تعليقة وحيد البهبهاني على منهج المقال بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وبعد فيقول الأقل محمد باقر بن محمد أكمل انى لما تنبهت بفكري الفاتر على تحقيقات في الرجال وعثرت بتتبعي القاصر على إفادات من العلماء العظام والأقوال وكذا على فوائدته ان فيه وفي غيره مثل انى وجدت توثيق بعض الرجال المذكورين فيه وغير المذكورين فيه أو مدحه أو سبب فوه قوله وجدتها من الرجال ومن غيره لم يتوجه إليها علماء الرجال في الرجال أو توجهوا لكن في غير ترجمته فلم يتفطن بها القوم إلى غير ذلك من الفوائد أحببت تدوينها وضبطها وجعلت علاوة لما ذكروا وتتمة لما اعتبروا فلذا جعلت تدويني تعليقة وعلقت منهج المقال من تصنيفات الفاضل الباذل العالم الكامل السيد الأوحد الأمجد مولانا ميرزا محمد قدس الله سره لما وجدت من كماله وكثرة فوائده ونهاية شهرته وهذه وان علقت عليه الا انها عامة النفع والفائدة والله ولى العائدة ولنقدم فوائد الفائدة انه ولى في بيان الحاجة إلى الرجال.
اعلم ان الأخباريين نفوا الحاجة اليه لما زعموا من قطعية الصدور والأحاديث ونحن في رسالتنا في الاجتهاد والاخبار قد أبطلناه بما لا مزيد عليه وأثبتنا عدم حجية الظن من حيث هو ظن بل والمنع عنه كذلك وان ما ثبت حجيته هو ظن المجتهد وبعد بذل جهده واستفراغ وسعه في كل ماله دخل في الوثوق وعدمه وأزلنا الحجاب وكشفنا النقاب فليرجع إليها من يطلب الصواب.
ولا شبهة ان الرجال له دخل فيهما ولو سلمت القطعية فلا شبهة في ظنيتها متنا مضافا إلى اختلالات كثير ولا ريب ان رواية الثقة الضابط امتن وأقوى.
على ان جل الأحاديث متعارضة ويحصل من الرجال أسباب الرجال رجحان والمرجوحية و لم تجزم بحجية المرجح مع ان في الجزم بحجية المتعارض من دون علاج تأمل ولذا ترى أصحاب الأئمة (ع) والقدماء وزمن الفقهاء والمتأخرين منهم كانوا يجبرون عند الاطلاع على المعارض فيسعون في علاج ثم يعملون ومن هذا ترى الأصحاب كانوا يسئلون الأئمة (ع) عن
مخ ۱
العلاج وكانوا (ع) يعالجونهم.
ثم في الجزم يكون التخيير علاجا وتجويز البناء عليه مع التمكن من المرجحات من العدالة وموافقة الكتاب والسنة وغير ذلك أيضا تأمل وما دل عليه فمع ضعف الدلالة معارض بما هو أقوى دلالة وبل سندا أيضا وهو في غاية الكثرة والشهرة.
ثم انه مع الضعف والمرجوحية غير معمول به عند الرواة وأصحاب الأئمة (ع) كما يظهر من الرجال وكتب الحديث بل وعند قدماء الفقهاء أيضا الا ما شذ منهم لشبهة بل ولا يفهم كلامه عند ذكر شبهته النهاية فساد ظاهره.
هذا كله مع المفاسد المترتبة على التخيير مطلقا سيما في المعاملات مع ان الخبر المرجوح لم يجزم بحجيته.
على ان حجية التعارض من دون علاج وكون التخيير تجويز البناء عليه كما أشير اليه المستند ما دل عليه دور.
وبالجملة بعد بذل الجهد واستفراغ الوسع في تحصيل الراجح بجزم بالعمل وبدونه لا قطع على العمل به فتدبر وتحقيق ما ذكرنا يطلب من الرسالة ويظهر بالتأمل فيها.
ووجه الحاجة على ما قرر لا يتوجه عليه شئ من الشكوك التي أوردت في نفيها وهو الظاهر من القدماء بل ومن المتأخرين أيضا الا انهم جعلوا عمدة أسباب الوثوق التي تعرف من الرجال و أصلها العدالة من حيث كونها عند هم شرطا للعمل بخبر الواحد.
ولعل هذا هو الظاهر من القدماء أيضا كما يظهر من الرجال سيما وبعض التراجم مثل ترجمة إسحاق بن الحسن بن بكران وأحمد بن محمد عبد الله العياش وجعفر بن محمد بن مالك و سعد بن عبد الله ومحمد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن محمد بن خالد إلى غير ذلك وسنشير زيادة على ذلك في إبراهيم بن هاشم.
وقال الشيخ ره في عدته من شرط العمل بخبر الواحد العدالة بلا خلاف.
فان قلت اشتراطهم العدالة يقتضى عدم عملهم بخبر الواحد غير العادل وذلك يقتضى عدم اعتبار غير العدالة من امارات الرجال و ح ينتفى الحاجة إلى الرجال لان تعديلهم من باب الشهادة وشهادة فرع الفرع غير مسموعة مع ان شهادة علماء الرجال على أكثر المعدلين من هذا القبيل لعدم ملاقاتهم إياهم ولا ملاقاتهم من لاقاهم وأيضا كثيرا ما يتحقق التعارض بين الجرح و التعديل وكذا الاشتراك بين جماعة بعضهم غير معدل وأيضا كثير من المعدلين والثقات ينق انهم كانوا على الباطل ثم رجعوا وأيضا لا يحصل العلم بعدم سقوط جماعة من السند من البين و
مخ ۲
قد اطلع على كثير من هذا القبيل فلا يحصل التعذر فائدة يعتد بها وأيضا العدالة بمعنى الملكة ليست محسوسة فلا يقبل فيها شهادة.
قلنا الظاهر ان اشتراطهم العدالة لأجل العمل بخبر الواحد من حيث هو هو ومن دون حاجة إلى التفتيش والانجبار بشئ كما هو مقتضى دليلهم ورويتهم في الحديث والفقه والرجال فان عملهم باخبار غير العدول أكثر من ان يحصى وترجيحهم في الرجال قبولها منهم بحيث لا يخفى حتى انها ربما يكون أكثر من اخبار العدول التي قبلوها فتأمل.
والعلامة ره رتب خلاصته على قسمين الأول فيمن اعتمد على روايته أو بترجح عنده قبول روايته كما صرح به في أوله ويظهر من طريقه في هذا القسم من أوله إلى اخره ان من اعتمد به هو ومن ترجح عنده الحسن والموثق ومن اختلف فيه الراجح عنده القبول وسيجئ في حماد السندي ان هذا الحديث من المرجحات لامن الدلائل على وفي الحكم بن عبد الرحمن ما يفيد ذلك وكذا في كثير من التراجم.
ونقل عنه في ابن بكير ان الذي أراه عدم جواز العمل بالموثق الا ان يعتضد بقرينة وفي حميد بن زياد فالوجه عندي ان روايته مقبولة إذا خلت عن المعارض فربما ظهر من هذا فرق فتأمل و سنذكر في إبراهيم بن صالح وإبراهيم بن عمر زيادة تحقيق فلاحظ.
وأيضا من جملة كتبه كتاب الدرر والمرجان في أحاديث الصحاح والحسان وأيضا قد أكثروا في الرجال بل وفي غيره أيضا من ذكر أسباب الحسن أو التقوية أو المرجوحية وأعتوا وبحثوا عنها كما أعتوا وبحثوا عن الجرح والتعديل ونقل المحقق ره عن الشيخ ره انه قال يكفى في الراوي ان يكون ثقة متحوزا عن الكذب في الحديث وان كان فاسقا بجوارحه وان الطائفة المحقة عملت بأحاديث جماعة هذه حالتهم وسنذكر عن عدة الشيخ ره في الفائدة الثانية ما يدل عمله برواية غير العدل مع انه فيها الوفاق على اشتراط العدالة لأجل العمل فتأمل.
