والسلام، وما تضمنه ما استصحب منه من صحيفة كلها كرم، وأخبار صحيحة كلها مما لو قذف به الماء لاضطرم، ذكر فيها أمر المتغلب العادي، والصاحب الذي يفعل فعل الأعادي، والجار الذي جار والظالم البادي، وما مد الأيدي إليه من النهاب، وما اختطف به القلوب من الإرهاب، وحدث عن أخباره وعندنا علمه، وأخبر عن أفعاله مما له أجر الصبر عليه وعليه ظلمه، وقص رسوله القصص، وزاد الشجى وضيق مجال الغصص، وأطار من وكر هذا العدوان طائرا كأنما كان في صدره، وحرك منه لأمرٍ كان يتجرع له كأس صبره؛ وقد أسمع الداعي، وأسرع الساعي، وبلغ الأمانة حاملها، وأوصل الكلمة قائلها؛ ومرحبًا مرحبًا بداعي القيام من قبله؛ وأهلًا أهلًا بما بلغ عن ألسنه رسله، وهلُم هلم إلى قلع هذه الشجرة التي لم يخب إلا ظن غارسها، وقطع هذه الصخرة التي لم تنصب إلا مزلقة لدائسها، والتعاضد التعاضد لما هتف به هاتفه الصارخ، وسمعه حتى الرمح الأصم والسيف المتصاوخ؛ فليأخذ لهذا الأمر الأهبة، وليشد عليه فقد آنت الوثبة، فقد سطرت وقد نهض إلى الخيل ملجمها، وبادر وضع السهام في الكائن مزحمها؛ وكأنه بأول الأعنة، وآذان الجياد تفرق بين شطري وجهها الأسنة، وكأنه برسول القائد وفي أعقابه الجيش المطل، والألوية وكل بطل باسل يبتدر الوغى ولا يستذل؛ ولا أرب لنا في استزادة بلاد وسع الله لنا نطاقها، وكثر بنا مدد أموالها وقد على أيدينا إنفاقها؛ وإنما القصد كله والأرب جميعه كشف تلك الكرب، وتدارك ذلك الذماء الذي
1 / 31