خواړه په پخواني نړۍ کې
الطعام في العالم القديم
ژانرونه
الطهاة بطبعهم شخصيات ملتبسة. وتشمل الكلمة الإغريقية المكافئة لكلمة «طاه» - «ماجيروس» - تقريبا المهن الحديثة مثل الطاهي والقصاب، فضلا عن دور ذبح الحيوان لتقديمه كقربان؛ فمن ناحية، كانوا من الحرفيين المكلفين بأداء الأعمال المرهقة والمسببة للاتساخ، مثل ذبح وتقطيع الحيوانات وطهي اللحوم وغيرها من الأطعمة في أماكن مشبعة بالأبخرة والدهون. ومن ناحية أخرى، كان يرتبط وجودهم باللحم الذي كان يحظى بمكانة اجتماعية وأهمية دينية. في العالم القديم، كان من الوارد أن يكونوا من المنتفعين أو العبيد أو الحرفيين الماهرين الذين يستأجرون. في بريطانيا المعاصرة، من الوارد أن يكونوا من العاملين المكلفين بالشواء في الهواء الطلق ؛ ومن الوارد أيضا أن يكونوا من طهاة المطاعم البارعين. ونظرا لهذا الالتباس، نجد أنهم موجودون في عدد من الأماكن المختلفة، وتصورهم النقوش الأثرية وهم يقدمون القرابين في تجمعات دينية معينة (بيرثيوم 1982). وهم موجودون أيضا في حاشية الحكام الأقوياء؛ فكان هناك طهاة في فريق الموظفين التابعين لملك بلاد فارس وقادته العسكريين. ويعقد هيرودوت مقارنة لافتة بين العادات الفارسية والإسبرطية (9، 82):
حين رأى باوسانياس (خيمة خشايارشا)، والبسط الجدارية المطرزة المعلقة على جدرانها، وزخارفها الفضية والذهبية البديعة، استدعى الخبازين والطهاة الذين يعملون لدى القائد ماردونيوس وأمرهم بتحضير وجبة من نفس النوع الذي كانوا معتادين على تحضيره لمولاهم السابق؛ فلبوا أمره. وحين رأى باوسانياس الأرائك الفضية والذهبية مكسوة بأقمشة جميلة والموائد الذهبية والفضية وكل شيء مجهزا للوليمة بمنتهى الفخامة، لم يكد يصدق عينيه من مشهد الطيبات الموضوعة أمامه، وأمر خدمه على سبيل المزاح بإعداد وجبة عشاء إسبرطية متقشفة عادية. (ترجمه إلى الإنجليزية: دي سيلين كورت)
بالتزامن مع ذلك - على حد قول زينوفون - كانت تقدم البدع ومستحدثات الأمور إلى الملك الفارسي، حيث كانوا: «يسافرون (لأجل الملك الفارسي) في طول البلاد وعرضها بحثا عن مشروبات يستمتع باحتسائها، ويتولى أفراد شتى مهمة تحضير أطباق يستمتع بتناولها» (أجيسيلاوس 9، 3). وهكذا كان الملك يخدمه الطهاة في قصره الملكي، وحين كان على سفر، سواء أكان مع جيشه أم دونه. وكانت للفرس وجبات تختلف عن وجبات الإغريق، كما يوضح هيرودوت (راجع ما سبق).
من الصعب أن نجزم هل هذا يؤلف «أسلوب طهي مميزا» أم لا، ولكن حاشية الطهاة ساعدت قطعا في التعبير عن القوة الفائقة للملك. وحين اكتشف الإغريق الإمكانيات التي يقدمها الطهاة، هل أخذوا يأكلون «على الطريقة الملكية» أكثر، أم أخذوا يستعينون بخدمات المزيد من الطهاة؟ لا يوجد دليل واضح على أنهم فعلوا ذلك، على الرغم من ظهور قدر كبير من المناقشات الهزلية عن أن الطهاة أدخلوا «الترف» إلى المنازل.