وعن المحقق في المعتبر انه قال أفرط الحشوية في العمل بخبر الواحد حتى انقاد والكل خبر وما فطنوا لما تحته من التناقض فان من جملة الاخبار وقول النبي (ص) ستكثر بعدي القالة على الافراط فقال كل سليم السند يعمل به وما يعمل به وما علم ان الكاذب قد يصدق وان الفاسق قد يصدق ولم يتنبه على ان ذلك طعن في علماء الشيعة وقدح في المذهب إذ لا مصنف الا وهو يعمل بخبر المرجوح كما يعمل بخبر العدل وأفرط آخرون في طرف رد الخبر إلى ان قال كل هذه الأقوال منحرفة عن السنن إلى آخر ما قال.
فان قلت مقتضى دليلهم التثبت في خبر غير العدل إلى ان يحصل العلم.
مخ ۳
قلت على تقدير التسليم معلوم انهم يكتفون بالظن عند العجز عن العلم في مثل ما نحن فيه لدليلهم الاخر مع ان امارات الرجال ربما يكون لها دخل في حصول العلم فتأمل وحق يظهر من الرسالة وسيجئ بعض ما نشير في الفائدة الثانية وترجمة إبراهيم بن صالح وبن عمر و غير ذلك.
ثم ما ذكرت من ان ذلك يقتضى عدم اعتبارهم غير العدالة.
ففيه انه ربما يحتاج اليه للترجيح على إنا نقول لابد من ملاحظة الرجال بتمامه إذ لعله يكون تعديل أو جرح أو يظهر ان من التأمل فيه وما ذكرت من ان تعديلهم من باب الشهادة فغير مسلم بل الظاهر انه من اجتهادهم أو من باب الرواية كما هو المشهور ولا محدور.
اما على الثاني فلان الخبر من الأدلة الشرعية المقررة واما على الأول فلان اعتماد المجتهد على الظن الحاصل منه من قبيل اعتماده على سائر الظنون الاجتهادية وما دل على ذلك يدل على ذلك هذا أيضا مضافا إلى ان المقتضى للعدالة لعله لا يقتضى أزيد من مظنونها وراجحها سيما عند سد باب العلم لأنه الاجماع والآية ولا يخفى على المطلع بأحوال القدماء انهم كانوا يكتفون بالظن ولا يلزمون تحصيل العلم وأيضا كل واحد منهم يوثق لأجل اعتماد غير كما هو ظاهر.
على انه لا يثبت من اجماعهم أزيد مما ذكر واما الآية فلعدم كون مظنون الوثاقة.
والظاهر العدالة من الافراد المتبادرة للفاسق بل ربما يكون الظاهر خلافه وأيضا القصر عى التثبت لعله يستلزم سد باب أكثر التكاليف فتأمل.
ومع ملاحظة الامر به في خبر الفاسق واشتراط العدالة والتمكن من الظن بها لعله لا يحصل العلم بحجية خبر الفاسق وغير مظنون العدالة والتمكن من الظن بها لعله لا يحصل العلم بحجية خبر الفاسق وغير مظنون العدالة من دون تثبت فتأمل.
ومما ذكرنا ظهر الجواب عما ذكرت من انه كثيرا ما يتحقق التعارض اه إذ لا شبهة في حصول الظن من الامارات المرجحة والمعينة ولو لم توجد نادرا فلا قدح وبناؤهم على هذا أيضا.
وكذا لا شبهة في كون المظنون عدم السقوط ولعل الروايات عمن لم يكن مؤمنا ثم آمن اخذت حال ايمانه ويبالي ان ذلك عن المحقق الأردبيلي ره وعن غير أيضا ويشير إليه ما في اخبار كثيرة عن فلان في حال استقامته.
ومما ينبه ان قولهم فلان نقة في الثقات مطلقا وكذا مدحهم في الممدوحين كذلك انما هو بالنسبة إلى زمان صدور الروايات لا مطلقا وفي جميع ذلك أوقاتهم لعدم الظهور بل ظهور العدم التفاوت فتأمل.
مخ ۴
على انه لو لم يحصل الظن بالنسبة إلى مثل كلهم فالظاهر حصوله بالنسبة إلى مثل البزنطي ومن ماثله على انه يمكن حصوله من نفس روايتهم أو قرينة أخرى وسيجئ زيادة على ما ذكر في الفائدة الثاني " عند ذكر الواقفة.
وفى ترجمة البزنطي وأحمد بن دود بن سعيد ويونس بن يعقوب وسالم بن مكرم على ان سوء العقيدة لا ينافي العدالة بالمعنى الأعم وهي معتبرة عند الحل ونافعة عند الكل كما سنشير فانتظر هذا مع ان معرفة هؤلاء من غيرهم من الرجال فلابد من الاطلاع على كله على انا نقول لعل عدم منعهم في حال عدالتهم عن روايتهم رواياتهم المأخوذة في حال عدمها اخرجها عن خبر الفاسق الذي لابد من التثبت فيه بل وادخلها في رواية العادل فتأمل.
وما ذكرت من ان شهادة فرع الفرع اه فيه انهم لم يشهدوا على الشهادة بل على نفس الوثاقة وعدم الملاقاة لا ينافي القطع بها والقائل بكون تعديلهم شهادة لعلهم لعله يكتفى به في المقام كما يكتفى هو وغيره فيه وفي غيره أيضا فان العدالة باي معنى تكون ليست محسوسة مع ان الكل متفقون على ثبوتها بها فيما هي معتبرة فيه وتحقيق الحال ليس ههنا موضعه فظهر عدم ضرر ما ذكرت بالنسبة إلى هذا القائل من المجتهدين أيضا فتأمل.
وما ذكرت من ان العدالة بمعنى الملكة اه ظهر الجواب عنه على التقديرين.
فان قلت وقع الاختلاف في العدالة هل هي الملكة أم حسن الظاهر أم ظاهر الاسلام مع عدم ظهور الفسق وكذا في أسباب الجرح وعدد الكبائر فمن اين يطلع على رأى المعدل ومع عدم الاطلاع كيف ينفع التعديل.
قلنا إرادة الأخير من قولهم ثقة وكذا من العدالة التي جعلت شرطا لقبول الخبر لا خفاء في فساده مضافا إلى ما سيجئ في أحمد بن إسماعيل بن سمكة.
واما الأولان فأيهما يكون مرادا ينفع القائل بحسن الظاهر ولا يحتاج إلى التعيين كما هو ظاهر.
واما القائل بالملكة فقد قال في المنتقى تحصيل العلم برأي جماعة من المركب امر ممكن بغير شك من جهة القرائن الحالية أو المقالية الا انها خفية المواقع متفرقة المواضع فلا يهتدى إلى جهاتها ولا تقدير على جمع أشتاتها الا من عظم في طلب الإصابة جهده وكثر في الصفح في الآثار كده انتهى قلت ان لم يحصل العلم فالظن كاف لهم كما هو دأبهم ورويتهم نعم بالنسبة إلى طريقته لعله يحتاج إلى العلم فتأمل.
ويمكن الجواب أيضا بان تعديلهم لان ينتفع به الكل وهم انتفعوا به وتلقوه بالقبول ولم نر
مخ ۵
من قدمائهم ولا متأخريهم ما يشير إلى تأمل من جهة ما ذكرت بل ولا نرى المضايقة التي ذكرت في تعديل من التعديلات مع جريانها فيها وأيضا لو أراد العدالة المعتبرة عنده كان يقول ثقة عندي حذرا من التدليس والعادل لا يدلس مع ان رويتهم كل كذلك.
وأيضا العادل إذا اخبر بان فلانا متصف بالعدالة المعتبرة شرعا فيقول ولا يتثبتون فتأمل وأيضا لم يتأمل واحد من علماء الرجال والمعدلين فيه في تعديل الآخر من تلك الجهة أصلا ولا تشم رائحته مطلقا مع إكثارهم من التأمل من جهات اخر وهم تلقون تعديل الآخر بالقبول حتى انهم يوثقون بتوثيقه ويخرجون بجرحه فتأمل.
على ان المعتبر عند الجل في خصوص المقام العدالة بالمعنى الأعم كما سيشير فلا مانع من عدم احتياج القائل بالملكة أيضا إلى التعيين.
فان قلت قال الاختلاف بينهم في الجرح والتعديل ووقوع الغفلة والخطاء منهم فكيف يوثق بتعديلهم.
