169

تفسیر د قران کریم

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

ژانرونه

تفسیر

[182]

قوله تعالى : { فمن خاف من موص جنفا أو إثما } ؛ لما توعد الله المبدل ؛ خاف الأوصياء من التبديل ، فكانوا ينفذون وصية الميت وإن جار في وصيته واستغرقت كل المال ، فأنزل الله هذه الآية وبين أن الإثم في تبديل الحق بالباطل ، وإذا غير الوصي من باطل إلى حق على طريق الإصلاح فهو محسن فلا أثم عليه.

ومعنى الآية : لمن علم من موص جنفا مثل قوله تعالى : { إلا أن يخافآ ألا يقيما }[البقرة : 229] أي إلا أن يعلما. وقوله تعالى : { جنفا } أي ميلا عن الحق على جهة الخطأ. وقوله تعالى : { أو إثما } أي ميلا إلى جهة العمد ؛ بأن زاد في الوصية على الثلث ؛ أو أقر بغير الواجب ؛ أو جحد حقا عليه ، { فأصلح بينهم } ؛ أي الوصي بين ورثة الموصي وغرمائه ، بأن رد الوصية إلى المعروف الذي أمر الله به ، { فلا إثم عليه } ، في التبديل.

والهاء والميم في قوله تعالى : { بينهم } كناية عن الورثة ، والكناية تصح عن المعلوم وإن لم يكن مذكورا ؛ قوله تعالى : { إن الله غفور رحيم } ؛ يعني غفور رحيم إذ رخص للوصي في خلاف الوصية على جهة الإصلاح.

قرأ مجاهد وعطاء وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشيبة ونافع وحفص : (موص) بالتخفيف ، وقرأ الباقون : (موص) بالتشديد.

وقوله تعالى : { جنفا } أي جورا وعدولا عن الحق ، والجنف : الميل في الكلام وفي الأمور كلها. وقرأ علي كرم الله وجهه : (حيفا) بالحاء والياء ؛ أي ظلما. قال الفراء : (الفرق بين الجنف والحيف : أن الجنف عدول عن الشيء ، والحيف حمل على الشيء حتى ينتقصه ، وعلى الرجل حتى ينتقص حقه). قال المفسرون : الجنف الخطأ ، والإثم العمد.

ومعنى الآية : من حضر مريضا وهو يوصي ، فخاف أن يخطئ في وصيته ليفعل ما ليس له فعله ، أو يتعمد جورا فيها فيأمر بما ليس له ، فلا حرج على من حضره أن يصلح بينه وبين ورثته ؛ بأن يأمره بالعدل في وصيته وينهاه عن الجنف ؛ فينظر للموصي وللورثة ، وهذا قول مجاهد : قال : (هذا حين يحضره الموت ، فإذا أسرف أمره بالعدل ، وإذا قصر ؛ قال : افعل كذا ، أعط فلانا كذا).

وقال آخرون : هو إذا أخطأ الميت في وصيته وأحاف فيها متعمدا ، فلا حرج على وليه أو وصيه أو والي أمور المسلمين أن يصلح بعد موته بين الورثة وبين الموصى لهم ، ويرد الوصية إلى العدل والحق ، وهذا قول ابن عباس وقتادة والربيع.

وروي عن عطاء أنه قال : (هو أن يعطي عند حضور أجله بعض ورثته دون بعض مما سيرثونه بعد موته ، فلا إثم على من أصلح بين الورثة).

وقال طاووس : (هو أن يوصي لبني ابنه يريد أبنه ، أو لبني بنته يريد بنته ، أو لزوج ابنته يريد ابنته ، فلا حرج على من أصلح بين الورثة).

مخ ۱۶۹