ويعود فضل ظهور أحد أساليب الطهي الملكية المميزة إلى الإغريق في صقلية على الأرجح، ويشهد على عمل الطهاة في قصور الحكام المستبدين هناك كل من زينوفون وأفلاطون وأحد نصوص أبقراط (راجع الفصل الثاني). ويلاحظ بدء ظهور الطهاة في النصوص الهزلية الأثينية التي تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد؛ فهل هذا ينم عن وجود منافسة ملحوظة فيما بين أبناء الطبقة الراقية الأثينية لاستعراض الأحدث والأفضل في الطهي الحديث؟ ولا يتيح لنا الدليل أن نقر بهذا الرأي.
يدعي أحد المتحدثين في كتاب أثينايوس أن الطهاة كانوا عادة أحرارا قبل الحقبة المقدونية، وصاروا بعدها عبيدا. واستعان المقدونيون قطعا بالطهاة في القصر الملكي، وأخذوا بدورهم يصدرونهم إلى روما في القرن الثاني قبل الميلاد، وذلك فضلا عن كل وسائل الترف الأخرى التي كان كاتو وبوليبيوس يتبرمان منها في أعقاب غزو مقدونيا واليونان. وكان الطهاة والخبازون هم عوامل التأثير الأجنبية هذه، تماما كما كانوا في خيمة ماردونيوس. أما في روما، فيبدو أن الطهاة كانوا من العبيد، وهم يظهرون كعبيد قطعا في كتاب أثينايوس «مأدبة الحكماء» وفي كتاب بيترونيوس «عشاء تريمالكيو»، ويوصفون فيهما بأنهم من العبيد المهرة الملازمين لأهل المنزل، فيما يبدو.
إن الصلة بين الطهاة وكتب الطهي مثيرة للاهتمام. تقدم هذه الكتب إرشادات الطهي وتفترض وجود المهارات المطلوبة. ويهتم كل من ميثاكوس وأركستراتوس وأبيكيوس بمهارات الطهي، ولكن لديهم اهتمامات أخرى أيضا، كما سنرى. ولكن عند مناقشة تطور الطهي في البلدان الإغريقية الرومانية، نجد أن من الصعب أن نلاحظ نشوء أسلوب طهي مميز بطريقة منهجية. ولم يبق من كتابات ميثاكوس إلا قدر قليل لا يتيح لنا أن نحكم على أسلوبه في الطهي. يرفض أركستراتوس النكهات المركبة ويؤيد طهي الأسماك الطازجة ببساطة وأناقة، ويختلف عنه تماما أسلوب الطهي القائم على التوابل الغزيرة الذي يرد في كتابات أبيكيوس الذي يستخدم نكهات متعددة مشتقة من نباتات مستوردة ومحلية. وما تبقى من هذه الأعمال ومن أعمال أخرى لمؤلفين مثل باكساموس نادر ومتنوع إلى حد لا يتيح لنا وصف التطورات التي طرأت على فن تذوق الطعام. لا يأخذ الإغريق سمات ملحوظة عن بلاد فارس ومصر على نحو واضح، ثم ينقلونها إلى الرومان، بل يبدو أن روما تكيف العادات الإغريقية بحماس في هذا المجال كما هي الحال في مجالات أخرى كثيرة، ثم تكيفها لتناسب نظامها السياسي. من المتوقع أن تكون المآدب في روما فاخرة ومعبرة عن المنتجات الزراعية الوافدة من كل أنحاء الإمبراطورية، كما كانت الحال عند الملك الفارسي. وكان الطعام مهما كذلك لغرض التفاخر؛ فلا بد أن يكون وفيرا، أو لا بد أن يقوم مقام درع منيرفا («فيتيليوس» من تأليف سيوتونيوس) أو خنزير بري بعد قنصه («عشاء تريمالكيو» من تأليف بيترونيوس). ولكن لا يوجد أي اهتمام واضح بالخلاصات أو روعة النكهة، مثل اهتمام أركستراتوس. من المفترض أن القصر الإمبراطوري في روما يحتوي فيما يبدو على كل العناصر الضرورية لتوفير أسلوب طهي رائع، وذلك فيما عدا الاهتمام بحسن تمييز الطعام. ويبدو أن الفخامة والتباهي قد حلا محل الرقي والأناقة، وذلك على حد علمنا. (4) الروايات الأسطورية التي تفسر التطور الثقافي
ناقشنا الأدلة الملتبسة على تطور الطهي في اليونان أثناء ذلك العصر. لا شك أن الإغريق والرومان كانوا يؤمنون أن الطهي كان يرتبط ارتباطا وثيقا بالثقافة وتطور الحضارة، أيا كان الأسلوب الذي طبقوه فعليا. وكان الطعام في هذا النظام يضارع فيما يبدو أكبر أنظمة الطعام الأخرى في العالم، مثل أنظمة الطعام في الهند والصين اللتين تكونان أفكارا عن الطعام وتبنيان نظاما طبيا يستند إلى مكان الإنسان في الكون.