قلت ذلك لا يمنع حصول الظن كما هو الحال في كثير من الامارات والأدلة مثل أحاديث كتبنا وقل الفقهاء ومشايخنا ومثل الشهرة من رب مشهور لا أصل له والعام مع انه ما من عام الا وقد خص ولفظ فعل وغير ذلك.
نعم ربما يحصل وهن الا انه لا يرتفع الظن بالمرة والوجدان حال.
على انا نقول أكثر ما ذكرت وارد عليكم في عملكم بالاخبار بل منافاتها لحصول العلم أزيد و أشد بل ربما لا يلائم طريقتكم ويلائم طريقة الاجتهاد بل أساسها على أمثال ما ذكرت ومنشأها منها وأثبتنا في الرسالة مشروحا.
فان قلت جمع من المزكين لم يثبت عدالتهم بل وظهر عدم ايمانهم مثل ابن عقدة وعلي بن الحسن بن فضال.
قلت من لم يعتمد على توثيق أمثالهم فلا اعتراض عليه ومن اعتمد فلأجل الظن الحاصل منه و غير خفى على المطلع حصوله بل وقوته وسنشير في على بن الحسن اليه في الجملة وأيضا ربما كان اعتماده عليه بناء على عمله بالروايات الموثقة فتأمل وسيجئ زيادة على ذلك في الحكم بن عبد الرحمن بو يمكن ان يكون اعتماده ليس من جهة ثبوت العدالة بل من باب رجحان قبول الرواية وحصول الاعتماد والقوة كما مر اليه الإشارة وسيجئ أيضا في إبراهيم بن صالح وغيره ومن هذا اعتمد على توثيق ابن نمير ومن ماثله.
واعلم ان من اعتبر في الرواية ثبوت العدالة بالشهادة لعله يشكل عليه الامر في بعض
مخ ۶
الايرادات الا ان يكتفى بالظن عند سد باب العلم فتأمل.
فان قلت إذا كانوا يكتفون بالظن فغير خفى حصوله من قول المشايخ ان الاخبار التي رويت صحاح أو مأخوذة من الكتب المعتمدة وغير ذلك فلم لم يعتبروه.
قلت ما اعتبروه لعدم حصول ظن بالعدالة المعتبرة لقبول الخبر عندهم. مع انى قد بينت في الرسالة ان هذه الأقوال منهم ليست على ما يقتضى ظاهرها ولم يتق عليه.
نعم يتوجه عليهم ان شمول النباء في قوله تعالى ان جاءكم فاسق بنبئ الآية لما نحن فيه لعله يحتاج إلى التأمل بملاحظة شأن نزول الآية والعلة المذكورة فيها وان البناء في الفقه صار على الظنون والاكتفاء فيها بها والاعتماد عليها وان العدول أخبرونا بالثبت وظهر لنا ذلك والاجماع منقول بخبر الواحد ولعل من ملاحظة أحوال القدماء لا يحصل العلم باجماعهم بحيث يكون حجة فتأمل.
فان قلت النكرة في ساق الاثبات وان لم تفد العموم الا انها مطلقة ترجع إلى العموم في أمثال المقامات والعبرة بعموم اللفظ والعلة وان كانت مخصوصة الا انها لا توجب التخصيص ولا ترفع الوثوق في العموم لان الظاهر عدم مدخلية الخصوصية وكون البناء في الفقه على الظن لا يقتضى رفع اليد عما ثبت من العموم والاجماع من اشتراط العدالة في الراوي واخبار العدول بالتثبت لا ينفع لجواز الخطاء فيحصل الندم وناقل الاجماع عادل فيقبل قوله من دون تثبت.
قلنا في رجوع مثل هذا الاطلاق إلى العموم بحيث ينفع المقام بملاحظة حال شأن النزول تأمل سيما بعد ملاحظة ما علل به رجوعه اليه فتدبر وخصوصا بعد كون تخصيص العمومات التي تأمل في عمومها من الشيوع بمكان فضلا عن مثل هذا العموم.
وان ظواهر القرآن ليس على حدى غيرها في القوة والظهور كما حقق في محله وان كثيرا من المواضع يقبل فيه خبره الفاسق من دون تثبت.
وان التبين في الآية معلل بعلة مخصوصة وهو يقتضى فنصره فيها ولا أقل من انه يرفع الوثوق في التعميم والتعدي.
وظهور عدم مدخلية الخصوصية محل نظر فان فثل جمع كثير من المؤمنين وسبى نساءهم و أولادهم ونهب أموالهم بجز واحد وسيما ان يكون فاسقا وخصوصا مع امكان التثبت وان حصل منه ظن كما هو بالنسبة إلى المسلمين في خبر الواحد.
واما المسائل الفقهية فقد ثبت جواز التعبد بالظن وورد به الشرع.
واما في أمثل زماننا فلا يكاد يوجده مسئلة تثبت بتمامها من الاجماع من دون ضميمة اصالة العدم
مخ ۷
أو خبر الواحد أو أمثالهما وكذا من الكتاب أو الخبر القطعي لو كان مع ان المتن ظني في الكل سيما في أمثل زماننا وبالجملة المدار عن على الظن قطعا.
واما في زمان الشارع فكثير منها كانت مبنية عليه مثل تقليد المفتين وخبر الواحد وظ الكتاب وغير ذلك وأيضا الندم يحصل في قتل المؤمنين وسبهم ونهبهم البتة لو ظهر عدم صدق الخبر و اما المسائل الفقهية فالمجتهد بعد مراعاة الشرائط المعتبرة واستنباطها بالطريقة المشروطة المقررة مكلف بظنه مثاب في خطائه سلمنا الظهور لكنه من باب الاستنباط والعلة المستنبطة ليست بحجة عند الشيعة والمحصل والمنصوصة مخصوصة سلمنا لكن نقول الام بالتبين في خبر الفاسق ان كان علته عدم الوثوق كما هو مسلم عندكم وتقتضيه العلة المذكورة وظ تعليق الحكم بالوصف فغير خفى انه مع احتمال كون أحد سلسلة السند فاسقا لا يحصل من مجرد ظن ضعيف بان الكل عدول الوثوق وقد عرفت ان المدار فيه على الظنون الضعيفة هذا ان أردت من الوثوق العلم أو الظن القوى.
على انه ان أردت العلم كما هو مقتضى ظاهر قوله تعالى عز وجل وفتبينوا والعلة المذكورة فلا يحصل من خبر العادل الثابت العدالة أيضا لاحتمال فسقة عند صدوره واحتمال خطاه لعدم عصمته فتصير الآية من قبيل الآيات الدالة على منع اتباع غير العلم لان تعليقه على وصف الفسق لا يقتضى قبول قول العادل لان المفهوم مفهوم اللقب وتمنع ذلك يقاوم العلة المذكورة كيف و ان يترجح عليه مع ان قوبل قول خصوص العادل يكون تعبدا واستعرف حاله.
وان أردت الظن القوى فأولا نمنع حصوله بالنسبة إلى كثير من العدول على حسب ما ذكرنا سيما على القول بان العدالة حسن الظاهر أو عدم ظهور الفسق والانصاف انه لا يثبت من قول المعدلين من القدماء أزيد من حسن الظاهر واما المتأخرون فغالب توثيقاتهم من القدماء كما لا يخفى على المطلع مضافا إلى بعد اطلاعهم على ملكة الرواة.
وثانيا انه يحصل الظن القوى من خبر كثير من الفساق الا ان يقال الفاسق من حيث انه فاسق لا يحصل لأظن القوى منه.
فعلى هذا نقول لا معنى لان يكون العادل لحصول الظن القوى منه لا يحتاج إلى التثبت و الفاسق لعدم حصوله منه من حيث انه فاسق وان كان يحصل من ملاحظة أمر آخر يحتاج إلى التثبت إلى ان يحصل العلم مع ان الاحكام الفقهية الثابتة من الاخبار الغير الصحاح من الكثرة بمكان من دون ان يكون هناك ما يقتضى العلم الا ان يوجه التبين بما يكتفى فيه بالظن القوى لكن هذا لا يكاد يتمشى في العلة.
