تفسير البغوي
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
پوهندوی
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
خپرندوی
دار طيبة للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الرابعة
د چاپ کال
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
وَالْخِصَامُ مَصْدَرُ خَاصَمَهُ خِصَامًا وَمُخَاصَمَةً قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ جَمْعُ خَصْمٍ يُقَالُ: خَصْمٌ وَخِصَامٌ وَخُصُومٌ مِثْلُ بَحْرٍ وَبِحَارٍ وَبُحُورٍ قَالَ الْحَسَنُ: أَلَدُّ الْخِصَامِ أَيْ كَاذِبُ الْقَوْلِ، قَالَ قَتَادَةُ: شَدِيدُ الْقَسْوَةِ فِي الْمَعْصِيَةِ، جَدِلٌ بِالْبَاطِلِ يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ وَيَعْمَلُ بِالْخَطِيئَةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْأَلَدُّ الْخَصِمُ" (١)
﴿وَإِذَا تَوَلَّى﴾ أَيْ أَدْبَرَ وَأَعْرَضَ عَنْكَ ﴿سَعَى فِي الْأَرْضِ﴾ أَيْ عَمِلِ فِيهَا، وَقِيلَ: سَارَ فِيهَا وَمَشَى ﴿لِيُفْسِدَ فِيهَا﴾ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَطَعَ الرَّحِمَ وَسَفَكَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ ﴿وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَخْنَسَ (٢) كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَقِيفٍ خُصُومَةٌ فَبَيَّتَهُمْ لَيْلَةً فَأَحْرَقَ زُرُوعَهُمْ وَأَهْلَكَ مَوَاشِيَهُمْ (٣)
قَالَ مُقَاتِلٌ: خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ مُقْتَضِيًا مَالَا لَهُ عَلَى غَرِيمٍ فَأَحْرَقَ لَهُ كُدْسًا وَعَقَرَ لَهُ أَتَانًا، وَالنَّسْلُ: نَسْلُ كُلِّ دَابَّةٍ وَالنَّاسُ مِنْهُمْ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى﴾ أَيْ مَلَكَ الْأَمْرَ وَصَارَ وَالِيًا ﴿سَعَى فِي الْأَرْضِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: فِي قَوْلِهِ ﷿ ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ﴾ قَالَ إِذَا وَلِيَ فَعَمِلَ بالعدوان والظلم فأمسك اللَّهُ الْمَطَرَ وَأَهْلَكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ أَيْ لَا يَرْضَى بِالْفَسَادِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: قَطْعُ الدِّرْهَمِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ﴾ أَيْ خِفِ اللَّهَ ﴿أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ﴾ أَيْ حَمَلَتْهُ الْعِزَّةُ وَحَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الْفِعْلِ بِالْإِثْمِ أَيْ بِالظُّلْمِ، وَالْعِزَّةُ: التَّكَبُّرُ وَالْمَنَعَةُ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ ﴿أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ﴾ لِلْإِثْمِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ، فَأَقَامَ الْبَاءَ مَقَامَ اللَّامِ.
قَوْلُهُ ﴿فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ﴾ أَيْ كَافِيهِ ﴿وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ أَيِ الْفِرَاشُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُقَالَ: لِلْعَبْدِ اتَّقِ اللَّهَ فَيَقُولُ: عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: اتَّقِ اللَّهَ، فَوَضَعَ خَدَّهُ عَلَى الْأَرْضِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ ﷿.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾ أَيْ لِطَلَبِ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي سَرِيَّةِ الرَّجِيعِ وَذَلِكَ أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ: إِنَّا قَدْ أَسْلَمْنَا فَابْعَثْ إِلَيْنَا نَفَرًا مِنْ عُلَمَاءِ أَصْحَابِكَ يُعَلِّمُونَنَا دِينَكَ، وَكَانَ ذَلِكَ مَكْرًا مِنْهُمْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ وَمَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ وَخَالِدَ بْنَ بُكَيْرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ الْبَلَوِيَّ وَزَيْدَ بْنَ الدَّثِنَةِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ
(١) رواه البخاري: في التفسير باب الألد الخصم ١٣ / ١٨٠. ومسلم: في العلم باب الألد الخصم برقم (٢٦٦٨) ٤ / ٢٠٥٤. والمصنف في شرح السنة ١٠ / ٩٧. (٢) الأخنس بن شريق - بشين مفتوحة وراء مكسورة وقاف في آخره - رجل من ثقيف. (٣) انظر: تفسير الواحدي: ١ / ٣٠٢، أسباب النزول له أيضا ص (٥٨) .
1 / 236