الإشارة إلى المصلحة عند الجمهور وعند الطوفي
المصلحة عند الجمهور:
والمصلحة من الأهمية بمكان والخطورة بمحل، إذ هي من موارد الاجتهاد عند فقد النصوص، والنصوص ومعانيها المستثارة منها المعزَّوة إليها لا تقع من مُتَّسع الشريعة غرفة من بحر، كما قاله الجويني.
ولا يمكن رفضها وإلغاؤها مطلقا كما ذهب إليه بعض المتكلمين إذ الشرع أقرَّها في الجملة، ولا يمكن قبولها مطلقا إذ أن هذا تفلت من الشرع، وخلع لربقة الدين، ووضع للشرع بالرأي، واستغناء عن الشرع، وهي حينئذ تصبح بابة مفتوحة يلج منها كل عاث في الأرض فسادا عابث بالدين باسم الدين.
والأمر كما قال الجويني: "وَمَسَاقُهُ رَدُّ الأمر إلى عقول العقلاء، وإحكام الحكماء" (١) فيجب وزنها بميزان الشرع وضبطها بمعياره وتأصيلها تأصيلا محكما، وحصر قضاياها بمحكمات الشرع، ولا يقوم بذلك إلا فقيه النفس، صفي الذهن، ضليع في فقه الكتاب والسنة (٢).
_________
(١) البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين الجويني ٢/ ٧٢٥. الطبعة الثالثة.
(٢) ألفت رسائل جامعية في بحث المصلحة؛ منها رسالة ماجستير للدكتور مصطفى زيد قدمت إلى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة بعنوان "المصلحة في التشريع الإسلامي ونجم الدين الطوفي"، ومنها رسالة دكتوراه للدكتور حسين حامد حسان قدمت إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بعنوان "نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي" ومنها رسالة دكتوراه للدكتور البوطي قدمت إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بعنوان "ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية".
والحقيقة أن موضوع المصلحة أعظم أهمية من تناوله في رسالة جامعية يقدمها طالب لنيل شهادة، وقد ذكر الفقيه الأبياري أن معالجة المصلحة وتقديرها يتوقف على مجتهد.
وهذه الكتب التي قدمت لم تقع الموقع المطلوب في نظري، إذ تفقد فقه الكتاب والسنة.
المقدمة / 15