مخ ۸
ومع ذل جل أحاديثنا المروية في الكتب المعتمدة يحصل منها الظن القوى بملاحظة ما ذكرنا في هذه الفوائد الثلث وفي التراجم وما ذكروه فيها وما ذكره المشايخ رضوان الله عليهم من انها صحاح وانها علمه وانها حجة فيما بينهم وبين الله تعالى وانها مأخوذة من الكتب التي عليه المعول وغير ذلك، مضاف إلى حصول الظن من الخارج بأنها مأخوذة من الأصول والكتب الدايرة بين الشيعة المعمولة عندهم وانهم نقلوها في كتبهم التي ألفوها لهداية الناس ولان يكون مرجعا للشيعة وعملوا بها وندبوا إلى العمل مع منعهم من العمل بالظن مطلقا أو مهما مكن و تمكنهم من الأحاديث العلمية غالبا أو مطلقا على حسب قربهم من الشارع وبعدهم وأريهم في عدم العمل بالظن مع علمهم وفضلهم وتقويهم وورعهم وغاية احتياطهم سيما في الاحكام و اخذ الرواية إلى غير ذلك مضافا ان ما يظهر في المواضع بخصوصها من القرائن على ان عدم إيراث ما ذكر هنا الظن القوى وإيراث ما ذكرنا في عدالة جميع سلسلة السند ذلك فيه ما لا يخفى.
وان أردت من الوثوق مجرد الظن كما هو المناسب لتعليق الحكم على الوصف ولحكم المفهوم على ان يكون حجة وهو موافق لغرضكم بل تصرحون بان الفاسق لا يحصل من خبره ظن فقيه انه وان اندفع عنه بعض ما أوردناه سابقا لكن ورد البعض الاخر أيضا عليه أشد وحمل التبين والعلة على تحصيله * * * وكذا مع حصوله مما ذكرنا هنا وترجيح ما ذكر في عدالة سلسلة السند عليه عليه على ان الفاسق الذي لا يحصل الظن من خبره هو الذي لا يبالي في الكذب في الكذب اما المتحرز عنه مطلقا أو في الروايات فمنع حصوله منه مكابرة سيما الفاسق بالقلب لا الجوارح وستعرف.
فان قلت جميع ما ذكرت هنا موجود في صحيحهم أيضا والعدول إلى الأقوى متعين.
قلت وجود الجميع في الجميع غلط مع انهم لم يعتبروا في الصحيح شيئا منها فضلا عن الجميع ومع ذلك يكون العدالة ح من المرجحات ولا كلام فيه.
فان قلت يلزم مما ذكرت جواز الحكم بشهادة الفاسق ومجهول الحال إذا حصل منها ظن لاعتبار العدالة فيها أيضا.
قلت اعتبارها فيها من قبيل الأسباب الشرعية والأمور التعبدية واما اعتبارهم إياها في الرواية فالظاهر منهم والمستفاد من كلماتهم انها لأجل الوثوق وان عدم اعتبار رواية غيرهم من عدم مع ان ما استدلوا به له الآية وقد عرفت ظهورها بل كونها نصا في ذلك سلمنا لكن المتبادر من الفاسق فيها والظاهر منه هنا من عرف بالفسق وسنذكر في علي بن الحسين السعد آبادي ما يؤكد ذلك.
ولو سلم عدم الظهور فظهور خلافه مم فالثابت منها عدم قبول خبر المعروف به واما
مخ ۹
المجهول فلا ونسب إلى كثير من الأصحاب قبوله منه ويظهر من كثير من التراجم أيضا.
على ان المستفاد ح عدم قبول خبر الفاسق لاشتراط العدالة والواسطة بينهما موجودة قطعا سيما على قولكم بأنها الملكة وخصوصا بعد اعتبار اجتناب منافيات المروة وكذا بعد تخصيصها بالمكلفين وكذا بين الشيعة الاثني عشرية لما ستعرف هذا حال الآية على انه على هذا لاوجه لاشتراط الضبط في الراوي كما شرطتم.
واما الاجماع ففيه بعد ما عرفت ان الناقل الشيخ ره وهو صرح بأنه يكفى كون الراوي متحرزا عن الكذب إلى اخر ما ذكرناه عنه سابقا وما سنذكر عنه في الفائدة الثانية والثالثة وسنذكر عن غيره أيضا ما ينافي هذا الاجماع أو تخصيصه بالعدالة بالمعنى الأعم فتأمل.
ومع ذلك لا يظهر منه كون اعتبارها تعبدا بل ربما يظهر من كلماتهم كونه لأجل الوثوق على انه يمكن منع المخطئ في الاعتقاد فاسقا امام بالنسبة إلى غير المقصر فظ وسيجئ ما يشير في الفائدة الثانية وفي أحمد بن محمد بن أبي نصر وابن نوح وابن زياد وابن عيسى وغيرها و بالجملة جميع العقائد التي من أصول الدين ليست جلية على جميع أحاد المكلفين في جميع أوقاتهم كيف وامر الإمامة التي من رؤسها كان مختلفا بحسب الخفاء والظهور بالنسبة إلى الأزمنة والأمكنة والاشخاص وأوقات عمرهم وهو ظ من الاخبار والآثار والاعتبار.
واما المقصر منهم فبعد ظهور صلاحه وتحرزه عن الكذب والفسق بجراحه مثل الحسن بن على بن فضال ونظائره نمنع كونه من الافراد المتبادرة له في الزمان الأول أيضا للفظ الفاسق المذكور سيما بعد ملاحظة نص الأصحاب على توثيق وفاقا للمرتضى بعد المحقق الطوسي ره في تجريده وشيخنا البهائي في زبدته وأيضا نرى مشايخنا يوثقون المخطئين في الاعتقاد توثيق المصيبين من دون فرق بجعل الأول موثقا والثاني ثقة كما تجدد عليه الاصطلاح ويعتمدون على ثقات الفريقين ويقبلون قولهم فالعدالة المعتبرة عندهم هي بالمعنى الأعم فظهر قوة الاعتماد على اخبار الموثقين وأيضا من اين علم ان مرادهم من التوثيق التعديل مع ان الشيخ ره صرح بتوثيق الفاسق بافعال جوارحه كما مر وسنذكر في الفائدة الثانية وسيجئ توثيق مثل كاتب الخليفة ومن ماثله.
إلا أن يقال اتفاق الكل على اشتراط العدالة في الراوي على ما أشير إليه يقتضى عدم قبول غيرهم وغير خفي ان توثيقاتهم لأجل الاعتماد وقبول الرواية وأيضا الاتفاق على اثبات العدالة من توثيقهم وملاحظة بعض المواضع يدلان على ذلك وأيضا ذكر في علم الدراية انه من ألفاظ التعديل وسيجئ بعض ما في المقام في الفائدة الثانية عن قريب.
مخ ۱۰
واما مثل كاتب الخليفة فيوجه ويصحح وسيذكر في الفائدة الثالثة وبالجملة لعل الظاهر ان الثقة بمعناه اللغوي وانه مأخوذ فيه مثل التثبت والضبط والتدبر والتحفظ ونظائرها وانهم ما كانوا يعتمدون على من لا يتصف بها ولعل مما اخذ فيه عندهم عدم الاعتماد على الضعفاء و المجاهيل والمراسيل إلى غير ذلك مما سنشير اليه في قولهم ضعيف فمراد الشيخ ره من توثيق الفاسق أمثل الأمور المذكورة مع التحرز عن الكذب مطلقا وفى الروايات.
اما توثيقات علم الرجال فلعله مأخوذ فيها العدالة على ما أشير اليه مع ان الفاسق من حيث انه فاسق لا يؤمن عليه ولو اتفق اتصافه بالأمور المذكورة فليس فيه وثوق تام كما في العادل المتصف.
على انه على تقدير اعتماد بعضهم على مثله فلعلة لا يعبر عنه بثقة على الاطلاق بل لعله نوح تدليس وهو يتحاشون عنه بل على تقدير اعتماد الكل أيضا لعل الامر كذلك فتأمل وسيجئ في الفائدة الثانية في بيان قولهم ثقة في الحديث ما ينبغي ان يلاحظ ومما ذكرنا ظهر ان عدم توثيقهم للرجال ليس لتأملهم في عدالتهم سيما بالنسبة إلى أعاظمهم مثل الصدوق وثعلبة بن ميمون و الحسن بن حمزة ونظائرهم من الذين قالوا في شانهم ما يقتضى العدالة وما فوقها ويظهر ذل من الخارج وبالجملة ليسوا ممن يجوز عليهم الفسق العباد بالله تعالى وهذا ظاهر لا تأمل فيه بل من قبيل ما قال المحقق الشيخ محمد ره تعالى وللعلامة رحمه الله تعالى أوهام يبعد زيادة بعد معها الاعتماد على وصدر أمثال ذلك من غير واحد من غيره بالنسبة اليه وإلى غيره مع عدم تأمل أحد منهم في عدالتهم بل في زهدهم أيضا وتقويهم وعلمهم ومتانة فكرهم بل وفي كونهم أئمة في علوم شتى من الفقه وغير إلى غير ذلك هذا ويمكن ان يكون عدم تنصيصهم على التوثيق بالنسبة إلى بعض الأعاظم توكيلا على ظهوره مما ذكروه في شانه وغير لازم ان يكون بلفظه ثقة وصرح علماء الدراية بعدم انحصار ألفاظ التعديل فيه وفي عدل فتأمل.
الفائدة الثانية في بيان طائفة من الاصطلاحات المتداولة في الفن وفائدتها وغيرها من المباحث المتعلقة بها منها وقولهم ثقة ومر بيانه مع بعض ما يتعلق به وبقي بعض.
قال المحقق الشيخ محمد ره ان جش إذا قال ثقة ومل يتعرض إلى فساد المذهب فظاهره انه عدل إمامي لان ديدنه التعرض إلى الفساد فعدمه ظاهر في عدم ظفره وهو ظاهر في عدمه لبعد وجوده مع عدم ظفره لشدة بذل جهده وزيادة معرفته وان على جماعة من المحققين انتهى لا يخفى ان الرواية المتعارفة المسلمة المقبولة انه إذا قال عدل إمامي جش كان أو غيره فلان ثقة انهم يحكمون بمجرد هذا القول بأنه عدل امامي كما هو ظاهر أما لما ذكر أو لأن الظاهر من الرواة التشيع و الظاهر من الشيعة حسن العقيدة أو لأنهم وجدوا منهم اصطلحوا ذلك في الامامية وان كانوا
مخ ۱۱
يطلقون على غيرهم مع القرينة فان معنى ثقة عادل أو عادل ثبت عدمه فكما ان عادل ظاهر فبهم فكذا ثقة أو لأن المطلق ينصرف إلى الكامل أو الغير ذلك على منع الخلو.
نعم في مقام التعارض بان يقول آخر فطحي مثلا يحكمون بكونه موثقا معللين بعدم المنافاة ولعل مرادهم عدم معارضة الظاهر النص وعدم مقاومته بناء على ان دلالة ثقة على الامامية ظاهرة كما ان فطحي على اطلاقه لعله ظاهر في عدم ثبوت العدالة عد قائله مع تأمل فيه ظهر وجهه و ان الجمع مهما أمكن لازم فيه فيرفع اليد عما ظهر وتمسك بالمتيقن اعني مطلق العدالة فيصير فطحيا عادلا في مذهبه فيكون الموثق وكلاهما وكذا لو كانا من واحد لكن لعله لا يخلو عن نوع تدليس الا ان لا يكون مضرا عندهم لكون حجية خبر الموثقين إجماعيا أو حقا عندهم واكتفوا بظهور ذلك منهم أو غير ذلك وسيجئ في أحمد بن محمد بن خالد ماله دخل أو يكون طهر خلاف الظاهر واطلع الجارح على ما لم يطلع عليه المعدل لكن ملائمة هذا القول بالملكة لا يخلو عن اشكال مع ان المعدل ادعى كونه عادلا في مذهبنا فإذا ظهر كونه مخالفا فالعدالة في مذهبة من اين إلا أن يدعى ان الظاهر اتحاد أسباب الجرح والتعديل في المذهبين سوى الاعتقاد بامامة امام لكن هذا لا يصح بالنسبة إلى الزيدي والعامي ومن ماثلهما جزما واما بالنسبة إلى الفطحي و الواقفية ومن ماثلهما فثبوته أيضا يحتاج إلى التأمل مع انه إذا ظهر خطاء المعدل بالنسبة إلى نفس ذلك الاعتقاد فكيف يؤمن عدمه بالنسبة إلى غيره وأيضا لعل الجارح جرحه مبنى على ما لا يكون سببا في الواقع على ما سيذكر في إبراهيم بن عمر ويقر به التأمل في هذه الفائدة عند ذكر الغلاة والواقفة وقولهم ضعيف وغيرها وكذا في الفائدة الثالثة في مواضع عدية وسيجئ في إبراهيم ما ينبغي ان يلاحظ وكيف كان هل الحكم والبناء المذكور عند التعارض مطلق أو مقيد بما إذا انحصر ظن المجتهد فيه وانعدم الامارات والمرجحات إذ لعله بملاحظة حصتها يكون الظاهر عنده حقية أحد الطرفين ولعل الأكثر على الثاني وانه هو الأظهر كما سيجئ في إبراهيم بن عمر وابن عمرو ابن عبد الحميد وغيرهما مثل سماعة وغيره ويظهر وجهه أيضا من التأمل في الفائدة الأولى وهذه الفائدة والفائدة الثالثة على حسب ما أشير اليه.
ثم اعلم ان ما ذكر إذا كان الجارح والمعدل عدلا إماميا واما إذا كان مثل على بن الحسن فمن جرحه يحصل ظن وربما يكون أقوى من الامامي كما أشير اليه فهو معتبر في مقام اعتباره وعدم اعتباره على ما سيجئ في ابان بن عثمان وغيره بناء على جعله شهادة أو رواية ولم يجعل منشاء قبولها الظن ولم يعتبر الموثقة وفيها تأمل واما تعديله فلو جعل من مرجحات قوبل الرواية فلا إشكال بل يحصل منه ما في غاية القوة وأما لو جعل من دلائل العدالة فلا يخلو عن اشكال ولو
مخ ۱۲
على رأى من جعل التعديل من باب الظنون أو الرواية وعمل بالموثقة لعدم ظهور ارادته العدل الامامي أو في مذهبه أو الأعم أو مجرد الوثوق بقوله ولم يظهر اشتراطه العدالة في قبول الرواية الا ان يقال إذا كان الامامي المعروف مثل العياشي الجليل يسأله عن حال راو فيجيبه بأنه ثقة على الاطلاق مضافا إلى ما يظهر من رويته من التعرض للوقف والناووسية وغيرهما في مقام جوابه و إفادته له وأيضا ربما يظهر من اكثاره ذلك انه كان يرى العرض لامثل ذلك في المقام وكذا الحال بالنسبة إلى العياشي الجليل بالقياس إلى الجليل الاخذ منه وهكذا فإنه ربما يظهر من ذلك إرادة العدل الامامي مضافا إلى انه لعل الظاهر مشاركة أمثاله مع الامامية في اشتراط العدالة وانه ربما يظهر من الخارج كون الراوي من الامامية فيبعد خفاء حاله على جميعهم بل وعليه أيضا فيكون تعديله بالعدالة في مذهبنا كما لا يخفى فلو ظهر من الخارج خلافه فلعل حاله حال توثيق الامامي وأيضا بعد ظهور المشاركة احدى العدالتين مستفادة فيقصر عن الموثق فتأمل فان المقام يحتاج إلى التأمل التام وأشكل من ذلك ما إذا كان الجارح الإمامي والمعدل غيره واما بالعكس فحاله ظاهر سواء قلنا بان التعديل من باب الشهادة أو الرواية أو الظنون هذا.
واعلم ان الظاهر والمشهوران قولهم ممدوح والبحث فيه من وجوه.
