تعبيريتوب په شعر، کيسه او تياتر کې
التعبيرية في الشعر والقصة والمسرح
ژانرونه
ويساق الابن مكبلا بالحديد إلى أبيه، ويحاول رجل الشرطة - وهو الوالد الرحيم الذي يحمد السماء على نعمة الأبناء التي تهبها دائما للآباء بغير استحقاق - يحاول عبثا أن يقنع الأب بأن للأبناء حياتهم التي تختلف عن حياة الآباء. ولكن الأب يصر على حقه في القيام بواجبه نحو ولده العاصي، كما يصر على أن هذا الواجب يقتضيه أن يعامله بمنتهى الشدة والقسوة حتى يمنعه من السقوط وينقذ اسمه من العار.
ويؤتى بالابن ليقف في حضرة أبيه فيواجهه مواجهة الند للند. إنه لم يعد يخاف من السوط الذي يقلبه الأب بين يديه؛ لأنه يضع يده في جيبه ويلمس المسدس الذي أعطاه له الصديق وحشاه أيضا بالرصاص! لم يأت الابن ليسمع من أبيه القاسي موعظة الأخلاق، بل ليتحداه ويخبره بأنه قضى ليلته مع امرأة، وأنه لم يأت إليه كما كان طفلا ذليلا يتحمل تعذيبه وضربات سوطه، بل جاء ليعلن إليه أن ثورة الأبناء قد بدأت، وأنه هو الذي بدأها بالأمس في خطبته الرهيبة التي تحدثت عنها الصحف؛ ولذلك فهو يطلب منه أن يطلق حريته، ويحله من رباط الأبوة الذي لم يربطه به أبدا. أما عن ماله فهو يعلن زهده في الميراث ويوصي به للفقراء. ويستجيب الأب، ويخبره في قمة يأسه وغضبه أنه لم يعد ابنه، ويقذف السوط أمامه؛ لأنه لم يعد يستحق أن يلمسه، ويخبره بأن يستطيع أن يذهب. فإذا سأل الابن إن كان قد أصبح حرا أجابه بأنه سيصبح كذلك، ولكن بعد أن يقضي سنة كاملة تحت إشرافه وسلطانه، حتى يحمي الإنسانية من شره. ويطرده من أمامه، فيأمره الابن ألا يتحرك من مكانه؛ لأنه أغلق الحجرة ووضع مفتاحها في جيبه! ويحاول الأب أن يستنجد بالشرطة عن طريق التليفون فيسدد الابن المسدس إلى صدره وهو يقول كلمة واحدة معناها: الموت. ويبدأ صراع صامت يستمر لحظات خاطفة، قبل أن تنهيه طلقة يسقط الأب على أثرها جثة هامدة. وتدخل المربية الحبيبة فتكتشف جثة الأب وترى شبح المحبوب ذاهلا على كرسيه. ويدور بينهما حوار شعري يفاجئنا بهدوئه وبروده وعذوبته. ونسمع الصديقة الوحيدة التي تواسي صديقها المسكين وهو يخطو إلى الحياة والنجوم فوق جثة لم يعد يربطه شيء بصاحبها. ويسلم نفسه للعدم والفراغ المخيف بعد أن تحدى الموت واتحد بالحياة ... ويمد يده إلى صديقته ويسيران خطوات قبل أن يفترقا ويخرج كل واحد من باب، تاركين الأب الميت وراءهما ...
النهاية
هذه هي نهاية رحلتنا القصيرة في بستان التعبيرية الذابل، أو في قصرها الجميل المهجور. لم تكن رحلة بين روائع الأدب والفن الخالد، بقدر ما كانت نزهة في أرض منسية أو شبه منسية، كشفت لنا عن أسماء وأعمال ليست كلها جديرة بالنسيان. لقد سبحنا معا في قاربنا الصغير، فوق أمواج صاخبة من التجارب والمحاولات الفنية. وعرفنا كيف كانت بالغة الأثر على الحركات الفنية التالية، وكيف سقطت ضحية قدر مظلم اسمه الحرب والطغيان. حقا إن التعبيرية لم تقدم الروائع الخالدة في الفن كما قلت، ولكنها نفخت في روح العصر طاقة ثورية هائلة لم يزل لها صداها إلى اليوم. لقد أضرمت في ذلك الجيل نار الثورة التي هدأت قليلا ولكنها لم تنطفئ، ودفعته إلى الاحتجاج على كل سلطة في الفن والسياسة، وأيقظت فيه الشوق إلى حلم الإنسانية الأكبر؛ شوقها لعالم يحيا الناس فيه إخوة، متحررين من الخوف والقسوة والظلم والاستغلال ... وها هي ذي ثورة الاحتجاج تندلع من جديد في هذه الأيام: ثورة الشباب الأوروبي على كل سلطة ونظام، وثورة الفن والشعر والمسرح على القواعد والتقاليد الموروثة، وثورة الفقراء والزنوج والعرب على آلهة الحرب والمال والاستعمار. وكلها تهدف إلى خلق عالم جديد وإنسان جديد طالما نادى به التعبيريون في شعرهم ومسرحهم وفنونهم، وتعذبوا وتشردوا وجاعوا وضحوا من أجله بحياتهم في السجون وميادين الحرب وعلى أرصفة الشوارع، أو بالانتحار الذي ختم به عدد غير قليل منهم حياته. صحيح أنهم لم يستطيعوا وقف كارثة الحرب ولم يصمدوا في وجه البرابرة الشقر، ولكن متى كانت البراءة قادرة على مواجهة الشر؟ وأين استطاع أصحاب القلم أن ينتصروا على أصحاب السلاح؟ وماذا جنى الأدباء والفنانون من حياتهم وتعبهم غير الثمر المر؟ ... ومع ذلك فإن ثورتهم لم تضع عبثا، وصدقهم وحماسهم وصراخهم لم تكن هباء. وإذا كانت حركتهم قد تعطلت في مرحلة زمنية معينة فإنها في الحقيقة لم تتوقف، وإذا كانت شعلتهم قد خبت في العشرينيات، فإن نارها ظلت حية تحت الرماد. وها هي ذي اليوم تتخذ أشكالا فنية وسياسية واجتماعية جديدة أكثر إيجابية، وتتوهج في كل مكان معلنة عن مشرق فجر جديد يطلع على الإنسانية الحديدة التي طالما حلموا بها وعانوا من أجلها.
