی

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

خپرندوی

دار طيبة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الرابعة

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

وَالْكَافِرُونَ يَسُدُّونَ آذَانَهُمْ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَخَافَةَ مَيْلِ الْقَلْبِ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ وَالْكُفْرُ مَوْتٌ ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ أَيِ الْقُرْآنُ يَبْهَرُ قُلُوبَهُمْ. وَقِيلَ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ فَالْمَطَرُ الْإِسْلَامُ وَالظُّلُمَاتُ مَا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْمِحَنِ، وَالرَّعْدُ: مَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ وَالْمَخَاوِفِ فِي الْآخِرَةِ، وَالْبَرْقُ مَا فِيهِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ﴾ يَعْنِي أَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا رَأَوْا فِي الْإِسْلَامِ بَلَاءً وَشِدَّةً هَرَبُوا حَذَرًا مِنَ الْهَلَاكِ ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ جَامِعُهُمْ يَعْنِي لَا يَنْفَعُهُمْ هَرَبُهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ وَرَائِهِمْ يَجْمَعُهُمْ فَيُعَذِّبُهُمْ. يَكَادُ الْبَرْقُ يَعْنِي دَلَائِلَ الْإِسْلَامِ تُزْعِجُهُمْ إِلَى النَّظَرِ لَوْلَا مَا سَبَقَ لَهُمْ مِنَ الشَّقَاوَةِ. ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾ يَعْنِي أَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا أَظْهَرُوا كَلِمَةَ الْإِيمَانِ آمَنُوا فَإِذَا مَاتُوا عَادُوا إِلَى الظُّلْمَةِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ كُلَّمَا نَالُوا غَنِيمَةً وَرَاحَةً فِي الْإِسْلَامِ ثَبَتُوا وَقَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ ﴿وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ﴾ يَعْنِي رَأَوْا شِدَّةً وَبَلَاءً تَأَخَّرُوا وَقَامُوا أَيْ وَقَفُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ" (١١-الْحَجِّ) ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ﴾ أَيْ بِأَسْمَاعِهِمْ ﴿وَأَبْصَارِهِمْ﴾ الظَّاهِرَةِ كَمَا ذَهَبَ بِأَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمُ الْبَاطِنَةِ، وَقِيلَ لَذَهَبَ بِمَا اسْتَفَادُوا مِنَ الْعِزِّ وَالْأَمَانِ الَّذِي لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ. ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قَادِرٌ. قَرَأَ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ شَاءَ وَجَاءَ حَيْثُ كَانَ بِالْإِمَالَةِ. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدِّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: يَا أَيُّهَا النَّاسُ خِطَابُ أَهَّلِ مَكَّةَ، وَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خِطَابُ أَهَّلِ الْمَدِينَةِ (١) وَهُوَ هَاهُنَا عَامٌّ إِلَّا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الصِّغَارُ وَالْمَجَانِينُ. ﴿اعْبُدُوا﴾ وَحِّدُوا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: كَلُّ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْعِبَادَةِ فَمَعْنَاهَا التَّوْحِيدُ ﴿رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ وَالْخَلْقُ: اخْتِرَاعُ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ ﴿وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ أَيْ وَخَلَقَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ لِكَيْ تَنْجُوا مِنَ الْعَذَابِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ كُونُوا عَلَى رَجَاءِ التَّقْوَى بِأَنْ

(١) انظر: الكافي الشاف: لابن حجر (ص٥) .

1 / 71