الأول المدح في نفسه يجامع صحة العقيدة وفسادها والأول يسمى حديثه حسنا والثاني قويا وإذا لم يظهر صحتها ولافسادها فهو أيضا من القوى لكن نريهم بمجرد ورود المدح يعدونه حسنا ولعله لان اظهار المدح مع عدم اظهار القدح وتأمل منهم ظاهر في كونه إماميا مضافا إلى ان ديدنهم التعرض للفساد على قياس ما ذكر في التوثيق ففي مقام التعارض يكون قويا مطلقا أم إذا انعدم المرجحات على قياس ما مر والأولى في صورة عدم التعارض ملاحظة خصوص المدح بعد ملاحظة ما في المقام.
ثم البناء على الظن الحاصل عند ذلك ومن التأمل فيما ذكر في التوثيق وما ذكر هنا يظهر حال مدح على بن الحسين بن فضال وأمثاله وكذا المعارضة بين مدحه قدح الامامي وعكسه و غير ذلك.
الثاني المدح منه ماله دخل في قوة السند وصدق القول مثل صالح.
ومنه ما لا دخل له في السند بل في المتن مثل فهم وحافظ ومنه ما لا دخل له فيهما مثل شاعر و قارئ ومنشأ صيرورة الحديث حسنا أو قويا هو الأول واما الثاني فمعتبر في مقام الترجيح و التقوية بعد ما صار الحديث صحيحا أو حسنا أو قويا.
واما الثالث فلا اعتبار له لأجل الحديث نعم ربما يضم إلى التوثيق وذكر أسباب الحسن والقوة
مخ ۱۳
اظهار الزيادة الكمال فهو من المكملات وقس على المدح حال الذم هذا وقولهم أديب أو عارف باللغة أو النحو وأمثالهما هل من الأول أم الثاني أم الثالث الظاهر انه لا يقصر عن الثاني مع احتمال كونه من الأول ولعل مثل القارئ أيضا كذلك فتأمل.
الثالث المدح هل هو من باب الرواية أو الظنون الاجتهادية أو الشهادة على قياس ما مر في التوثيق والبناء هنا على ملاحظة خصوص الموضع وما يظهر منه أولى ووجهه ظاهر وكذا الثمرة.
الرابع المدح يجامع القدح بغير فساد المذهب أيضا لعدم المنافاة بين كونه ممدوحا من جهة و مقدوحا من جهة أخرى ولو اتفق القدح المنافى فحاله يظهر مما ذكر في التعارض ومع تحقق غير المنافى فأما ان يكونا مما له دخل في السند أو مما له دخل في المتن أو المدح من الأول والقدح من الثاني أو بالعكس والأول لو تحقق بان ذكر له وصفان لا يبعد اجتماعهما من ملاحظة أحدهما يحصل قوة لصدقه ومن الاخر وهن لا اعتبار له في الحسن والقوة نعم لو كان القدح ههنا في جنب مدحه بحيث يحصل قوة معتد بها فالظاهر الاعتبار وقس على ذلك حال الثاني مثل ان يكون جيد الفهم ردى الحافظة.
واما الثالث مثل ان يكون صالح سيىء الفهم أو الحافظة فلعله معتبر في المقام وانه كما لا يعد ضررا بالنسبة إلى الثقات والموثقات فكذا هنا مع تأمل فيه إذ لعل عدم الضرر هناك من نفى التثبت أو من الاجماع على قبول خبر العادل والمناط في المقام لعله الظن فيكون الامر دائرا معه على قياس ما سبق.
واما الرابع فغير معتبر في المقام والبناء على عدم القدح وعد لحديث حسنا أو قويا بسبب عدم وجدانه كما مر مضافا إلى أصل العدم.
الخامس مراتب المدح والقدح متفاوتة وليس اى قد يكون معتبرا في المقام بل القدر المعتد به في الجملة وسيشير اليه الشهيد في خالد بن جرير وغيره وربما يحصل الاعتذار من اجتماع المتعدد وبتفاوت العدد والكثرة تتفاوت القوة كما ان المدائح في أنفسها متفاوتة فيها فليلاحظ التفاوت وليعتبر في مقام التقوية والترجيح.
ومنها قولهم ثقة في الحديث والمتعارف المشهور انه تعديل وتوثيق للراوي نفسه ولعل منشاءه الاتفاق على ثبوت العدالة وانه يذكر لأجل الاعتماد على قياس ما ذكر في التوثيق وان الشيخ الواحد ربما يحكم على واحد بأنه ثقة وفي موضع آخر بأنه ثقة في الحديث مضافا إلى انه في الموضع الأول كان ملحوظ نظره الموضع الاخر كما سيجئ في أحمد بن إبراهيم بن أحمد فتأمل وربما قيل بالفرق بين الثقة في الحديث والثقة وليس يبالي القائل ويمكن ان يقال بعد
مخ ۱۴
ملاحظة اشتراطهم العدالة ان العدالة المستفادة من الأول هي بالمعنى الأعم وقد أشرنا وسنشير أيضا ان التي وقع الاتفاق على اشتراطها هي بالمعنى الأعم ووجه الاستفادة هي اشعار العبادة وكثير من التراجم مثل أحمد بن بشير وأحمد بن الحسن وأبيه الحسن على بن فضال والحسين بن أبي سعيد والحسين بن أحمد بن المغيرة وعلى بن الحسن الطاطري وعمار بن موسى وغير ذلك الا ان المحقق نقل عن الشيخ اه فتأمل ومر في أواخر الفائدة الأولى ما ينبغي ان يلاحظ.
ومنها قوله صحيح الحديث عند القدماء هو ما وثقوا بكونه من المعصوم صلوات الله عليه أعم من ان يكون منشاء وثوقهم كو الراوي من الثقات أو امارات اخر ويكونون يقطعون بصدوره عنه صلوات الله عليه أو يظنون ولعل اشتراطهم العدالة على حسب ما أشرنا إليه لأجل اخذ الرواية عن الراوي من دون حاجة إلى التثبت وتحصيل امارات تورثهم وثوقا اعتدوا به كما ان عند المتأخرين أيضا كذلك كما مر فتأمل وما قيل من ان الصحيح عندهم قطعي الصدور قد بينا فساده في الرسالة.
ثم ان بين صحيحهم والمعمول به عندهم لعله عموم من وجه لان ما وثقوا بكونه عن المعصوم (ع) الموافق للتقية صحيح غير معمول به عندهم ويبالي التصريح بذلك اخرا في أواخر فروع الكافي وما رواه العامة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه مثلا لعله غير صحيح عندهم و يكون معمولا به كذلك لما نقل عن الشيخ ره انه قال في عدته ما مضمونه هذا رواية المخالفين في المذهب عن الأئمة عليه السلام ان عارضها رواية الموثق به وجب طرحها وان وافقها وجب العمل بها وان لم يكن ما يوافقها ولا ما يخالفها ولا يعرف لهم قول فيها وجب أيضا العمل بها لما روى عن الصادق عليه السلام إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روى عنا فانظروا ما رووه عن علي عليه السلام فاعملوا به ولأجل ما قناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث و غياث بن كلوب ونوح بن دراج والسكوني من العامة عن أئمتنا عليهم السلام ولم ينكروه لم يكن عندهم خلافه انتهى فتأمل.
وما ذكر غير ظاهر عن كل القدماء واما المتأخرون فإنهم أيضا بين صحيحهم والمعمول به عندهم العموم من وجه وهو ظاهر وبين صحيحهم وبين صحيح القدماء العموم المطلق وقد أثبتناه في الرسالة ولعل منشأ قصر اصطلاحهم في الصحيحة فيما رواه الثقات صيرورة الأحاديث ظنية وانعدام الامارات التي تقتضي العمل بها بعنوان الضابطة ومثل الحسن والموثقية واجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه وغير ذلك وان صار ضابطة عند البعض مطلقا أو في بعض رأيه الا ان ذلك البعض لم يصطلح اطلاق الصحيح عليه وان كان يطلق عليه في بعض الأوقات بل
مخ ۱۵
لعل الجميع أيضا يطلقون كذلك كما سنشير اليه في ابان بن عثمان حذرا من الاختلاط ولشدة اهتمامهم في مضبوطية قواعدهم وليلا يقع تلبيس وتدليس فتأمل وبالجملة لاوجه للاعتراض عليهم بتغيير الاصطلاح وتخصيصه بعد ملاحظة ما ذكرنا وأيضا عدهم الحديث حسنا وموثقا منشاءه القدماء ولا خفاء فيه مع ان حديث الممدوح عند القدماء ليس عندهم مثل حديث الثقة و المهمل والضعيف البتة وكذا الموثق نعم لم يعهد منهم انه حسن أو موثق وغير ذلك والمعهود من المتأخرين لو لم يكن حسنا لم يكن فيه مشاحة البتة مع ان حسنه غير خفى.