لا شك أنهم ليسوا هم وحدهم الذين نفخوا في هذه النار، وليسوا وحدهم الذين رووا شجرة الحرية التي تشرئب الآن في الأفق وتقاوم كل الآفات والحشرات. ولكن من واجب الأبناء أن يذكروا الآباء. ومن واجب الذين يتدفئون بالنار المقدسة أو يستظلون بالشجرة الطاهرة أن يتذكروا أولئك الذين شاركوا بجهدهم في رفع الشعلة وري الشجرة. ويكفي التعبيريين أنهم استطاعوا - على مدى عشرين عاما أو أقل - أن يحركوا الضمير الأوروبي، ويزلزلوا كثيرا من القيم العتيقة، ويمهدوا الطريق - بصورة مطلقة وعاطفية حقا - لأشكال من الثورة والاحتجاج أكثر إيجابا وفاعلية، ويؤثروا على عدد من التيارات التي نعرفها اليوم في القصة والرواية والشعر والمسرح الشاعري والملحمي والتسجيلي ومسرح العبث والطليعة، وإذا كانت معظم أعمالهم الفنية قد أصبحت الآن جزءا من تراث الأدب وتاريخه الحديث، فقد بدءوا شيئا لم ينته بعد، وبثوا أنفاس الحياة في أفكار لم تمت حتى اليوم. وإذا كانت معظم هذه الأعمال تتسم بشيء غير قليل من الفوضى والاضطراب في الشكل والخطابية التي تستهدف التأثير المباشر، فإن المسئول عن ذلك في المقام الأول هو فوضى الحياة التي عاشوا في ظلها، وانهيار القيم والمثل الإنسانية في عصرهم. لقد ظلوا في أعمق أعماقهم ضحايا وحيدين ممزقين مهزومين ثائرين. وحاولوا بكل ما فيهم من عنف الشباب وبراءته أن ينفخوا في رماد العصر ليحيوا جمراته المنطفئة، ويحذروا الأجيال المقبلة من المصير المخيف في عالم خلا من المعنى والقيمة والإيمان، وسيطرت على أقداره حفنة من الجلادين والمشعوذين ورجال المال والأعمال. وإذا كان العالم لم يستمع لهذا النذير، ولم يتعلم من دروس حربين عالميتين وحروب أخرى صغيرة، فيكفيهم - وهم الأدباء والفنانون قبل كل شيء - أن يكونوا قد قدموا الدليل على حيوية الفن وقدرته على بعث الإنسان وتأكيد حقه المقدس في الرفض والتمرد، وشوقه المشروع إلى عالم أفضل وأسعد.
المصادر
فجر الإنسانية، وثيقة الحركة التعبيرية. وهي مجموعة شعرية نشرها كارل بنتوس سنة 1920، ثم أعيد طبعها سنة 1959 في دار نشر روفولت، هامبورج، 383 ص.
صرخة واعتراف، المسرح التعبيري. وهي مجموعة مختارة من المسرحيات التعبيرية نشرها وقدم لها كارل أوتن، دار نشر هرمان لخترهاند، برلين 1959، 1012 ص.
مسرح التعبيرية الألمانية (وتضم ست مسرحيات لفيدكند وإلزه لاسكر - شيلر وجورج كايز وإرنست بارلاخ ورينهارد جيرنج وهانز هيني يان) نشرها يواخيم شوندروف وقدم لها باول بورتنر، لانجن مولر ميونيخ، 1962، 440 ص.
قصائد وقطع نثرية، لجورج هايم، نشره هانز راوشنج، سلسلة كتب فيشر، 1962، 166 ص.
ناپیژندل شوی مخ