خواړه په پخواني نړۍ کې
الطعام في العالم القديم
ژانرونه
ترسخ قصص تطور الحضارة ووصول الأطعمة الأساسية هذه مبادئ أساسية معينة؛ فلا يمكن انتزاع الطعام من الأرض إلا ببذل مجهود كبير في العمل الزراعي. ومن الصعب النجاح دون مساعدة إلهية، ولكن تلك المساعدة تمنحها الآلهة على مضض، وفقط بشروط صعبة. وليست الأطعمة المستوردة الوافدة إلى اليونان وإيطاليا من سمات التجارة في تلك الفترة التاريخية فحسب، بل أيضا من سمات الأساطير التي تعود إلى أقدم العصور. وتجلب التطورات التي تطرأ على الطعام والثقافة الفوائد والمشاكل معا، وتصبح المشاكل محتومة بالطبع إذا انتشر النمط الفكري الذي تقوم عليه أسطورة بروميثيوس برؤية هسيود، وهو أن البشر كانوا يعيشون في وئام مع الآلهة قبل تلك الوليمة المشئومة. (4-1) قصص ذات قالب علمي وشعري عن التطور البشري
يقدم أبقراط في كتاب «الطب القديم» قصة مفيدة عن تطور الطب (3):
لم يكن ليكتشف الطب في بادئ الأمر، ولم تكن لتظهر أي أبحاث - إذ لم تكن ضرورية - لو لم يختلف النظام الغذائي والطعام والشراب المخصص للمرضى عن النظام الغذائي والطعام والشراب المخصص للأصحاء، ولو لم تظهر خيارات أفضل من هذه الخيارات. ولكن في واقع الأمر، حتمت الضرورة ذاتها على البشر أن يبحثوا ويكتشفوا فن الطب؛ لأن المرضى لم يكونوا يستفيدون من الطعام نفسه الذي كان يستفيد منه الأصحاء، ولا يستفيدون منه الآن. ومن وجهة نظر أبعد، لا أرى أن النظام الغذائي المستخدم الآن للأصحاء كان سيكتشف إذا كان يكفي أن يأكل البشر ويشربون نفس ما تأكله وتشربه البقر والخيول وكل الحيوانات فيما عدا الإنسان، مثل نباتات الأرض والفواكه والخشب والعلف؛ إذ إنها تحصل على التغذية من هذه الأطعمة وتنمو وتعيش حياة تخلو من الآلام، دون أن تحتاج لأي أنظمة غذائية أخرى. والآن، أرى أن البشر كانوا يعيشون في البداية على طعام من هذا النوع، أما أسلوب حياتنا الآن، فقد اكتشفه السابقون وعدلوا منه، وما زال آخذا في التطور على مدى مدة زمنية طويلة، كما يخيل إلي؛ فكم عانوا من منغصات جمة بسبب هذا النظام الغذائي الشديد والبهيمي ، وبسبب أكل الأطعمة النيئة والخالصة ذات القوى الهائلة. وكان من الممكن للناس الآن أن يعانوا من متاعب مشابهة بسبب هذه الأطعمة، وأن يتعرضوا لألم شديد ويصابوا بالمرض، ويموتوا سريعا أيضا. من المرجح أنهم كانوا يتعرضون آنذاك لمعاناة أقل وطأة بسبب هذه الأطعمة لأنهم كانوا معتادين عليها، ولكنهم كانوا يتسمون بالعنف آنذاك أيضا. من المنطقي أن نفترض أن معظمهم ماتوا، وخصوصا ذوي البنية الضعيفة منهم، بينما صمد ذوو البنية الأقوى لمدة أطول؛ لذلك أصبح البعض الآن يتناول الأطعمة القوية بسهولة، بينما يواجه آخرون بسببها آلاما ومنغصات شديدة؛ ولهذا السبب، يبدو لي أن القدماء بحثوا عن طعام يناسب طبيعتهم، واكتشفوا الطعام الذي لدينا حاليا؛ لذلك كانوا ينقعون القمح فيحصلون على الحبوب، ويغربلونها ويطحنونها وينخلونها ويعجنونها ويخبزونها، فيحصلون على الخبز، وكانوا يصنعون من الشعير كعكة الشعير. وأخذوا يطبقون الكثير من الإجراءات الأخرى على هذه الحبوب ويسلقونها ويخبزونها ويخلطونها، مازجين الأطعمة الخالصة واللاذعة مع الأطعمة الخفيفة، ومعدلين كل شيء بما يلائم الطبيعة البشرية والقدرات البشرية.