ثم انه ذكرنا ظهر فساد ما توهم بعض من ان قول مشايخ الرجال صحيح الحديث تعديل و سيجئ في الحسن بن النعمان أيضا نعم هو ممدوح فتدبر.
ومنها قولهم أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه واختلف في بيان المراد فالمشهور ان المراد صحة كل ما رواه حيث يصح الرواية عنه فلا يلاحظ ما بعده إلى المعصوم صلوات الله عليه وان كان فيه ضعف وهذا هو الظاهر من العبادة وقيل لا يفهم منه إلا كونه ثقة فاعترض عليه ان كونه ثقة امر مشترك فلا وجه لاختصاص الاجماع بالمذكورين به وهذا الاعتراض بظاهره في غاية السخافة ان كون الرجل ثقة لا يستلزم وقوع الاجماع على وثاقته الا ان يكون المراد ما أورده بعض المحققين من انه ليس في التعبير بها لتلك الجماعة دون غيرهم ممن لا خلاف في عدالته فائدة وفيه انه ان أردن عدم خلاف من المعدلين المعروفين في الرجال ففيه أولا انا لم نجد من وثقه جميعهم وان أردت عدم وجدان خلاف منهم ففيه ان هذا غير ظهور الوثاق مع ان سكوتهم ربما يكون فيه شيء فتأمل وثانيا ان اتفاق خصوص هؤلاء غير اجماع العصابة وخصوصا ان يدعى هذا الاجماع كش ناقلا عن مشايخة فتأمل هذا مع انه لعل عند هذا القائل يكون بصحيح الحديث امر زائد على التوثيق فتأمل وأو أردت اتفاق جميع العصابة فلم يوجد ثقة جليل سالم عن قدح فضلا عن ان يتحقق اتفاقهم على سلامة منه فضلا عن ان يثبت عندك فتأمل واعترض أيضا هذا المحقق بمنع الاجماع لان بعض هؤلاء لم يدع أحد توثيقه بل قدح بعض في بعضهم و بعض منهم وان ادعى توثيقه الا انه ورد منهم قدح فيه وهذا الاعتراض أيضا فيه تأمل و سيظهر لك بعض من وجهه نعم يرد عليهم ان تصحيح القدماء حديث شخص لا يستلزم توثيقه منهم لما مر الإشارة اليه نعم يمكن ان يقال يبعد ان لا يكون رجل ثقة ومع ذلك اتفق جميع العصابة على تصحيح جميع ما رواه سيما بعد ملاحظة عدوى الشيخ ره الاتفاق على اعتبار العدالة لقبول خبرهم وان ذلك ربما يظهر من الرجال أيضا كما مر خصوصا مع مشاهدة ان كثيرا من الأعاظم الثقات لم يتحقق منهم الاتفاق على تصحيح حديثه وسيجئ في عبد الله بن سنان ما يؤكد
مخ ۱۶
ما ذكرنا نعم لا يحصل منه الظن بكونه ثقة إماميا بل بأعم منه كما لا يخفى ويشير اليه نقل هذا الاجماع في الحسن بن على وعثمان بن عيسى وما يظهر من عدة الشيخ ره وغيره ان المعتبرة العدالة بالمعنى الأعم كما ذكرنا فلا يقدح نسبة بعضهم إلى الوقف وأمثاله نعم النسبة إلى التخليط كما وقعت كما في أبي بصير يحيى الأسدي ربما يكون قادحة فتأمل.
فإن قلت المحقق ره في المعتبر ضعف ابن بكير.
قلت لعله لم يعتمد على ما نقل من الاجماع أو لم يتفطن لما ذكرنا أو لم يعتبر هذا الظن أو غرضه من الضعف ما يشتمل الموثقية واعترض على المشهور بان الشيخ ربما يقدح فيما صح عن هؤلاء بالارسال الواقع بعدهم وأيضا المناقشة في قبوله مراسيل ابن أبي عمير معروفة وفيه ان القادح و المناقش ربما لم يثبت عندهما الاجماع أو لم يثبت وجوب اتباعه لعدم كونه بالمعنى المعهود بل كونه مجردا الاتفاق أولم يفهما على وفق المشهور ولا يضر ذلك أو لم يقنعا بتفرد ذلك والظاهر هو الأول بالنسبة إلى الشيخ ره لعدم ذكره إياه في كتبه كما ذكره كش وكذلك بالنسبة إلى جش وأمثاله فتأمل بقي شيء وهو أنه ربما يتوهم بعض من عبارة اجماع العصابة وثاقة من روى عنه هؤلاء وفساده ظاهر وقد عرفت الوجه نعم يمكن أن يفهم منها اعتداد ما بالنسبة اليه فتأمل و عندي ان رواية هؤلاء إذا صحت إليهم لا تقصر عن أكثر الصحاح ووجهه يظهر بالتأمل فيما ذكر.
ومنها قولهم استدل عنه قيل معناه سمع عنه الحديث ولعل المراد على سبيل الاستناد و لا اعتماد والا فكثير ممن سمع عنه ليس ممن اسند عنه وقال جدي ره المراد روى عنه الشيوخ و اعتمد وعليه وهو كالتوثيق ولا شك ان هذا المدح أحسن من لا بأس به انتهى قوله ره وهو كالتوثيق لا يخلو من تأمل نعم ان أراد منه التوثيق بما هو تأمل لكن لعله توثيق من غير معلوم الوثاقة اما انه روى عنه الشيوخ كذلك حتى يظهر وثاقته لبعد اتفاقهم على الاعتماد على من ليس بثقة و بعد اتفاق كونهم بأجمعهم غير ثقات فليس بظاهر.
نعم ربما يستفاد منه مدح وقوة لكن ليس بمثابة قولهم لا بأس به بل أضعف منه لو لم نقل بإفادته التوثيق وربما يقال بإيمائه إلى عدم التوثيق ولعله ليس كذلك فتأمل.
ومنها قولهم لا بأس به أي بمذهبه أو روايته والأول اظهر ان ذكر مطلقا وسيجئ في إبراهيم بن محمد بن فارس لا بأس به في نفسه ولكن ببعض من روى هو عنه وربما يوهم هذا إلى كون المطلق قابلا للمعنيين لكن فيه تأمل والأوفق بالعبادة والأظهر انه لا بأس به بوجه من الوجوه و لعله لهذا قيل بإفادته التوثيق واستقربه المص في متوسطه ويوحى اليه ما في تلك الترجمة و ترجمة بشار بن يسار ويؤيده قولهم ثقة لا بأس به منه ما سيجئ في حفص بن سالم.
مخ ۱۷
والمشهور انه يفيد المدح وقيل بمنع افادته المدح أيضا وص عده من القسم الأول فعنده انه يفيد مدحا معتدا به فتأمل.
ومنها قولهم من أولياء أمير المؤمنين (ع) وربما جعل ذلك دليلا على العدالة وسيجئ في سليم بن قيس ولعله غيره من الأئمة عليهم السلام أيضا كذلك فتأمل فإنه لا يخلو أصل هذا من تأمل نعم في قولهم من الأولياء ظاهر فيها فتأمل.
ومنها قولهم عين ووجه قيل هما يفيدان التعديل ويظهر من المص في ترجمة الحسن بن على بن زياد وسنذكر عن جدي ره في تلك الترجمة معناهما واستدلاله على كونهما توثيقا و ربما يظهر ذلك عن المحقق الداماد أيضا في الحسين بن أبي العلاء وعندي انهما يفيدان مدحا معتدا به وأقوى من هذين قولهم وجه من وجوه أصحابنا مثلا فتأمل.
ومنها قولهم له أصل وله كتاب وله نوادر وله مصنف.
ومنها اعلم ان الكتاب مستعمل في كلامهم في معناه المتعارف وهو أعم مطلقا من الأصل و النوادر فإنه يطلق على الأصل كثيرا.
