56

تفسير الراغب الاصفهاني

تفسير الراغب الأصفهاني

پوهندوی

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

خپرندوی

كلية الدعوة وأصول الدين

د خپرونکي ځای

جامعة أم القرى

في الحقيقة اسم لمن يملك السياسة من نفسه أو منها أو من غيرها، ومالك ذلك من نفسه أجل ملك وأكبر سلطان ولذلك قيل لحكيم: ما الملك الأعظم؟ فقال: أن يغلب الإنسان شهواته، بل لهذا قال ﵇ لمن سأله أي الأعمال أشدُّ؟ فقال: " جهادُكّ هَواَكَ "، وقال: " رَجَعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر "، وحجة من قرأ ملك قوله تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ وقوله: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ والملك: مصدر " الملك " لا " المالك ". وأما " المالك ": فهو الضابط للشيء المتصرف فيه بالحكم، ومنه " ملكت العجين ". و" الوكيل ": وإن كان ضابطًا للشيء متصرفًا فيه - فإنه لا يقال له: " مالك " لما كانت يده يد غيره. ويقال للصبي والمعتوه: " مالك " لما كان ذلك لهما حكمًا وإن لم يكن لهما فعلًا. وحجة قارئه قوله ﷿ ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ﴾، فجعل الملك مملوكًا. وقال ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾، وقوله: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾. فإن قيل: أيهما أبلغ؟ قيل: قال بعضهم: " مالك " أبلغ، لأنه يقال: مالك الدراهم والحيوانات والريح، ولا يقال ملكها. وقيل: " الملك " أبلغ، لأنه لا يمكن إلا مع تعظيم. وهما مختلفان في الحقيقة. فإن الملك: هو المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين. والمالك: هو المتصرف في الأعيان المملوكة على أي وجه كان. فإن قيل: على أي وجه أضيف إلى اليوم؟ قيل: أما " ملك "، فعلى حد: يا سارق الليلة أهل الدار. في أنه اتسع للظرف. فجعله مفعولًا به، وأما " مالك " فمضاف إلى المفعول به. لأنه تعالى هو موجده وضابطه. وإذا أضيف إلى " الوقت " غير الله تعالى فيقال: فلان مالك يوم كذا. فإنما هو على تجوز إذ كان حقيقة اليوم والوقت ليس بملك لغيره. وأما اختصاص ذلك اليوم مع كونه في الحقيقة مالكًا لجميع الأشياء، وفي جميع الأزمنة - لأمرين: أحدهما: أنه قد ملك في الدنيا قومًا أشياء يبطل عنها ملكهم لها يوم القيامة، ولذلك قال: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾، وقال: ﴿نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا﴾، وقال: ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾

1 / 56