231

تفسير البغوي

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

پوهندوی

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

خپرندوی

دار طيبة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الرابعة

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠)﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَالْكِسَائِيُّ السِّلْمَ هَاهُنَا بِفَتْحِ السِّينِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، وَفِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ" بِالْكَسْرِ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، وَفِي سُورَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ بِالْكَسْرِ حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ. نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ النَّضِيرِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَ السَّبْتَ وَيَكْرَهُونَ لُحْمَانَ الإبل وألبانها بعد ما أَسْلَمُوا وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ التَّوْرَاةَ كِتَابُ اللَّهِ فَدَعْنَا فَلْنَقُمْ بِهَا فِي صَلَاتِنَا بِاللَّيْلِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ (١) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ مُجَاهِدٌ فِي أَحْكَامِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَعْمَالِهِمْ ﴿كَافَّةً﴾ أَيْ جَمِيعًا، وَقِيلَ: ادْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ إِلَى مُنْتَهَى شَرَائِعِهِ كَافِّينَ عَنِ الْمُجَاوَزَةِ إِلَى غَيْرِهِ، وَأَصْلُ السِّلْمِ مِنَ الِاسْتِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلصُّلْحِ سِلْمٌ، قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: الْإِسْلَامُ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ فَعَدَّ الصَّلَاةَ، وَالزَّكَاةَ، وَالصَّوْمَ، وَالْحَجَّ، وَالْعُمْرَةَ، وَالْجِهَادَ، وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ: قَدْ خَابَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ. ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ أَيْ آثَارَهُ فِيمَا زَيَّنَ لَكُمْ مِنْ تَحْرِيمِ السَّبْتِ وَلُحُومِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهِ ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّحَّانُ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ أَتَاهُ عُمْرُ فَقَالَ إِنَّا نَسْمَعُ أَحَادِيثَ مِنْ يَهُودَ فَتُعْجِبُنَا، أَفَتَرَى أَنْ نَكْتُبَ بَعْضَهَا؟ فَقَالَ: "أَمُتَهَوِّكُونَ (٢) أَنْتُمْ كَمَا تَهَوَّكَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً وَلَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي" (٣) .

(١) انظر: أسباب النزول للواحدي ص (٩٧) . (٢) التهوك كالتهور، وهو الوقوع بالأمر بغير روية، والمتهوك: الذي يقع في كل أمر، وقيل: هو التحير. (٣) رواه أحمد ٣ / ٣٨٧ - عن جابر. وابن أبي عاصم في السنة ١٠ / ٢٧، والدارمي ١ / ١١٥، وابن عبد البر في جامع بيان العلم ص٣٣٩ وله شواهد عند أبي يعلى بنحوه ٢ / ٤٢٦-٤٢٧. أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث: ٣ / ٢٨-٢٩. قال الهيثمي في المجمع ١ / ١٧٤ وفيه مجالد بن سعيد ضعفه أحمد ويحيى بن سعيد وغيرهما. والمصنف في شرح السنة ١ / ٢٧٠. وحسنه الألباني فذكر له شواهد كثيرة. انظر إرواء الغليل ٦ / ٣٤-٣٨ ظلال الجنة ١ / ٢٧.

1 / 240