يتتبع المؤلف التابع لمدرسة أبقراط أحد نماذج التقدم ويبني تقدم العلم الطبي على التطور الضروري للجنس البشري؛ حيث إنه ينفصل عن جيرانه الحيوانات من خلال نظامه الغذائي؛ وهذا هو النموذج المعاكس للانحطاط من العصر الذهبي الذي ناقشه هسيود وغيره، ممن كانوا يرون أن العمل والمهارات هي الشرور الضرورية المفروضة على البشرية، حين فرض زيوس عليهم الاحتياج وقلة الحيلة.
ويمكننا أن نقارن هذه القصة التي تحكي عن تطور الحضارة بالنسخة الهزلية منها الواردة في مسرحية ألفت في فترة لاحقة، وهي الشذرة 1 من مسرحية «السامثراكيون» من تأليف أثينيون. وفيها يدعي أحد الطهاة أن مهنته ساعدت على الارتقاء بالبشرية من الوحشية والهمجية إلى الحياة المتحضرة وحسن السلوك: «بسبب المتع التي ظللت أتحدث عنها، كف الكل عن التهام جثة، وقرروا أن يعيش بعضهم مع بعض، وتجمع الناس وسكنوا المدن، وكل ذلك بسبب فن الطاهي، كما أسميه» (السطور 34-38، اقتبسها أثينايوس 14، 661).
يرد النموذج المعاكس للنموذج الذي ناقشه المؤلف التابع لمدرسة أبقراط على نحو منتظم في الشعر الروماني، ويتبع هذا النموذج النمط الذي تحدث عنه هسيود بخصوص الانحدار من عصر ذهبي. ونجد صيغا لافتة من هذا النموذج في قصيدة «مسخ الكائنات» (الجزء الأول) للشاعر أوفيد، وفي قصيدة «عن طبيعة الأشياء» (الجزء الخامس) للشاعر والفيلسوف لوكريتيوس.
كانت الأرض نفسها - دون إكراه ودون أن يمسها معول أو يغضن وجهها محراث - تنتج كل شيء من تلقاء نفسها، وكان الناس راضين بالأطعمة التي كانت تخرجها الأرض دون زراعة، وكانوا يجمعون ثمار التوت والفراولة (الفريز) الجبلية والكرز البري والتوت الأسود التي كانت تلتصق بشجيرات العليق الشائكة، أو يجمعون ثمار البلوط المتساقطة من شجرة البلوط ذات الأغصان الوارفة التي خلقها جوبيتر ... وبعد مدة طويلة، أصبحت الأرض تنتج الذرة أيضا - دون أن تحرث - وابيضت الحقول المحروسة بفعل كيزان الذرة الثقيلة، ثم تدفقت أنهار الحليب وأنهار الرحيق، وتقطر العسل الذهبي من شجرة البلوط الخضراء. (أوفيد 1، ترجمه إلى الإنجليزية: إنيس)
يصف لوكريتيوس في قصيدته «عن طبيعة الأشياء»، الجزء الخامس - وهي دراسة لأصل الكون في قالب شعري بحسب تعاليم إبيقور - البشر وهم يتجولون مثل الحيوانات البرية، ويقتاتون على الفواكه والتوت، ويحصلون على الماء من الأنهار، ولا يعلمون شيئا عن النار.
وهذه هي أساطير الحضارة، كما تصورها الإغريق والرومان. وهذه الأساطير ليست متضاربة تماما مع بعض جوانب قصصنا العلمية الراهنة؛ إذ نجد أن أعمال أوفيد ولوكريتيوس تشمل مجتمعات الصيد وجمع الثمار الأولى في تاريخ البشرية، بينما نجد أن نقل التقنيات الزراعية إلى البلدان المطلة على البحر المتوسط من الشرق الأدنى تتحدث عنه أساطير ديونيسوس وتريبتوليموس.
كان الإغريق والرومان يختلفون عن غيرهم من شعوب البلدان المطلة على البحر المتوسط، وكانوا يرون أنفسهم مختلفين بأطعمتهم وعلاقتهم بالحيوانات والأرض، ومن حيث تطويرهم لنظام المدينة ذات الحكم الذاتي المستقل. وحظي التقدم إلى هذا المستوى الحضاري بالاحتفاء، كما في شذرة شهيرة مأخوذة من مسرحية «حاملات السلال» للشاعر الهزلي هيرميبوس (63)، تتخيل ديونيسوس على أنه قبطان سفينة تجلب كل الطيبات إلى أثينا لإقامة حفل عشاء وجلسة شراب (اقتباس من صفحة 274، ويلكنز 2000، الفصل الرابع ). أو كانت تصور الأطعمة التي وفدت بحرا على أنها تمثل مشكلة؛ فالبحر يجلب أشياء خطيرة من الخارج، ويتسبب في تعريض نقاء أهل البلاد للخطر؛ وهذا هو بالضبط رأي بلينوس (9، 53 ومواضع أخرى) إذ استعرض حالة الحضارة الرومانية في القرن الأول الميلادي.
ناپیژندل شوی مخ