تفسير البغوي
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
پوهندوی
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
خپرندوی
دار طيبة للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الرابعة
د چاپ کال
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
الْحَجَّ بِالْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وطاووس وَمُجَاهِدٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّ هَذِهِ الْأَشْهُرَ بِغَرَضِ الْحَجِّ فِيهَا فَلَوِ انْعَقَدَ فِي غَيْرِهَا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا التَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ، كَمَا أَنَّهُ عَلَّقَ الصَّلَوَاتِ بِالْمَوَاقِيتِ ثُمَّ مَنْ أَحْرَمَ بِفَرْضِ الصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ لَا يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ عَنِ الْفَرْضِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ ﵃، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ: فَجَمِيعُ أَيَّامِ السَّنَةِ لَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِالْحَجِّ، وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ فَكَانَ إِذَا حُمِّمَ رَأْسُهُ خَرَجَ فَاعْتَمَرَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ ﴿فَلَا رَفَثٌ وَلَا فُسُوقٌ﴾ بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ فِيهِمَا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنَّصْبِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ كُلَّهَا بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّفَثِ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ هُوَ الْجِمَاعُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَقَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ وَالرَّبِيعِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الرَّفَثُ غِشْيَانُ النِّسَاءِ وَالتَّقْبِيلُ وَالْغَمْزُ، وَأَنْ يُعَرِّضَ لَهَا بِالْفُحْشِ مِنَ الْكَلَامِ قَالَ حُصَيْنُ بْنُ قَيْسٍ أَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵁ بِذَنَبِ بَعِيرِهِ فَجَعَلَ يَلْوِيهِ وَهُوَ يَحْدُو وَيَقُولُ: وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا ... إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسَا
فَقُلْتُ لَهُ أَتَرْفُثُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ إِنَّمَا الرَّفَثُ مَا قِيلَ عِنْدَ النِّسَاءِ، قَالَ طاووس: (١) الرَّفَثُ التَّعْرِيضُ لِلنِّسَاءِ بِالْجِمَاعِ وَذِكْرُهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الرَّفَثُ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ إِذَا حَلَلْتُ أَصَبْتُكِ، وَقِيلَ: الرَّفَثُ الْفُحْشُ وَالْقَوْلُ الْقَبِيحُ، أَمَّا الْفُسُوقُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْمَعَاصِي كُلُّهَا وَهُوَ قَوْلُ طاووس وَالْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَالرَّبِيعِ وَالْقُرَظِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هُوَ مَا نُهِيَ عَنْهُ الْمُحْرِمُ فِي حَالِ
(١) رواه ابن جرير بسند صحيح: ٤ / ١٢٧.
1 / 226