اشترك كل من لاي وماتيو فينتورا وكريستين ديسيربو، وجميعهم يعمل لدى مؤسسة «بيرسون»، في مبادرة تعليمية غير هادفة للربح بعنوان «شراكة من أجل التعلم في القرن الحادي والعشرين»، ونشروا بحثا بعنوان «مهارات العصر الحاضر: ما نعرفه عن تدريس التفكير النقدي وتقييمه».
6
تقترح تلك الوثيقة إطارا كاملا لطريقة التفكير بشأن التفكير النقدي، ويركز هذا الإطار على المهارات القابلة للقياس، أكثر مما يركز على الخصال التي يصعب تقييمها سعيا لتحقيق غاية عملية تتمثل في وضع مناهج وطرق لتقييم برامج تدريس التفكير النقدي.
يأتي أحد تعريفات التفكير النقدي التي يستشهد لها على نطاق واسع، من دراسة بحثية أجريت عام 1990 بقيادة الدكتور بيتر فاسيون. تعاون الدكتور فاسيون مع ستة وأربعين معلما للتفكير النقدي من الولايات المتحدة وكندا، نصفهم من المتخصصين في الفلسفة والنصف الآخر من المتخصصين في العلوم الطبيعية والاجتماعية، من أجل صياغة تعريف متفق عليه للتفكير النقدي، وما يرتبط به من ممارسات وصفات ضرورية كي يصبح الفرد مفكرا نقديا. وتشكل هذا التعريف المتفق عليه من خلال عملية ممنهجة لاتخاذ القرارات والتنبؤ، تعرف باسم «طريقة ديلفي»، وهي التي أدت إلى إنتاج «تقرير ديلفي»،
7
الذي ورد فيه تعريف التفكير النقدي على النحو التالي:
حكم هادف وذاتي التنظيم يفضي إلى إجراء عمليات التأويل والتحليل والتقييم والاستدلال والشرح للاعتبارات الإثباتية أو المفاهيمية أو المنهجية أو القياسية أو السياقية، التي يبنى ذلك الحكم على أساسها.
وعلى الرغم من تنوع تلك التعريفات وتقديم بعضها لعناصر معينة على عناصر أخرى، فمن المبالغة القول إنها تختلف للغاية بعضها عن بعض، وبعدم وجود اتفاق في الآراء بشأن ماهية التفكير النقدي. فلا شك أن الطبيعة الثلاثية للتفكير النقدي، متمثلة في المعرفة والمهارات والخصال، التي ناقشها الفصل السابق، تضم معظم التعريفات المذكورة فيما سبق.
بعض التعريفات (مثل تعريف بيرسون)، تقدم المعرفة والمهارات على الخصال، بينما تؤكد تعريفات أخرى (مثل تعريف مؤسسة التفكير النقدي) على مسئولية الفرد عن مراقبة طريقة تفكيره وتحسينها. وبالرغم من هذا، فإنه ينبغي رؤية هذا التنوع في الأولويات على أنه دلالة على وجود جدال صحي، لا حالة محبطة من الافتقار إلى تعريف. فحتى المواد التقليدية مثل اللغة والرياضيات، تتفاوت طرق تدريسها وتتطور، مثلما يشير إلى ذلك تغير المعايير التعليمية على مر العقود، ثم إن العناصر التي تتلاءم مع تعريفات مختلفة للتفكير النقدي، أقل كثيرا من العناصر التي تشكل مجالات أوسع، مثل علم الأحياء.
إن ما «يندرج» تحت مظلة التفكير النقدي وما «يخرج»، هو العنصر الجوهري في تلك الجدالات التعريفية. ولقد طرحنا بالفعل بعض الحجج بشأن السبب في ضرورة أن تتسع عباءة التفكير النقدي لبعض الموضوعات (أو موضوعات فرعية) مثل الدراية المعلوماتية والبلاغة والإبداع. ورغم أن البعض قد يختلفون بشأن مقدار تضمين تلك الموضوعات، فإن ذلك لا يهدد الهدف من مشروع التفكير النقدي وهو: تنمية أفراد فاعلين مستقلين قادرين على التفكير بطريقة منهجية ومستقلة.
ناپیژندل شوی مخ