إِذَا وَتَرْتَ امْرَءًا فاحْذَرْ عَدَاوَاتَهُ ... مَنْ يَزْرَعِ الشَّوْكَ لَا يَحْصُدْ بِهِ عِنبَا
وَلَو قَال قَائِلٌ: إِنَّ قَوْلَهُ: "وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَاله" مِنَ المُتَعدِّي إِلَى وَاحِدٍ، وإنَّه مِنْ بَابِ قَوْلهِمْ: سَفِهَ نَفْسَهُ وَغَبِنَ رَأْيَهُ مَا كَانَ بَعِيْدًا؛ لأنَّ الوترَ يُسْتَعْمَلُ في جَمِيع أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وإِنْ كَانَ أَصْلُهُ القَتْلَ.
وأَهْلُ البَصْرَةِ يَنْصِبُوْنَ هَذَا عَلَى تَقْدِيْرِ سُقُوْطِ حَرْفِ الجَرِّ كَأَنَّه قَال: سَفِهَ فِي نَفْسِهِ، وغَبِنَ فِي رَأْيِهِ، فَيَكُوْنُ التقدِيْرُ عَلَى هَذَا: فَكَأَنَّمَا وُتِرَ في أَهْلِهِ وَمَالِهِ.
وَالكُوْفِيُّوْنَ يَنْصِبُوْنَ عَلَى التَّمْيِيزِ، والتَّمْيِيزُ عِنْد البَصْرِيِّيْنَ لا يَكُوْنُ مَعْرِفَة.
وَالوَجْهُ الَّذي بَدَأْتُ بِهِ أَحْسَنُ عِنْدِي. وفَسَّرَ أَبُو عُبَيْدٍ هَذَا الحَدِيْثِ في "غَرِيْبِهِ" فَقَال (١): قَال الكِسَائيُّ: هُوَ مِنَ الوترِ، وَهُوَ: أَنْ يَجْنِيَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ جِنَايَةً، يَقْتل لَه قتِيْلًا، أَوْ يَذْهَبُ بِمَالِهِ وأَهْلِهِ، فَيُقَالُ: قَدْ وَتَرَ فُلانٌ فُلانًا أَهْلَهُ ومَالهُ.
[قَال أَبُو عُبَيْدٍ]: يَقُوْلُ: فَهَذَا الَّذِي فَاتَتْهُ صَلاةُ العَصْرِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي قَدْ وترَ فَذُهِبَ بأَهْلِهِ وَمَالِهِ. قَال أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَال غَيْرُ الكِسَائِيِّ: وترَ أَهْلَهُ وَمَالهُ، يَقُوْلُ: