[1]
قوله عز وجل : { الم } ؛ اختلفوا في تفسير { ألم } وسائر حروف التهجي ، وروي عن عمر وعثمان وابن مسعود : (أن الحروف المقطعة من المكتوم الذي لا يفسر). ووافقهم في ذلك الشعبي ؛ وقال : (إن لله تعالى سرا في كتبه ؛ وإن سره في القرآن الحروف المقطعة) وقال بعضهم : إنها من المتشابهات التي استأثر الله بعلمها فنحن نؤمن بتنزيلها ونكل إلى الله تأويلها. وقال علي رضي الله عنه : (لكل شيء صفوة ؛ وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي).
وعن ابن عباس رضي الله رضي الله عنهما : (أن معنى (ألم) : أنا
الله أعلم وأرى ، و(ألمص) : أنا الله أعلم وأفصل ، و(كهيعص) : الكاف من كاف ، والهاء من هاد ، والياء من حكيم ، والعين من عليم ، والصاد من صادق). ويقال : الألف : مفتاح اسمه الله ؛ واللام : لطيف ، والميم : مجيد ، ومعناه اللطيف المجيد أنزل الكتاب. ويقال : الألف : الله ، واللام : جبريل ، والميم : محمد ، معناه : الله أنزل جبريل على محمد بهذا القرآن. وقيل : هذا قسم أقسم الله به أن هذا الكتاب الذي أنزل على محمد هو الكتاب الذي عند الله ، وجوابه : { لا ريب فيه }[البقرة : 2]. وقال محمد بن كعب : (الألف آلاء الله ، واللام لطفه ، والميم ملكه). وقال أهل الإشارة : الألف أنا ، واللام لي ، والميم مني.
فصل : وهذه الحروف موقوفة ؛ لأنها حرف هجاء ، وحروف الهجاء لا تعرب كالعدد في قوله : واحد اثنان. ولغاية أدخلوا الواو وحركوه ؛ لأنه صار في حد الأسماء ، فيقال : ألف ولام كالعدد. وكذلك قال الأخفش : [هي ساكنة لا تعرب].
وقوله : (ألم) رفع بالابتداء ؛ و(ذلك) خبره ؛ و(الكتاب) صلة لذلك. ويحتمل أن يكون (ألم) خبرا مقدما تقديره : ذلك الكتاب الذي وعدت أن أوحيه إليك (ألم). ومن أبطل محل الحروف جعل (ذلك) ابتداء و(الكتاب) خبره. و(ألم) صلة ؛ فيكون لذلك معنيان ؛ أحدهما : أن (ذلك) بمعنى ، وقد يستعمل (ذلك) بمعنى ، (هذا). قال خفاف : أقول له والرمح يأطر متنه تأمل خفافا إننى أنا ذلكاأي إنني هذا أطرأ لعود عطفه.
والثاني : على الإضمار ؛ كأنه قال : هذا القرآن{ ذلك الكتاب }[البقرة : 2] الذي وعدت في التوراة والإنجيل أن أوحيه إليك. وقيل : (ألم) ابتداء ؛ و(ذلك) ابتداء آخر ؛ و(الكتاب) خبره ، والجملة خبر الأول.
وقال بعض المفسرين : اختلف في{ ذلك الكتاب }[البقرة : 2] ، فقال الحسن وابن عباس وقتادة ومجاهد : (هو القرآن). فعلى هذا يكون { ذلك } بمعنى (هذا) كقوله تعالى : { وتلك حجتنآ }[الأنعام : 83] أي هذه حجتنا. وقيل : معناه : { ذلك الكتاب }[البقرة : 2] الذي ذكرته في التوراة والإنجيل.
مخ ۸