خواړه په پخواني نړۍ کې
الطعام في العالم القديم
ژانرونه
وهو أيضا مؤلف موسوعي، مثل بلينوس وإلى حد ما جالينوس، وعمله هو الأقرب شبها بموسوعة «لاروس جاسترونوميك» أو «دليل أكسفورد للطعام» الذي تحقق في العالم القديم. وإذا لم يكن قد استخدم الترتيب الأبجدي بانتظام، فإن جالينوس أيضا لم يستخدمه مثلا في كتيبه الذي يتناول العقاقير «عن العقاقير النباتية البسيطة».
يمنح أثينايوس شخصياته من المتحدثين صفات بلاغية؛ فمنهم الفلاسفة الكلبيون الجائعون، والفقيه القانوني ألبيان الذي يميل لاستعراض ثقافته. وتخفف من مادة الكتاب الحوارات الظريفة المأخوذة من المسرح الكوميدي ومن المجادلات الفلسفية الشائعة. وتتيح المجادلات تقديم آراء متعارضة؛ ومن ثم، من المهم أن يقتبس أثينايوس من قصيدة «حياة الترف» لأركستراتوس الجيلي (نسبة إلى مدينة جيلا)؛ إذ تذكر هذه القصيدة الكثير من الأسماك من أماكن عديدة (وهي ذات أهمية كبرى للجزء السابع من كتاب أثينايوس). والقصيدة مذكورة أيضا في بداية كتاب «مأدبة الحكماء»، وهي من ناحية ما عمل خلاق في مشروع أثينايوس، ولكن في الوقت نفسه يوصي أثينايوس بالجشع والترف، وهو ما يتعارض مع المبادئ الأخلاقية المعلنة لأثينايوس ولارنسيس؛ ولذلك، كثيرا ما يبدأ المؤلف الحديث عن أركستراتوس بتعليق ساخر ويربطه بالفيلسوف إبيقور الذي يعتقد أنه يتبع مذهب المتعة، أو يقارنه بالفيلسوف المتقشف هسيود، بل يقتبس أيضا من أعماله على لسان خريسيبوس الفيلسوف الرواقي المعادي له.
وإذا كان موقف أثينايوس تجاه أركستراتوس لا يفهم بوضوح، فتارة يروج له وتارة أخرى يشوه سمعته، فماذا عن طبيعة علاقته بلاينسيس المضيف العظيم الذي يقدم كل المآدب؟ موائد لارنسيس معروفة بفخامتها، ويبدو أنه قد أحرز النجاح الذي أصابه الملوك الهلنستيون الذين احتفى بهم أثينايوس في الجزء الخامس من كتابه، وكذلك النجاح الذي أصابه كارانيوس وأنطيوخوس والملوك البطالمة الذين تحدثنا عنهم في الفصل الثاني. ولكن في مواضع أخرى من الكتاب (خصوصا في الجزء الثاني عشر)، يعقب الترف والفخامة حدوث انهيار، ويبدو أن أثينايوس يشترك في بعض الأفكار المبهمة التي يتسم بها فن الهجاء الروماني. فهنا روما - الواقعة في مركز إمبراطورية عالمية - التي يمكنها جذب كل شيء إلى أسواقها وإلى موائدها، ويستفيد الكثير من المواطنين. ويمتدح إيليوس أريستيديس قوة روما (26، 11-13)، بالطريقة نفسها التي امتدح بها الشاعر الهزلي هيرميبوس أثينا في عصر بريكليس.
يكتب هيرميبوس (الشذرة 63):
أخبريني الآن، يا ربات الإلهام ... كل النعم ... التي جلبها (ديونيسوس) إلى رجاله هنا في سفينته المشئومة؛ إذ جلب من قوريني سيقان السيلفيوم وجلود الثيران، ومن مضيق الدردنيل أسماك الماكريل وكل أنواع الأسماك المجففة المملحة، ومن ثيساليا أيضا سجق اللحم البقري وضلوع لحم البقر ... ويأتي أهل سيراقوسة بالخنازير والجبن ... ويجلب من سوريا البخور.
ويذكر بعد ذلك المزيد من مباهج جلسات الشراب (راجع ويلكنز 2000).
وهذه نعم جليلة، ولكنها أيضا مصدر للهم؛ إذ تؤدي إلى وصول الثروة والمآدب الفاخرة إلى القلة، وغالبا ما تكون هي القلة التي تضم حقراء من أمثال تريمالكيو أو ناسيدينوس. ويخلو كتاب أثينايوس من أي انتقادات صريحة للمضيف العظيم لارنسيس، ولكنه يحفل بالمضمون الأخلاقي، ومن أهم عناصره الحكايات الكثيرة التي يهجو فيها أشخاصا معروفين بعادات سخيفة في الأكل، وهو هجاء مأمون الجانب لأن الشخصيات التي يهجوها من الماضي البعيد.
