جاليا لعرائسها على الخُطَّابِ، مُبَرزًا لنفائسها من وراء حجاب الخطاب، صادعًا عن الحق بالبرهان، ملغيًا لما ألغاه الدليل فَوَهَنَ وهَانَ، معتمدًا في ذلك على ما قيل عن أهل الفضائل والعقول: العلم ما قام عليه الدليل، والنافع منه ما جاء به الرسول. وأرجو من الله ﷿ أن يأتي هذا الإملاء بَحرًا يقذف ليتائم دُرَرِه ويُنافَسُ (أ) في لآلئِه وجواهره، وأن يكون كالقاعدة الكلية للدين، والمرتِع المَرِي والمشرَبِ الرَّوِي لطلبة المسلمين، فأوصيك أيها الناظر فيه المجيلُ طرفَهُ في أثنَائِه ومضطَاوِيه، أن لا تسارع فيه إلى إنكار خلاف ما ألِفَهُ وهمك، وأحَاطَ به عِلمُك. بل أجِد النَّظرَ وَجَدده، وأَعِد الفِكرَ ثم عاوده، فإنِّك حينئذٍ جدير بحصول المراد. ومن يهد الله فما له من مُضِلٍّ، ومن يضلل الله فما له من هادٍ.
وأعلم أن الشَّيخ محيي الدين رحمه الله تعالى كان قد وعد في هذه الأربعين أن يضع لها شرحًا يكون لقُفْلِهَا فتحًا، وإنه وَفَى بِمَا وعَد وسَحَّ سَحَابُه إذ رَعَد.
ورأيت هذا الشرح مجلدا لطيفا يكون على التقريب والتَّشبِيهِ قدر نصف أو ثلثي التنبيه (١). ولم يتهيأ لي أن أطالعه ولا شيئًا منه فلذلك لم أعرف مقصوده (ب) فيه ومغزاه، ولم أحط بمبدأ قوله فيه ومنتهاه، غير أنِّي التزمت
_________
(أ) في س ويتنافس.
(ب) في ب مقصده.
(١) مختصر في الفقه الشَّافعي لأبي إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الشيرازي (ت ٤٧٦) طبع في بعض طبعاته في ١٦٨ صفحة.
1 / 2