أن نقول : لا تناه لا نهاية له. فقد يقال شخص بعد شخص ولا يقال لا تناه بعد لا تناه ، وذلك لأن شخصا واحدا يصح أن يكون غاية لطبيعة جزئية ، وأما لا تناه فلا يصح أن يكون غاية لطبيعة جزئية فإن اللاتناهى يصح أن يكون غاية لفاعل على الوجه الذي ذكرناه وهو استبقاء النوع بالأشخاص الغير المتناهية. فأما أن يوجد لا تناه بعد لا تناه لتستحفظ بإيجاده طبيعة اللاتناهى فهو محال.
غاية الطبيعة الجزئية شخص جزئى فالشخص الذي يكون بعده يكون غاية لطبيعة أخرى ، فأما الأشخاص التي لا نهاية لها فهى غاية للقوة السارية فى جواهر السماويات التي تتبعها الحركات التي لا نهاية لها ، التي تتبعها الأكوان التي لا نهاية لها.
المعقول من الشيء وإذا لم يكن الشىء بذاته مجردا بل تكتنفه أعراض ولواحق ولوازم تكون مجرد ذلك الشيء الذي يدركه التخيل والتوهم. فإن المعقولات لا يمكن تخيلها بل تعقل عقلا ، والعقل المحض الغير المشوب بالتخيل إذا عقل حركة دائرة الفلك التاسع وعقل حركة حد منها إلى حد ، ثم من ذلك الحد إلى حد آخر حتى تفنى الدائرة فإن الحركة الأولى والثانية والثالثة إلى آخرها فى العقل سواء لا يتعين منها واحدة فإن التعين يلحقها من خارج ، فيمكن تخيله لا بمجرد الحركة المعقولة والانتقال الذي فرض فيه سواء كان عن كلى أو جزئى.
العقليات المحضة باقية لا يجوز عليها الانتقال والتغير ، ومعقولاتها تكون حاضرة معها دائرة لا يحتاج فيها إلى انتقال من معقول إلى معقول آخر. والنفس وإن كانت عقلا فإن تعقلاتها مشوبة بتخيل ، فلذلك يصح عليها الانتقال من معقول إلى معقول وتستعد بهذا المعقول لمعقول آخر.
إنما لا يصح أن تقبل النفس المعقولات دفعة ومعا لأن ما تعقله يكون (37 ب) مشوبا بتخيل إذ لا بد أن تتخيله وإن كان معقولا ، والتخيل يكون جزئيا. وسبب عقليتها له هو أنه إنما تتخيله أولا ، ثم تستعد بذلك التخيل لأن يفيض عليه المفارق معقوليته.
المعقول من كل شيء لا يتخصص بشخص معين ، بل يكون كليا ويشترك فيه كثيرون وجودا أو ذهنا.
قد يصح أن تستحفظ قوة مفارقة فعلها غير متناه بواسطة شيء.
التخيل يكون لنفس مخالطة للمادة ويكون بالقوة المتخيلة ، والمجرد لا آلة له يتخيل بها لاستغنائه عنها.
كل ما تعقله النفس مشوب بتخيل.
مخ ۱۰۹