وكنتُ امرءًا لا أسمعُ الدهر سبةً ... أسبُّ بها إلا كشفتُ غطاءها
متى يأتِ هذا الموتُ لم تلفَ حاجةٌ ... لنفسي إلا قد قضيتُ قضاها
فإني في الحرب العوانِ موكلٌ ... بأقدامِ نفس ما أريدُ بقاءها
قال بعض بني أسد:
يديتْ على ابن حسحاس بنَ وهب ... بأسفل ذي الجداة يد الكريم
ولو أني أشاءُ لكنتُ منه ... مكانَ الفرقدين من النجومِ
ذكرتُ تعلةَ الفتيانِ يومًا ... وإلحاق الملامة بالمليمِ
قال الحصين بن الحمام المريِّ:
تأخرتُ أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياةَ مثل أنْ أتقدما
فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكنْ على أقدامنا تقطرُ الدما
ولما رأيتُ الصبر قد حيل دونها ... وإنْ كان يومًا ذا كواكب مظلما
صبرنا، وكان الصبرُ منا سجية ... بأسيافنا يقطعن كفًا ومعصما
نفلق هامًا من رجال أعزة ... علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
ولما رأيت الحبّ ليس بنافعي ... عمدتُ إلى الأمر الذي كان أحزما
فلست بمبتاع الحياة بذلة ... ولا مرتقٍ من خشية الموتُ سلما
قال بشامة بن حزن:
إني امرؤٌ أسم القصائدَ للعدى ... إنَّ القصائد شرها إغفالها
قومي بنو الحرب العوان بجمعهم ... والمشرفيةُ والقنا إشعالها
ما زال معروفًا لمرة في الوغى ... علَّ القنا وعليهم إنهالها
من عهد عاد كان معروفًا لنا ... أسر الملوك وقتلها وقتالها
قال رجل من بني عقيل، وحاربه بنو عمه فقتل منهم:
بكره سراتنا يا آل عمرو ... نغاديكم بمرهفة صقالِ
ونبكي حين نقتلكم عليكم ... ونقتلكم كأنّا لا نبالي
قال القتال الكلابيَّ:
نشدتُ زيادًا والمقامةُ بيننا ... وذكرته أرحام سعدَ وهيثمِ
فلما رأيتُ أنه غير منته ... أملتُ له كفي بلدنْ مقومِ
ولما رأيتُ أنني قد قتلتهُ ... ندمتُ عليه أيَّ ساعة مندمِ
قال قيس بن زهير:
شفيتُ النفسَ من حمل بن بدر ... وسفي من حذيفة قد شفاني
فإنْ أكُ قد بردتُ بهم غليلي ... فلم أقطع بهم إلا بناني
قال أعرابي، قتل أخوه ابنه:
أقول للنفس تأساءً وتعزيةً ... إحدى يدي أصابتني ولم تردِ
كلاما خلف من بعد صاحبه ... هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي
قال الحارث بن وعلة الذهلي:
قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميتُ يصبني سهمي
فلئن عفوت لأعفونْ جللًا ... ولئن سطوتُ لأوهننْ عظمي
لا تأمننْ قومًا ظلمتهمُ ... وبدأتهم بالشتم والرغم
إن يأبروا نخلًا لغيرهمُ ... والقولُ تحقرةُ وقد ينمي
وزعمتمُ أنْ لا حلوم لنا ... إنَّ العصا قرعتْ لذي الحلمِ
قال آخر:
فلو أن حيًا يقبلُ المال فديةً ... لسقنا لهم سيلًا من المال مفعما
ولكن أبى قومٌ أصيب أخوهمُ ... رضى العار فاختاروا على اللبن الدما
قال بعض بني فقعس:
فلا تأخذوا عقلًا من القومِ إنني ... أرى العار يبقى، والمعاقلُ تذهبُ
كأنك لم تسبق من الدهر ليلةً ... إذا أنت أدركتَ الذي كنت تطلبُ
قال الأحوص بن محمد:
إني على ما قد علمت محسدٌ ... أنمي على البغضاء والشنآن
ما تعتريني من خطوب ملمة ... إلاَّ تشرفني وترفع شاني
فإذا تزول تزول عن متخمط ... تخشى بوادرهُ لدى الأقرانِ
إني إذا خفي الرجالُ وجدتني ... كالشمس لا تخفى بكلِّ مكان
قال بعض بني عبد شمس:
لما رأوها من الأجزاع طالعة ... شعثًا فوارسها شعثًا نواصيها
لاذت هنالك بالأشعاف عالمة ... إن قد أطاعت بليل أمر غاويها
قال حيان بن ربيعة الطائي:
لقد علم القبائلُ أن قومي ... ذوو جسد إذا لبس الحديدُ
وأنا نعم أحلاسُ القوافي ... إذا استعر التنافرُ والنشيد
وأنا نضربُ الملحاءَ حتى ... تولى والسيوفُ لنا شهودُ
قال عمرو بن معدي كرب:
ولقد أجمع رجليَّ بها ... حذر الموت وإني لفرور
ولقد أعطفها كارهةً ... حين للنفس من الموت هديرُ
كلَّ ما ذلك مني خلقٌ ... وبكلِّ أنا في الروع جديرُ
1 / 5