وفي الشر نجاةٌ حي ... ن لا ينجيك إحسان
قال أبو الغول الطهوي:
فدتْ نفسي وما ملكتْ يميني ... فوارس صدقوا فيهم ظنوني
فوارسُ لا يملون المنايا ... إذا دارت رحى الحرب الزبون
ولا يجزون من حسن بسيئٍ ... ولا يجزون من غلظ بلين
ولا تبلى بسالتهم وإنْ همْ ... صلوا بالحرب حينًا بعد حين
هم منعوا حمى الوقبى بضرب ... يؤلف بين أشتات المنون
فنكب عنهم درءَ الأعادي ... وداووا بالجنون من الجنون
ولا يرعونَ أكناف الهوينى ... إذا حلوا ولا أرض ألهدون
قال جعفر بن علبة الحارثي:
إذا ما ابتدرنا مأزقًا فرجتْ لنا ... بأيماننا بيضٌ جلتها الصياقل
لهم صدر سيفي يوم بطحاء سحبل ... ولي منه ما ضمت عليه الأنامل
ولم ندر أن جضنا من الموت جيضةً ... كم العمر باق والمدى متطاول
وقال أيضًا:
لا يكشفُ الغماءَ إلا ابنُ حرة ... يرى غمراتِ الموت ثم يزورها
تقاسمهم أسيافنا شر قسمة ... ففينا غواشيها وفيهم صدورها
قال ربيعة بن مقروم الضبي:
ولقد شهدت الخيل يوم طرادها ... بسليم أوظفة القوائم هيكل
فدعوا نزال فكنت أول نازل ... وعلام اركبه إذا لم أنزل
وألد ذي حنق عليَّ كأنما ... تغلي عداوةُ صدره في مرجلِ
أرجيته عني فأبصر قصده ... وكويته فوق النواظر من علِ
قال بلعاء بن قيس الكناني:
وفارس في غمار الموت منغمس ... إذا تألى مكروهة صدقا
غشيته وهو في جأواء باسلة ... عضبًا أصاب سواءَ الرأس فأنفلقا
بضربة لم تكن مني مخالسةً ... ولا تعجلتها جبنًا ولا فرقا
قال سعد بن ناشب المازني:
سأغسل عني العارَ بالسيف جالبا ... عليَّ قضاء الله ما كان جالبا
وأذهلُ عن داري وأجعلُ هدمها ... لعرضي من باقي المذمة حاجبا
ويصغر في عيني تلادي إذا أنثنت ... يمني بادراك الذي كنت طالبا
فإنْ تهدموا بالغدر داري فإنها ... ترات كريم لا يبالي العواقبا
أخي عزماتٍ لا يريد على الذي ... يهم به من مقطع الأمر صاحبا
إذا همّ لم تردع عزيمةُ همه ... ولم يأت ما يأتي من الأمر هائبا
فيالَ رزام رشحوا بي مقدمًا ... إلى الموت خواضًا إليه الكتائبا
إذا هم ألقى بين عينيه عزمهُ ... وكب عن ذكر العواقب جانبا
ولم يستشر في أمره غير نفسه ... ولم يرضَ إلاّ قائم السيف صاحبا
قال أبو كبير الهذلي:
ولقد سريت على الظلام بمغشم ... جلد من الفتيان غير مثقلِ
ممن حملن به وهنَّ عواقدٌ ... حبك النطاق فشب غير مهبل
ومبرأٍ من كل غبرِ حيضة ... وفساد مرضعة وراءٍ مغيلِ
حملتْ به في ليلة مزؤودةٍ ... كرهًا وعقد نطاقها لم يحلل
فأتت به حوش الفؤاد مبطنًا ... سهدًا إذا ما نام ليل الهوجل
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... برقت كبرق العارض المتهلل
صعب الكريهة لا يرام جنابه ... ماضي العزيمة كالحسام المقصل
يحمي الصحاب إذا تكون كريهةٌ ... وإذا هم نزلوا فمأوى العيل
قال تأبط شرًا، واسمه ثابت بن جابر:
إذا المرء لم يحتل وقد جد جده ... أضاعَ وقاسى أمره وهو مدبر
ولكن أخو الحزم الذي ليس نازلًا ... به الخطب إلا وهو للقصد مبصر
فذاك قريع الدهر ما عاش حول ... إذا سد منه منخرٌ جاش منخر
أقول للحيان وقد صفرت لهم ... وطابى ويومي ضيق الحجر معورُ
هما خطتا إما إسارٌ ومنةٌ ... وإما دم والقتل بالحر أجدرُ
وأخرى أصادي النفس عنها وإنها ... لمورد حزمِ إن فعلت ومصدرُ
فرشت لها صدري فزلَّ عن الصفا ... به جؤجؤٌ عبلٌ ومتن مخصرُ
فخالط سهل الأرض لم يكدحِ الصفا ... به كدحةً، والموتُ خزيان ينظرُ
فأبت إلى فهم ولم أكُ آيبًا ... وكم مثلها فارقتها وهي تصفرُ
وقال أيضًا:
إني لمهد من ثنائي فقاصدٌ ... به لابن عمَّ الصدقِ شمس بن مالك
قليلُ التشكي للمهم يصيبه ... كثير الهوى شتى النوى والمسالك
1 / 3