وأما طعام البدن الهيولاني الذي هو آلة أدوية لما هو الانسان حقيقة في تحريكاته وتصريفاته ما دامت له هذه الحياة الظاهرية البائدة من الأغذية الجسمانية والأطعمة الجرمانية، فربما يسند إليه بالعرض وبالمجاز العقلي إذ لم يعتبر في صحة الاتصاف بالعرض وتسويغ التجوز العقلي في الاسناد كون المسند إليه مما من شأنه في حد ذاته أن يتصف بالذات بذلك الوصف المسند إليه بالعرض.
ومن ثم يقال على التجوز العقلي أنا جالس وأنا متحرك على علم يكمون المعبر عنه بأنا هو النفس المجردة التي هي وراء إقليم القيام والقعود والحركة والسكون، فاما إذا اعتبر ذلك على ما عليه السواد الأعظم من رؤوساء العلوم العقلية فلا يتصحح الاسناد بالعرض من غير تسامح وتوسع الا فيما لا يكون خارجا عن الجنس، كما في أسناد حركة السفينة إلى جالسها اسنادا بالعرض لاعلى سبيل التوسع والتسامح.
فاذن ان سير إلى المسلك المتوسع فيه صح في تأويل قول الله الكريم وتفسيره حمل طعام الانسان المأمور بالنظر إليه على الأعم من الجسماني الذي هو طعام بدنه والروحاني الذي هو طعام جوهر ذاته وإن كان الأخير أبلغ وأولى وبالاعتبار أحق وأحرى، وان صير إلى المذهب الحق المعتبر على جادة الحقيقة لامن سبيل التوسع تعين الحمل على الأخير الذي هو الحق المحقوق بالاعتبار لاغير، فلذلك نص عليه مولانا أبو جعفر الباقر عليه السلام بالتعيين، فليتعرف وليتبصر.
ومن الحديث في هذا الباب: اغد عالما أو متعلما ولا تكن أمعة (1).
قال ابن الأثير في النهاية: الإمعة بكسر الهمزة و (تشديد) الميم الذي لا رأي معه، فهو تابع كل أحد على راية، والهاء فيه للمبالغة، ويقال فيه إمع أيضا، ولا يقال للمرأة أمعة، وهمزته أصلية لأنه لا يكون أفعل وصفا، وقيل: (هو الذي) يقول لكل أحد أنا
مخ ۱۴