ومع وجود هذه المسحة الأخلاقية في أعمال أثينايوس، فإنها تتسم أيضا برغبة شديدة في جمع قدر هائل من المعلومات ذات الصلة المتعلقة بأي شيء قد يكون موضع خلاف، مثل التين أو لعبة «كوتابوس». ويستمد أثينايوس ورفاقه مادتهم الأدبية من مجموعة متنوعة من الأعمال، مثل الأعمال الأدبية (هوميروس أو المسرح الكوميدي، مثلا) والأعمال التاريخية والأعمال المتخصصة التي ألفها علماء نبات أو أطباء، ومجموعة متنوعة من الدراسات الخاصة؛ على سبيل المثال: تقارير مفصلة عن مدن في آسيا الصغرى، ودراسات تتناول مللا دينية وأسماكا وأكاليل. إن كتاب «مأدبة الحكماء» يشهد بطريقة لا يضاهيه فيها إلا «قاموس أكسفورد الكلاسيكي» أو الموسوعة التي ألفها الألماني بولي فيسوفا (1894)؛ على التنوع الشديد الذي كان يميز الأدب والكتابات المتخصصة في العصور القديمة. وكل هذه العناصر يطرحها أثينايوس ورفاقه من الحاضرين على مائدة المأدبة، وكل مادة الكتاب تناسب جلسة الشراب؛ ومن ثم، يتحدث حاضرو المأدبة عما يفعلونه، ونظرا لأنهم موجودون في روما - وليس في اليونان - نلاحظ أن ثمة دمجا بين القسم المخصص لمأدبة الطعام والقسم المخصص لجلسة الشراب. لقد أنشأ أثينايوس موسوعة عن مائدة الطعام، وهي تطرح - شأنها شأن سائر الموسوعات - أسئلة شائكة عن المبادئ التنظيمية، وعن الحدود الفاصلة بين المواد المناسبة والمواد غير المطلوبة. ويغلب على الكتاب الأسلوب التحريري الخفيف الظل، وذلك مقارنة بغيره من مؤلفي الهجاء؛ ومن ثم، فإننا نجد بدلا من تريمالكيو مضيفا يشبه الملوك الهلنستيين. وبوسع الرومان فعل هذا، ما داموا يعيشون في مركز العالم المعروف آنذاك، وما داموا - كما يقول أثينايوس - يجذبون كل شيء إلى روما . راجع الفصلين الثاني والسابع؛ فروما أصبحت النسخة الجديدة من مصر، أغنى بقاع الأرض. ولكن الرومان لا يزالون في حاجة إلى فهم ماضيهم الإغريقي الروماني، ولا يزالون في حاجة إلى إدراك ثروات الشرق الإغريقي ؛ ومن ثم، تقدم إليهم دراسة موسوعية عن بلدان البحر المتوسط؛ فهي موسوعة عن الطعام والشراب، وهي مكتوبة في 15 مجلدا أو لفائف بردي، يتسنى لأثينايوس إخراجها وتلاوتها واحدة تلو الأخرى أثناء المأدبة؛ وبهذا يتسنى لصديق أثينايوس تيموكراتيس - الموجه إليه الكتاب - أن يلاحظ تنوع المطبخ الإغريقي والثقافة الأدبية الإغريقية وثراءهما كما يقدمهما حاضرو المأدبة من العلماء من خلال أصناف الطعام المتوالية. وهكذا من الممكن أن يتأمل أثينايوس وتيموكراتيس ولارنسيس والآخرون - ومعهم نحن؛ قراء «مأدبة الحكماء» - القيم والخواص المشتركة بين اليونان وروما، ويمكننا أيضا أن نتأمل باستياء الموائد الفاخرة في روما، التي تتعارض تماما مع الحياة البسيطة التي يرى حاضرو المأدبة فيما يبدو أن هوميروس - وهو «القدوة» فيما يبدو التي يحتذى بها في جلسات الشراب - كان يروج لها في ملاحمه (راجع ما ورد سابقا في هذا الفصل).
وكثيرا يكون من دواعي الارتياح أن كتاب أثينايوس يحفل بالكثير من الإشارات إلى أعمال هوميروس، ما دام الكثير من المؤلفين الذين يقتبس من أعمالهم ليسوا من بين المؤلفين القدماء المعترف بهم، ولا حتى من الأسماء المعروفة. ويبدو أن أثينايوس أحيانا يتعمد الاقتباس من مؤلفين مثل أركستراتوس وماترو، وليس أريستوفان وثوسيديديس؛ ولكن من المهم أن نقر بأن أثينايوس يعتبر أن الأعمال المعترف بها مقروءة؛ فقراؤه لديهم إلمام بأعمال هيرودوت وبوليبيوس وسوفوكليس وبلوتارخ. ويرى أثينايوس أن مهمته هي استخلاص كل إشارة إلى الطعام والشراب في أعمال هؤلاء المؤلفين المعترف بهم، وإضافة كل تلك الإشارات المأخوذة من أعمال مؤلفين طواهم النسيان في غياهب المكتبات، وصياغة كل هذه المواد في قالب يصور هوميروس بصفته القدوة لكل ما هو إيجابي، ويصور أفلاطون بصفته يمثل القطب السالب. ويسري أسلوب هزلي مرح في الحوار بين حاضري المأدبة من العلماء، ويلاحظ في بعض المواضع التأكيد على قيم رومانية أساسية (الموروثات في نهاية الجزء السادس، والزواج في بداية الجزء الثالث عشر). ولا نجد أي معنى حقيقي في الكتاب يفيد أن لارنسيس معرض لخطر شديد بسبب ثرائه وما يتوافر له من أسباب الترف. وبحسب تعبير جوسيبي زيكيني، فإن أثينايوس يظن فيما يبدو أن لارنسيس محصن بطريقة ما ضد مثل تلك المخاطر.
لن يجد أي دارس جاد للطعام في الثقافتين الإغريقية والرومانية خلاصات وافية من الأدلة أفضل من أعمال جالينوس وأثينايوس. فضلا عن ذلك، فإن هذين المؤلفين - وكذلك بلوتارخ وبلينوس - يقدمان لمحة عامة فريدة من نوعها عن السمات الفارقة بين العادات الإغريقية والرومانية في تناول الطعام، وعن المزج الشامل بين تلك العادات.
ناپیژندل شوی مخ