الأولياء يقبل النذر؛ وكانت تنذر له النذور تقربا إليه بما تنفق عليه لا اعتقادا فيه فيسر بذلك؛ فإذا أتاه النذر أضاف إليه مثله من ماله وتصدق بهما جميعا. وأهل هذا البيت يدعون عراقة الأصل في الإمرة، وقدم السؤدد في الحشمة، ويقولون إنهم عقدت إليهم ألوية الغمارة وتسلموا أزمة هذه البلاد، وتسنموا صهوات هذه الصياصي بمناشير الخلفاء، وأنهم كانوا لهم أهل وفاء؛ ولهم وفي هذا حكايات كثيرة، وأخبار مأثورة؛ وهم أهل تنعم ورفاهية ونعمة ظاهرة، وبزة فاخرة، وآدر مزخرفة، ورياض مفوقة، وخيول مسومة، وجوارح معلمة، وخدم وغلمان، وجوار حسان، ومعازف وقيان، وسماط ممدود وخوان، وأهل عشرة وأخوان. وموقع بلادهم من أطراف بلادنا قريب والمدعو منهم من الرحبة وما جاورها يكاد يجيب. وملوكنا تشكر لهم إخلاص نصيحة، وصفاء سريرة صحيحة. والقائم فيهم الآن شجاع الدين ابن الأمير نجم الدين خضر ابن المبارز كك؛ ولم يبلغ الآن مبلغ أبيه، ولا أظنه يقاربه ولا يدانيه؛ على أنه قد ملك ملكه، ونظم سلكه.
ورسم المكاتبة إلى كل منهما: أدام الله نعمة المجلس العالي، الأميري، (والألقاب التامة الكاملة).
وأما بقية أمرائهم فجلتهم الأكابر: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري بالياء. والألقاب من الطبقة الثانية، وما دونها لمن دونهم.
ومما ينبه عليه أن في طرق المارين ومسالك المسافرين من بلادنا إلى خراسان، ومنها إلينا، ينجم في بعض الأحيان أهل فساد يعمدون إلى عميد يقدمونه عليهم فيقطعون السبل ويخيفون الطرق؛ وتطير سمعة عميدهم، وتنتشر في قريبهم وبعيدهم، فيكاتب ذلك العميد من أبواب الملوك، ويضطر إليه لفتح الطريق للسلوك؛ ويكون من غير بيت الإمرة، ولا أهل القديم. وربما هوى نجمه، فانقطع
1 / 59