كانت الثقافة الإغريقية - والثقافة الرومانية (بعد إضافة تعديلات) - تدمج الطعام برؤيتها للعالم، وفي مرحلة مبكرة نسبيا عرضت روايات التطور الثقافي كيف انحدرت البشرية من عصر ذهبي كان الطعام متوافرا فيه تلقائيا؛ وعرض نموذج بديل كيف ارتقت البشرية من حياة بدائية همجية متدنية إلى حياة ثقافية راقية. وفيما يأتي أورد بعض الأمثلة على ذلك. وفي مرحلة مبكرة أيضا، ظهرت أساطير كانت تفسر وصول أطعمة مهمة معينة إلى اليونان وإيطاليا، ووصلت هذه الأطعمة بمساعدة الآلهة والأبطال الشعبيين. وأناقش هذه الأساطير أيضا أدناه. كانت الأساطير المهمة على وجه التحديد هي الأساطير التي تهتم بتعريف العلاقة بين البشر والحيوانات، مثل الأساطير التي تحكي عن هرقل الذي جلب الماشية إلى العالم الكلاسيكي القديم، وعن بروميثيوس الذي أنشأ نظام تقديم القرابين من الحيوانات إلى الآلهة. وكان الطهي يقع في صميم أساطير التطور هذه، وفي صميم النظام الطبي أيضا. وحين ظهرت نظرية للهضم وضعها أبقراط وغيره، نجد أن النموذج الذي أخذوا به كان فيما يبدو عبارة عن عملية طهي للطعام داخل الجسم، تعتمد على حرارة الجسم نفسه، وكانت عبارة عن وسيلة لتحويل الطعام إلى مواد مغذية للدم وللأنسجة الأخرى. وفي الفلسفة أيضا، نجد أن أفلاطون في كتابه «طيمايوس» يدمج تغذية الجسم في روايته عن خلق الكون والإنسان (راجع الفصل السابع).
قدم الإغريق والرومان عددا من القصص المختلفة عن تقدم البشرية، من البدائية أو حديقة عدن إلى التدخل الإلهي. والأمثلة التي سأقدمها هنا هي رؤية هسيود لأسطورة بروميثيوس، وهي عبارة عن قصيدة «ترنيمة إلى ديميتر» التي كتبها في فترة مبكرة، وقصة أسطورية ظهرت بعد ذلك عن وصول إله الخمر ديونيسوس إلى اليونان. وبالإضافة إلى هذه الروايات الأسطورية التي تصف كيف جلب الآلهة الحضارة، سنورد قصة علمية لمؤلف يتبع مدرسة أبقراط، وقصة أخرى تقوم على الوعظ الأخلاقي من كتابات أوفيد. وكانت التأملات القائمة على الوعظ الأخلاقي، التي تناقش تناول الطعام والشراب، منتشرة في العصور القديمة ولا بد من إدراكها بناء على حقيقتها.
ناپیژندل شوی مخ