منها ما سيجئ في ترجمة أحمد بن الحسين بن المفلس وأحمد بن سلمة وأحمد بن محمد بن عمار وأحمد بن ميثم وإسحاق بن جرير والحسين بن أبي العلاء وبشار بن يسار وبشر بن سلمة والحسن بن رباط وغيرهم.
وربما يطلق الكتاب في مقابل الأصل كما في ترجمة هشام بن الحكم ومعاوية بن الحكم و غيرهما.
وربما يطلق على النوادر وهو أيضا كثير.
منها قولهم له كتاب النوادر وسيجئ في أحمد بن الحسين بن عمر ما يدل وكذا أحمد بن المبارك وغير ذلك وربما يطلق النوادر على الأصل والنوادر كما يظهر من ترجمة أحمد بن ميثم ويطلق بأداء الأصل كما في هشام بن الحكم وديباجة ست واما بالنسبة بين الأصل والنوادر فالأصل ان النوادر غير الأصل وربما يعد من الأصول كما يظهر من أحمد بن الحسن بن سعيد بن على وأحمد بن سلمة وحريز بن عبد الله.
بقي الكلام في معرفة الأصل والنوادر نقل ابن شهرآشوب في معالمه عن المفيد ره ان الامامية صنفوا من عهد أمير المؤمنين (ع) إلى زمان العسكري صلوات الله عليه أربعمائة كتاب تسمى الأصول انتهى.
أقول لا يخفى أن مصنفاتهم أزيد من الأصول فلابد من وجه تسمية بعضها أصولا دون البواقي.
مخ ۱۸
فقيل ان الأصل ما كان مجرد كلام المعصوم صلوات الله والكتاب ما فيه كلام مصنفه أيضا و أيد ذلك بما ذكره الشيخ ره في زكريا بن يحيى الواسطي له كتاب الفضائل وله أصل وفي تأييد نظر الا ان ما ذكره لا يخلو عن قرب وظهور.
واعترض بان الكتاب أعم وهذا الاعتراض نحيف إذا الغرض بيان الفرق بين الكتاب الذي ليس بأصل ومذكور في مقابله وبين الكتاب الذي هو أصل وبيان سبب فصر تسميتهم الأصل في الأربعمائة.
واعترض أيضا بان كثير من الأصول فيه كلام مصنفيه وكثيرا من الكتب ليس فيه ككتاب سليم بن فليس وهذا الاعتراض كما ترى ليس الامن مجرد دعوى مع انه لا يخفى بعده على المطلع بأحوال الأصول المعروفة نعم لو ادعى ندرة وجود كلام المص فيها ليس ببعيد ويمكن ان لا يضر القائل أيضا وكون كتاب سليم بن قيس ليس من الأصول من اين إذ بملاحظة كثير من التراجم يظهر ان الأصول ما كانت بجميعها مشخصة عند القدماء هذا ويظهر من كلام الشيخ ره في أحمد بن محمد بن نوح ان الأصول رتب ترتيبا خاصا وقبل في وجه الفرق ان الكتاب ما كان مبوبا ومفصلا والأصل مجمع اخبار واثار ورد بان كثيرا من الأصول مبوبة.
أقول ويقرب في نظر ان الأصل هو الكتاب الذي جمع فيه مصنفه الأحاديث التي رواها عن المعصوم صلوات الله عليه أو عن الراوي والكتاب والمصنف لو كان فيهما حديث معتمد معتبر لكان مأخوذا من الأصل وغالب وانما قيدنا بالغالب لأنه ربما كان بعض الروايات أو قليلها يصل معنعنا ولا يؤخذ من أصل ولوجود مثل هذا فيه لا يصير أصلا فتأمل.
اما النوادر فالظاهر انه ما اجتمع فيه أحاديث لا تضبط في باب لقلته بان يكون واحدا أو متعدد لكن يكون قليلا جدا ومن هذا قولهم في الكتب المتداولة نوادر الصلاة ونوادر الزكاة وأمثال ذلك.
وربما يطلق النادر على الشاذ ومن هذا قول المفيد ره في رسالته في الرد على الصدوق ره في ان شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقص ان النوادر هي التي لا عمل عليها مشيرا إلى رواية حذيفة والشيخ ره في يب قال لا يصح العمل بحديث حذيفة لان متنها لا يوجد في شئ من الأصول المصنف بل هو موجود في الشواذ من الاخبار والمراد من الشاذ عند أهل الدراية ما رواه الراوي الثقة مخالفا لما رواه الأكثر وهو مقابل المشهور الشاذ مردود مطلقا عند بعض و مقبول كذلك عند اخر ومنهم من فصل بان المخالف له ان كان احفظ وأضبط واعدل فمردود وان انعكس فلا يرد لان في كل منها صفة راجحة ومرجوحة فيتعارضان ونقل عن بعض ان
مخ ۱۹
النادر ما قل روايته وندر العمل به وادعى انه الظاهر من كلام الأصحاب ولا يخلو من تأمل.
ثم أعلم انه عند خالي بل وجدي رحمهما الله أيضا على ما هو يبالي ان كون الرجل إذا أصل من أسباب الحسن وعندي فيه تأمل لان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة وان كان كتبه معتمدة على ما صرح به في اول ست أيضا الحسن بن صالح بن حي بتري متروك العمل بما يختص بروايته على ما صرح به في يب مع انه صاحب الأصل و كذلك علي بن أبي حمزة البطائني مع انه ذكر فيه ما ذكر إلى غير ذلك وقد بسطنا الكلام في المقام في الرسالة نعم المفيد ره في مقام مدح جماعة في رسالته في الرد على الصدوق ره قال وهم أصحاب الأصول المدونة لكن استفادة الحسن من هذا لا يخلو من تأمل سيما بعد ملاحظة ما ذكرنا فتأمل مع ان في جملة تلك الجماعة ابا الجارود وعمار الساباطي وسماعة.
ثم انه ظاهر ان أضعف من ذلك كون الرجل ذا كتاب من أسباب الحسن قال في المعراج كون الرجل ذا كتاب لا يخرجه عن الجهالة الا عند بعض لا يعتد به هذا والظاهر ان كون الرجل صاحب أصل يفيد حسنا لا الحسن الاصطلاحي وكذا كونه كثير التصنيف وكذا جيد التصنيف وأمثال ذلك بل كونه ذا كتاب أيضا يشير إلى حسن ما ولعل ذلك مرادهم مما ذكروا وسيجئ عن البلغة في الحسن بن أيوب ان كون الرجل صاحب الأصل يستفاد منه مدح اه فلاحظه وتأمل.
ومنها قولهم مضطلع بالرواية أي قوي أو عال لها ومالك ولا يخفى افادته المدح.
ومنها قولهم سليم الجنبية قيل معناه سليم الأحاديث وسليم الطريقة.
ومنها قولهم خاصي وقد أخذه خالي ره مدحا ولعله لا يخلو من تأمل لاحتمال إرادة كونه من الشيعة في مقابل قولهم عامي لا انه من خواصهم وكون المراد من العامي ما هو في مقابل الخواص لعله بعيد فتأمل.
ومنها قولهم قريب الامر وقد اخذه أهل الدراية مدحا ويحتاج إلى التأمل.
ومنها قولهم ضعيف وترى الأكثر يفهمون منه القدح في نفس الرجل ويحكمون به بسببه ولا يخلو من ضعف لما سنذكر في داود بن كثير وسهل بن زياد وأحمد بن محمد خالد وغيرهم.
وفى إبراهيم بن يزيد جعل كثرة الارسال ذما وقدحا وفي جعفر بن محمد بن مالك الرواية عن الضعفاء والمجاهيل من عيوب الضعفاء وفي محمد بن الحسين بن أبي عبد الله روى عنه البكري والبلوى رجل ضعيف إلى قوله مما يضعفه وفي جابر روى عنه جماعة غمز فيهم آه إلى غير ذلك ومثل ما في ترجمة محمد بن عبد الله الجعفري والمعلى بن الخنيس وعبد الكريم بن عمرو والحسن بن راشد وغيرهم فتأمل.
مخ ۲۰