241

تفسير البغوي

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

پوهندوی

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

خپرندوی

دار طيبة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الرابعة

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

رَأْيَكَ فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَحْرِيمَ الْخَمْرِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: إِلَى قَوْلِهِ ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ . وَذَلِكَ بَعْدَ غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ بِأَيَّامٍ فَقَالَ عُمْرُ ﵁ انْتَهَيْنَا يَا رَبِّ، قَالَ أَنَسٌ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ لِلْعَرَبِ عَيْشٌ أَعْجَبَ مِنْهَا وَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا أَشَدَّ مِنَ الْخَمْرِ (١) . [وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتِ الآية في ٣٤/أسُورَةِ الْمَائِدَةِ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فَخَرَجْنَا بِالْحِبَابِ (٢) إِلَى الطَّرِيقِ فَصَبَبْنَا مَا فِيهَا فَمِنَّا كَسَرَ صَبَّهُ وَمِنَّا مَنْ غَسَلَهُ بِالْمَاءِ وَالطِّينِ، وَلَقَدْ غُودِرَتْ (٣) أَزِقَّةُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ حِينًا فَلَمَّا مُطِرَتِ اسْتَبَانَ فِيهَا لَوْنُ الْخَمْرِ وَفَاحَتْ مِنْهَا رِيحُهَا] (٤) . أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَا كَانَ لَنَا خَمْرٌ غَيْرَ فَضِيخِكُمْ (٥) وَإِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَفُلَانًا وَفُلَانًا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ. فَقَالُوا أَهْرِقْ هَذِهِ الْقِلَالَ يَا أَنَسُ قَالَ فَمَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلَا رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ (٦) . عَنْ أَنَسٍ: سُمِّيَتْ خَمْرًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَدَعُونَهَا فِي الدِّنَانِ حَتَّى تَخْتَمِرَ وَتَتَغَيَّرَ، وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ: لِأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى صَفَا صَفْوُهَا، وَرَسَبَ كَدَرُهَا، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَاهِيَّةِ الْخَمْرِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ عَصِيرُ الْعِنَبِ أَوِ الرُّطَبِ الَّذِي اشْتَدَّ وَغَلًا مِنْ غَيْرِ عَمَلِ النَّارِ فِيهِ، وَاتَّفَقَتِ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَمْرَ نَجِسٌ يُحَدُّ شَارِبُهُ وَيَفْسُقُ وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا، وَذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَتَعَدَّى هَذَا وَلَا يَحْرُمُ مَا يُتَّخَذُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَالْمُتَّخَذِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَالْعَسَلِ وَالْفَانِيدِ (٧) إِلَّا أَنْ يُسْكَرَ مِنْهُ فَيَحْرُمُ، وَقَالُوا إِذَا طُبِخَ عَصِيرُ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُهُ فَهُوَ حَلَالٌ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَإِنْ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ قَالُوا هُوَ حَلَالٌ مُبَاحٌ شُرْبُهُ إِلَّا أَنَّ السُّكْرَ مِنْهُ حَرَامٌ، وَيَحْتَجُّونَ بِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ كَتَبَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ أَنِ ارْزُقِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الطِّلَاءِ مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ. وَرَأَى أَبُو عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٌ شُرْبَ الطِّلَاءِ عَلَى الثُّلُثِ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِذَا طُبِخَ الْعَصِيرُ أَدْنَى طَبْخٍ صَارَ حَلَالًا وَهُوَ قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ. وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ كُلَّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَهُوَ خَمْرٌ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ يُحَدُّ شَارِبُهُ.

(١) انظر: الدر المنثور: ١ / ٦٠٥،٦٠٦. (٢) الخابيه فارسية معربة. (٣) تُرِكَتْ. (٤) ساقط من (ب) . (٥) شراب يتخذ من البسر. (٦) رواه مسلم: في الأشربة - باب: تحريم الخمر ... برقم (١٩٨٠) ٣ / ١٥٧١. (٧) نوع من الحلوى.

1 / 250